قانون المسطرة الجنائية S6 PDF

قانون المسطرة الجنائية S6 PDF

ملخص شامل لمحاضرات مادة قانون المسطرة الجنائية S6 pdf
القانون الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تضبط فيها الدولة الافعال المجرمة وعقوباتها، وهو مايحمله مسؤولية التصدي لكل فعل مشين يؤدي إلى خلق اضطراب في الوسط المجتمعي.
محاضرات في قانون المسطرة الجنائية المغربي الفصل السادس – قانون الأعمال - 
الأستاذة : السعدية مجيدي

لتحميل قانون المسطرة الجنائية  pdf : اضغط هنا

محاضرات في قانون المسطرة الجنائية الفصل السادس

شرح قانون المسطرة الجنائية

التطور التاريخي لقانون المسطرة الجنائية
المرحلة الأولى : مرحلة النظام الاتهامي
ينبني النظام الاتهامي على اعتبار الخصومة الجنائية مجرد خصومة عادية ، على غرار الدعاوى المدنية أو التجارية
الجاني والمجني عليه يعتبران طرفان متساويان في الحقوق، يتولى الفصل بينهما ، قاض محايد، يكون بمثابة قاضي التوثيق 
خصائص النظام الاتهامي
العلانية
الشفوية 
الحضورية
سرية التحقيق


سلبياته :
يترك مصير الإتهام والدعوى في القضايا الجنائية إلى إرادة الأفراد العاديين؛
يكلف الضحية بمهام جمع الأدلة، لأن دور القاضي يقتصر على فحصها فقط، لذلك يسمى القاضي في هذا النظام) قاضي توثيق أو قاضي وثائق؛
يمكن للخصم في هذا النظام أو لأحد الأطراف إخفاء وثائق وحجج القضية التي يمكن ألا تكون في صالحه.

قانون المسطرة الجنائية المغربي تبنى نظاما مزدوجا بين النظام الاتهامي، و النظام التفتيشي؛ بحيث أنه تبنى النظام التفتيشي من خلال مرحلة البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي، وتبنى النظام الاتهامي من خلال مرحلة المحاكمة .

ملاحظة : يلاحظ أن مرحلة التحقيق الإعدادي يلامس بعض خصائص النظام التفتيشي والنظام الإتهامي في نفس الوقت .

أهمية قانون المسطرة الجنائية

أهمية قانون المسطرة الجنائية تتجلى في إقامته لتوازن حقيقي وفعال بين حق المجتمع في معاقبة المذنبين من أفراده، وحق الفرد في ضمان حريته التي لا ينبغي النيل منها إلا بمحاكمة عادلة، ويتحقق بأن يتوفر في قواعده: الوضوح وفي آماده + الاعتدال + حقوق الدفاع + استقلالية القضاء.
تتجلى أهمية قانون المسطرة الجنائية في ما يلي:
 قانون ضروري لحماية المجتمع؛
ضمان لحرية الأفراد ؛
قواعد قانون المسطرة الجنائية تعد من صميم النظام العام

ماهية الشرطة القضائية و مسؤوليتها

الشرطة القضائية إحدى الأجهزة التي أوكل إليها مشرع المسطرة الجنائية التثبت من الجرائم و جمع الأدلة عنها و إيقاف مرتكبيها،و هي بذلك أول سلطة تباشر عمليات البحث و التحري و الإيقاف و تقوم بأدوار و وظائف تمهيدية تسبق المحاكمة و إجراءات التحقيق الإعدادي.
تناول المشرع المغربي جهاز الشرطة القضائية و مهامها و كيفية قيامها بمختلف الإجراءات و البحوث التمهيدية
 في الباب الثاني من القسم الأول من قانون المسطرة الجنائية في المواد من16 إلى 35.

المبحث الأول:أصناف ضباط الشرطة القضائية

أصناف ضباط الشرطة القضائية

المبحث الثاني :اختصاص و مسؤولية الشرطة القضائية
المطلب الأول :اختصاص الشرطة القضائية
الإختصاص هو أهلية و صلاحية سلطة ما في النظر أو البت أو البحث في نوع محكمة مجموعة من القواعد و الأحكام.
الاختصاص المكاني *
- وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و نوابه.
قضاة التحقيق بالمحاكم الابتدائية 
يمارسون مهامهم واختصاصاتهم في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية.
- الوكيل العام لدى محكمة الإستئناف و نوابه.
- قضاة التحقيق بمحكمة الاستئناف
يمارسون مهامهم واختصاصاتهم في الدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف.
ينعقد الاختصاص المكاني وفق لثلاث ضوابط :
مكان ارتكاب الجريمة؛
محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكاب الجريمة؛
مكان إلقاء القبض على أحد هؤلاء الأشخاص أو تم هذا القبض لسبب آخر

بالنسبة لضباط الشرطة القضائيية العادييين
يمارس ض ش ق مهامه داخل الرقعة الجغرافية المعين بها لمباشرة عمله و التي غالبا ما تكون دائرة نفوذ محكمة الاستئناف   
يمكن أن يمارس مهامه في جميع التراب الوطني في الحالات التالية  :
التعيين قي مصلحة مركزية ( المديرية العامة للأمن الوطني ، القيادة العليا للدرك الملكي)
التعيين في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية 
حالة الاستعجال و عندما تقتضي ضرورة البحث التمهيدي 
طلب السلطة القضائية أو العمومية 
 يشترط ضرورة إشعار النيابة العامة المختصة مكانيا بهذا الإنتقال.
تنفيذ الإجراءات بحضور ض .ش.ق مختص مكانيا
الاختصاص النوعي
وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و نوابه.
قضاة التحقيق بالمحاكم الابتدائية 
يختص وكيل للملك ونوابه بالبحث في الجنح
و يختص قاضي التحقيق بالتحقيق فيها
- الوكيل العام لدى محكمة الإستئناف و نوابه.
- قضاة التحقيق بمحكمة الاستئناف
يختص الوكيل العام للملك ونوابه بالبحث في الجنايات 
و يختص قاضي التحقيق بالتحقيق فيها

الفصل الثالث : اختصاصات ض ش ق

المادتين 18 و 24 من ق م ج
التثبت من وقوع الجرائم و جمع الدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ؛
تلقي الشكايات و الوشايات و إجراء الأبحاث التمهيدية بشأنها؛
تنفيذ أوامر و إنابات قضاء التحقيق و أوامر النيابة العامة.
التلبس
" تتحقق حالة التلبس بجناية أو جنحة:
إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها؛
إذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها؛
إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل ، حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفصل الإجرامي أو وجد عليه آثارها أو علامات تثبت هذه المشاركة.
و يعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة ،ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة ، إذا التمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية معاينتها"
شروط التلبس :
أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس؛
أن تتوفر إحدى حالات التلبس الأربعة؛
أن تحصل المشاهدة من قبل ضابط الشرطة القضائية؛
أن تتم المشاهدة بصورة مشروعة.
 إجراءات البحث في حالات التلبس المواد 56 إلى 77 من ق.م.ج
الإنتقال الفوري لمسرح الجريمة للقيام بالمعاينات الضرورية و المفيدة؛
إشعار النيابة العامة ؛
إجراءات التفتيش؛
حجز الأدلة و المحجوزات و حمايتها؛
التحفظ على الأشخاص بمكان البحث؛
الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية.

اختصاصات أخرى موكولة للشرطة القضائية
إجراءات البحث التمهيدي " العادي"
الاستماع للاطرف 
تفادي انتزاع الاعتراف بالعنف وإلاكراه
تلقي الشكايات و الوشايات
الاعتقال و التفتيش
اجراءات التفتيش 
المبحث الثاني :اختصاص و مسؤولية الشرطة القضائية

مسؤولية الشرطة القضائية
مراقبة النيابة العامة لعمل الشرطة القضائية
أولا: مراقبة إجراءات التفتيش
ثانيا: مراقبة إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية
ثالثا: مراقبة المحاضر

صلاحيات النيابة العامة
أـ إرجاع الحالة في حالة الاعتداء على الحيازة إلى ما كانت عليه.
ب ـ رد الأشياء المحجوزة لمن له الحق فيها.
ج ـ الصلح  بين الخصوم.
 د ـ إيقاف سير الدعوى
ذ ـ السند التنفيذي في المخالفات.
ه ـ سحب جواز السفر و إغلاق الحدود.
و ـ التقاط المكالمات و الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد و تسجيلها و حجزها،
ي ـ إصدار أوامر دولية بإلقاء القبض.

إجراءات و مساطر تحريك الدعوى العمومية
خصائص النيابة العامة
كيفية ممارسة الدعوى العمومية  من طرف وكيل الملك
الفقرة الأولى : بالنسبة للمخالفات
السند التنفيذي  في المخالفات
الاستدعاء للجلسة

كيفية ممارسة الدعوى العمومية  من طرف وكيل الملك
الفقرة الثانية: بالنسبة للجنح
الأمر القضائي في جنح السير
الاستدعاء للجلسة
- الإحالة الفورية على الجلسة
- الإحالة على قاضي التحقيق.

كيفية ممارسة الدعوى العمومية  من طرف وكيل الملك
الفقرة الثالثة : صلاحيات أخرى موكولة لوكيل الملك
  • أولا:  تلقي  الشكايات  والوشايات 
حفظ الشكايات
الإحالة على الضابطة القضائية
القيام ببحث من طرف النيابة العامة دون إحالة الشكاية على الضابطة القضائية
  • ثانيا : تلقى المحاضر و التقارير
  • ثالثا:إشعار الوكيل القضائي للمملكة
  • رابعا:  تسيير و مراقبة الشرطة القضائية
  • خامسا: إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه 
  • سادسا: مسطرة الصلح
  • سابعا: سحب جوازا السفر و إغلاق الحدود
إقامة الدعوى العمومية من طرف الوكيل العام للملك
الفقرة الأولى: الإحالة على غرفة الجنايات الإبتدائية
الإحالة الفورية على الجلسة 
توجيه استدعاء للجلسة 
الفقرة الثانية: المطالبة بإجراء تحقيق
أولا: التحقيق الإجباري
ثانيا: التحقيق الاختياري 
الفقرة الثالثة: صلاحيات أخرى موكولة للوكيل العام للملك 
أولا: إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه و رد الأشياء المحجوزة.
1 إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
2 رد الأشياء المحجوزة.
ثانيا: سحب جوازات السفر و إغلاق الحدود.
ثالثا: التقاط المكالمات الهاتفية بوسائل الاتصال عن بعد
استثناءات إقامة الدعوى العمومية و القيود التي ترد عليها.
قيود إقامة الدعوى العمومية 
1: شخص الملك
أكد على هذا التوجه وذلك على غرار الدساتير السالفة الفصل 46 من دستور 2011 الذي جاء فيه مايلي : 
" شخص الملك لا تنتهك حرمته، للملك واجب التوقير والإحترام".
وهذا المنحنى هو ما كان يؤكده الفصل 23 من دستور 1996 الذي كان ينص على أن " شخص الملك مقدس لا تنهك حرمته".
2: أعضاء البرلمان
تنص الفصل 64 من دستور 2011 الخاص بالمملكة المغربية على  أنه :
 " لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي ، أو يتضمن ما يخل بالإحترام الواجب للملك".
ولعل هذا التخصيص الدستوري لموضوع الحصانة البرلمانية ينسجم مع طبيعة مهام النائب البرلماني الذي يجب أن يمارس سلطاته التشريعية بمنتهى الحرية، وأن لا يتقيد في إبداء رأيه في مختلف القضايا المعروضة أمام البرلمان، لذلك كان من اللازم تمتيعه بحماية قضائية خاصة حتى يتسنى له القيام بمهامه على الوجه المطلوب.
3: البعثات الدبلوماسية
بالرغم من عدم وجود نص صريح في القانون الداخلي المغربي يمنح الحصانة القضائية للهيئات والبعثات الدبلوماسية، فإن مصادقة المغرب على بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحصانة الممثلين الدبلوماسيين وممثلي بعض الهيئات الدولية يجعل القضاء المغربي ملزما بمراعاة قواعد الحصانة القضائية لهؤلاء الأشخاص.
وتتمثل البعثات الدبلوماسية في رؤساء الدول الأجنبية والمعتمدون الدبلوماسيون وأفراد عائلاتهم، وممثلو الهيئات الدولية، والقوات العسكرية الأجنبية إذا كان وجودها بترخيص من المملكة المغربية.
3:الاختصاص واشتراط الشكاية والطلب
 أولا : الإختصاص
    قيد المشرع النيابة العامة في تحريكها للدعوى العمومية بخصوص الأفعال الجرمية التي يرتكبها بعض الموظفين أثناء مزاولة مهامهم أو خارجها ، وهم عموما بعض القضاة وسامي الموظفين ذكرهم المشرع في المواد 265 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية .
ثانيا : الشكاية
مثال:
جريمة الخيانة الزوجية؛
جريمة اهمال الأسرة,,,
ثالثا : الطلب
 ومن الموانع المؤقتة في تحريك الدعوى العمومية إضافة إلى الشكاية، ضرورة تقديم طلب في نوع معين من الجرائم نظمها قانون الصحافة تتمثل في الحالات التالية :
  - السب أو القذف ضد بعض المجالس أو الهيئات.
  - المس العلني بالكرامة والسب الموجه ضد رؤساء الدول والممثلين الدبلوماسيين الأجانب .
 
أسباب سقوط الدعوى العمومية
أولا: موت المتابع
إن اعتبار موت المتابع سببا من أسباب سقوط الدعوى العمومية، يعتبر نتيجة منطقية لحادثة الوفاة التي لم يعد معها أي جدوى و هدف من تحريك الدعوى العمومية. إلا أنه لا بد من التميز بين الحالة التي تعلم النيابة  العامة بموت المتهم قبل إقامة الدعوى العمومية، والحالة التي تكون فيها النيابة العامة قد أقامت الدعوى العمومية وهي تجهل بواقعة الوفاة :
  - بالنسبة لحالة علم النيابة العامة بواقعة الوفاة و لم تكن بعد قد حركت الدعوى في مواجهته فإنها تعهد إلى سقوط ملف القضية لعدم أهمية المتابعة بعد الوفاة،لكن هذا الإجراء الذي تكون النيابة العامة ملزمة باللجوء  إليه،لا يشمل المساهمين و المشاركين الذين تحرك النيابة العامة المتابعة في شأنهم.
  - أما بالنسبة للحالة  التي تعهد النيابة العامة  فيها إلى إقامة الدعوى العمومية و هي تجهل بواقعة وفاة المتابع،بعد أن تكون قد  عرضت القضية على التحقيق أو على المحكمة للفصل فيها، في هذه الحالة يتم التصريح بسقوط الدعوى العمومية في أية مرحلة تكون فيها تطبيقا لمقتضيات المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية،مع بقاء المسطرة جارية في حق المساهمين و المشاركين.
ثانيا: التقادم
التقادم كسبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية هو تلك الواقعة المادية التي تنشأ بمرور وقت حدده المشرع تكون نقطة احتسابه من يوم اقتراف الجريمة، ولقد حدد المشرع المغربي بمقتضى المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية مدد التقادم في ما يلي : 
 ” تتقادم الدعوى العمومية ما لم تنص قوانين خاصة على خلاف ذلك خمس عشرة بمرور :
 - خمس عشر سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية؛
 - أربع سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة؛
 - ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب المخالفة...“
و تعتبر مدد التقادم مددا كاملة لا يحتسب فيها اليوم الأول ولا اليوم الأخير تطبيقا للمادة  750 من قانون المسطرة  الجنائية التي تنص على أن جميع الآجال المنصوص عليها في هذا القانون آجال كاملة لا تشمل اليوم الأول ولا اليوم الأخير وتستثنى من ذلك الآجال التي تكون محددة بعدد الساعات. وإذا كان اليوم الأخير للأجل يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده.

ثالثا: العفو الشامل
يعتبر العفو الشامل أحد أسباب سقوط الدعوى العمومية إلا انه لا يمكن إثارته إلا بنص تشريعي صريح عملا بأحكام الفصل 51 من مجموعة القانون الجنائي.
إذا صدر العفو الشامل قبل إقامة الدعوى العمومية غل يد النيابة العامة عن تحريكها، لأن أثره ينصرف إلى إزالة الوصف الجرمي عن الفعل المرتكب، وبالتالي نفي الركن القانوني عن الأفعال الجرمية المرتكبة و جعلها مباحة.
إذا  صدر العفو الشامل بعد تحريك الدعوى العمومية وأثناء ممارسة ومواصلة إجراءاتها، كان سببا لسقوطها، وإذا صدر بعد صدور الحكم بشأنها فإنه يؤدي إلى إسقاط العقوبة.

رابعا: العفو الخاص
ينص الفصل 58 من الدستور المغربي على مايلي : ” يمارس الملك حق العفو“.
العفو الخاص يسقط الدعوى العمومية إذا صدر  و الدعوى منشورة أمام القضاء دون أن يؤثر ذلك على الدعوى المدنية التابعة التي تظل قائمة و لا تسقط لاعتبارها حقا من حقوق الغير كما تقتضي بذلك المادة 12 من قانون المسطرة الجنائية.
لكن التعديل الذي طرأ على ظهير 6 فبراير 1958 بمقتضى 8/10/1977 قد قضى في فصله الثاني بأن :"العفو الصادر قبل الشروع في المتابعات أو خلال إجرائها يحول دون ممارسة الدعوى العمومية أو إيقاف سيرها حسب الحالة في جميع مراحل المسطرة و لو أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض) ”.
خامسا: نسخ القانون الجنائي
اعتبر المشرع في قانون المسطرة الجنائي الجديد نسخ القانون الجنائي سببا من أسباب سقوط الدعوى العمومية، بحيث إذا ما لم تقم النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية عن الوقائع التي يحكمها النص الذي وقع إلغاؤه أو نسخه،فإنها تتوقف عن تحريك الدعوى العمومية المادة 4 من ق.م.ج:"تسقط الدعوى العمومية بموت الشخص التابع، و بالتقادم و بالعفو الشامل و بنسخ المقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل...”.
و نسخ القانون الجنائي كسبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية رهين بتوفر مجموعة من الشروط منها :
 صدور قانون جديد يلغي الصفة الإجرامية عن النشاط المرتكب.
أن يلغي الصفة الإجرامية كليا عن النشاط المرتكب بحيث يجعله مباحا.
أن لا ينصب النسخ على قانون مؤقت.
سادسا: صدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به
المقرر الحائز لقوة الشئ المقضي به هو المقرر الذي بات نهائيا ،لا يمكن الطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن العادية أو الغير العادية.
و المقرر المحتج به بسبقية البت في الدعوى العمومية الجارية يجب أن يستجمع شروطا:
 - أن يكون المقرر قضائيا صادر عن سلطة قضائية وفقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 364 و 365 من قانون المسطرة الجنائية.
 - و أن يحوز قوة الشئ المقضي به إما لاستنفاد جميع طرق الطعن أو لانصرام أجل الطعن.
سابعا: الصلح
يعتبر الصلح من الأسباب الخاصة لسقوط الدعوى العمومية، لأن إبرام الصلح لا يسقط الدعوى الزجرية إلا بالنسبة لجرائم معنية، ولا يمكن أن تنتهي الدعوى العمومية بإبرام مصالحة بين الجاني والمتضرر إلا إذا كان القانون ينص على ذلك صراحة.
بين النصوص التي تؤدي فيها المصالحة إلى سقوط الدعوى العمومية : 
 - المادة 74 من ظهير 17/10/1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات.
 - المادة 22 مكرر من ظهير 21/07/1973 المنظم للصيد البري.
 - المادة 89 من ظهير 2/11/1932 المنظم لاحتكار الدخان بالمغرب...
وغني عن البيان أن الصلح لا يمكن اعتباره احد أسباب سقوط الدعوى العمومية إلا إذا أقره القانون صراحة وهو ما نصت عليه المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية:"وتسقط أي الدعوى العمومية عندما ينص القانون صراحة على ذلك".

ثامنا: التنازل عن الشكاية
لقد حدد قانون المسطرة الجنائية حالات لا تجوز فيها المتابعة إلا بناء على شكاية يتقدم بها المعني بالأمر المتضرر من الجريمة، وعليه فإن مثل هذه الحالات تسقط المتابعة فيها بمجرد التنازل عن هذه الشكاية. وبذلك فسقوط الدعوى العمومية نتيجة التنازل عن الشكاية مرده إلى أن التنازل حق شخص مرتبط بصاحبه يباشره بنفسه أو بواسطة وكالة خاصة، ولا ينتقل إلى الغير و يباشره المعني بالأمر إما كتابة أو شفويا.
ومن بين الجرائم التي تتوقف المتابعة فيها بناءا على التنازل عن الشكاية :
 - جريمة الخيانة الزوجية (الفصل 492 من م ق ج)
 - السرقة بين الأقارب (الفصل 535 من م ق ج)


القسم الثالث: التحقيق الإعدادي
الفصل الأول : التحقيق الإعدادي : الدلالة و الخصائص
 
  يشكل التحقيق الإعدادي مرحلة وسطية بين البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية والمحاكمة، يتمتع خلالها قاضي التحقيق بمجموعة من الصلاحيات ذات طبيعة قضائية صرفة، تهدف إلى تعميق البحث و تمحيص الأدلة ووسائل الإثبات و تحديد معالم الجريمة و أوصافها.
الفرع الأول : الجهات الأصلية للتحقيق الإعدادي
الفقرة الأولى : قاضي التحقيق
يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية ومحاكم الإستئناف من بين قضاة الحكم أو مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل، بناء على اقتراح من من رئيس المحكمة أو الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف. 
يمكن خلال هذه المدة إعفاؤهم من مهامهم بنفس الكيفية.
إلا أنه إذا لم يوجد في المحكمة سوى قاض واحد مكلف بالتحقيق وحال مانع مؤقت دون ممارسته لمهامه، يمكن لرئيسها في حالة الاستعجال، و بناءاً على طلب من النيابة العامة، وفي انتظار زوال المانع أو صدور التعيين بقرار نظامي، أن يعين أحد قضاة أو مستشاري المحكمة لممارسة هذه المهام.

الفقرة الثانية: الغرفة الجنحية
تتصل الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف بالتحقيق الإعدادي في كونها الجهة المختصة بالنظر في طلبات بطلان إجراءات التحقيق والإستئنافات المرفوع ضد أوامر  قاضي التحقيق، وبالتالي يمكن اعتبارها درجة ثانية من درجات التحقيق الإعدادي.
وإذا كان التحقيق الإعدادي يهدف إلى تعميق البحث وتمحيص الأدلة بغية الوصول إلى الحقيقة الإجرامية، فإن الغرفة الجنحية يمكنها هي الأخرى أن تقوم بإجراء أي تحقيق تكميلي تراه مفيدا إما تلقائيا أو بطلب من الوكيل العام للملك أو بطلب من أحد الأطراف.
إضافة إلى ذلك، فإن المشرع منح رئيس الغرفة الجنحية أو من ينوب عنه حق مراقبة حسن سير مكاتب التحقيق التابعة لنفوذ محكمة الإستئناف، ولتفعيل هذه المراقبة فإن القانون ألزم مكاتب التحقيق بإعداد لوائح بجميع القضايا الرائجة و توجيهها على رأس كل ثلاثة أشهر إلى رئيس الغرفة الجنحية.
الفقرة الثانية : الغرفة الجنحية
علاوة على ذلك، يقوم رئيس الغرفة الجنحية بزيارة المؤسسات السجنية التابعة لنفوذ محكمته مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، ويتحقق من حالة المتهمين المعتقلين احتياطيا، ويطلب من قاضي التحقيق جميع البيانات اللازمة، كما انه يضع تقريرا سنويا على سير أعمال غرفة التحقيق ويوجه نسخة منه للوكيل العام للملك.
الفرع الثاني:الجهات الإستثنائية
الفقرة الأولى : الغرفة الجنائية بمحكمة النقض.
قد يجري التحقيق استثناء من طرف جهة نص القانون إسناد هذا الاختصاص لها بمقتضى نص خاص ولأسباب ودواعي استثنائية.
وفي هذا الإطار تنص المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية على أنه :
 ” إذا كان الفعل منسوبا إلى مستشار لجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب دولة أو نائب كاتب دولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور أو قاض بمحكمة النقض أو  بالمجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي أو عامل أو رئيس أول لمحكمة استئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها، فإن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض تأمر –عند الاقتضاء- بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بنفس المحكمة بأن  يجري التحقيق في القضية عضوا أو عدة أعضاء من هيئتها.
     يجري التحقيق حسب الكيفية المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحقيق الإعدادي.
     بعد إنهاء التحقيق يصدر قاضي أو قضاة التحقيق، حسب الأحوال، أمرا قضائيا بعدم المتابعة أو بالإحالة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض.
     تبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في القضية.
     يقبل قرار الغرفة الجنائية الإستئناف داخل أجل ثمانية أيام، وتبت في الإستئناف غرف محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية التي بتت في القضية.
     لا تقبل أية مطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض ".
الفرع الثاني:استقلال قاضي التحقيق
الفقرة الأولى : استقلال قاضي التحقيق عن النيابة العامة
   تتجلى هذه الاستقلالية في كون النيابة العامة سلطة خصها المشرع بحق المتابعة و إعمال سلطة الملاءمة، في حين أوكل مهمة التحقيق لجهة ثانية، وبمجرد إحالة القضية على قاضي التحقيق بواسطة ملتمس النيابة العامة أو مباشرة من طرف المطالب بالحق المدني، فإن القاضي المكلف بالتحقيق ينهض بأعباء التحقيق في حدود الأفعال المسطرة بملتمس النيابة العامة أو الواردة بشكاية المتضرر دون تحريك الدعوى العمومية.
الفقرة الثانية: استقلال قاضي التحقيق عن هيئة الحكم
إذا كان قاضي التحقيق يقوم بجمع الأدلة وتمحيصها، فإنه يبحث عن الدليل الذي يجعل الشبهة قائمة في تقديره ولا يهم إن كان قاطعا وحاسما في إدانة المتهم أم لا.
وبالتالي يختلف مفهوم الدليل بين قضاء الحكم وقضاء التحقيق، فإذا كان هذا الأخير يلتمس أي دليل يؤسس عليه اتهامه ولو كان مجرد شبهة في تقديره، بحيث لا يملك سلطة الترجيح بين أدلة الإثبات وأدلة النفي، ولا يمكن رد أي دليل بحجة عدم اقتناعه به، فإن قضاء الحكم يملك سلطة الترجيح بين الأدلة ولا يأخذ منها إلا ما كان قاطعا واقتنع بحجيته، ويرد ما لم يقنعه منها.
الفقرة الثالثة: استقلال قاضي التحقيق عن الأطراف
إن قاضي التحقيق يمارس مهامه ويباشر الصلاحيات المخولة له بتجرد وحياد واستقلالية تامة عن الأطراف والخصوم، وجميع الإجراءات التي يقوم باتخاذها تكون وفق أحكام وقواعد القانون تحت إشراف النيابة العامة ومراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف.
فقاضي التحقيق يلتزم بأحكام القانون وقواعده دون انحيازه إلى طرف على حساب آخر، وإذا كان يملك سلطات واسعة للتقرير في حرية المواطنين وفي ممتلكاتهم، فإنها مقيدة و مؤطرة بمجموعة من النصوص القانونية، إضافة إلى الأخلاقيات المهنية وضميره وفضائله التي تكسب مهمته عظمتها الحقيقية.
المبحث الثاني: خصائص و نطاق التحقيق الإعدادي
المطلب الأول : خصائص التحقيق الإعدادي.
أجمل بعض الفقه خصائص التحقيق الإعدادي في أربعة خصائص أساسية تعطيه بعده النظري و الإجرائي، تتمثل في العناصر التالية:
- خاصية القضائية؛
 - خاصية الإستقلالية؛
- خاصية التفتيشية؛
- خاصية العينية   , 
الفقرة الأولى:التحقيق الإجباري في الجنايات
حددت المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية الأفعال التي يكون فيها التحقيق إجباريا في ما يلي :
- الجنايات المعاقب  عليها بالإعدام؛
- الجنايات المعاقبة بالسجن المؤبد؛
- الجنايات التي يصل الحد الأقصى للعقوبة فيها إلى 30 سنة؛
- الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث.
فهذه الأنواع من الجنايات يجري التحقيق بشأنها بشكل إجباري،بمعنى أن الوكلاء العامين بمحاكم الإستئناف لا يجدون بداً من إحالة القضايا المعروضة عليهم من طرف الشرطة القضائية و التي تدخل في زمرة جرائم الجنايات أعلاه، على قضاة التحقيق المعينين بالمحاكم التي يمارسون بها.
الفقرة الثانية:التحقيق الإجباري في الجنح
يكون التحقيق إجباريا في نوعين من الجنح:
- في بعض الجنح بنص خاص في القانون؛
و إجبارية التحقيق في الجنح تمنع على وكلاء الملك بالمحاكم الإبتدائية تكييف الأفعال المعروضة عليهم و إجراء المتابعة دون الإحالة على التحقيق الإعدادي تحت طائلة بطلان الإجراءات المتخذة-و يكون التحقيق اختياريا فيما عدا ذلك من الجنح المرتكبة من طرف الأحداث أو في الجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقدرة لها خمس سنوات أو أكثر.

الفرع الثاني : التحقيق الإختياري
الفقرة الأولى : التحقيق الإختياري في الجنايات
الجنايات التي تخضع للتحقيق الإعدادي بشكل اختياري تتمثل في الجرائم غير المعاقب عليها بإحدى العقوبات التالية :
- عقوبة الإعدام؛
- عقوبة المؤبد؛
العقوبة السجنية النافذة التي يصل الحد الأقصى المقرر لها 30 سنة.
و تتخذ النيابات العامة لدى محاكم الإستئناف قرار الإحالة على غرفة التحقيق اختيارا في هذا النوع من الجنايات بغية تعميق البحث في بعض الجوانب التي لم يطلها البحث التمهيدي، أو بقيت ملتبسةً بهدف كشفها و استكمال البحث بشأنها قبل إحالتها على غرفة الجنايات الإبتدائية.
الفقرة الثانية : التحقيق الإختياري في الجنح
إذا كان المشرع قد وسع من دائرة الأفعال الخاضعة للتحقيق الإعدادي، بشموله الجنايات و الجنح على حد سواء، فإنه على ما يبدو ظل متحفظا بخصوص هذا النوع من الجرائم، بحيث لا يتم إجراء تحقيق إعدادي بشكل إجباري في الجنح إلا بنص خاص و ضمن حدود ضيقة جداً، سيما و أنه لم يعدد – كما هو الشأن للجنايات – الجنح التي تقبل التحقيق الإجباري.
و بالتالي فإن التحقيق في الجنح غالبا ما يكون اختياريا، اللهم الجنح المترتبة عن حوادث السير المميتة ،كما سبق أن رأينا.
و التحقيق الإختياري في الجنح لا يسع كل أنواع الجرائم الجنحية ، حيث ينصب على الجنح التأديبية بدل الضبطية.

الفصل الثاني:الإجراءات التمهيدية للتحقيق الإعدادي
حدد المشرع مجموعة من الشكليات القانونية ، تنظم طرق وكيفية اتصال قاضي التحقيق بالقضية، والتي تعلن عن انطلاق عملية التحقيق الإعدادي.
وبمجرد بدء عملية التحقيق، تنطلق مجموعة من الإجراءات والأبحاث بعضها ينصب على جمع الأدلة والتثبت منها، والبعض الآخر ينصب على شخص المتهم باتخاذ جملة من التدابير تهدف إلى ضمان السير العادي للتحقيق الإعدادي.
المبحث الأول:إجراءات المطالبة بالتحقيق الإعدادي
المطلب الأول : المطالبة بتحقيق إعدادي من طرف النيابة العامة

   خول المشرع المغربي للنيابة العامة مجموعة من الصلاحيات في إطار تدبيرها لإجراءات الدعوى العمومية، بحيث تقوم بأدوار و وظائف إجرائية غاية في الأهمية من بينها التقدم بملتمس المطالبة بإجراء تحقيق وذلك في الجرائم التي أوجب القانون إجراء تحقيق بشأنها .

الفرع الأول:ملتمس النيابة العامة الإجباري لإجراء تحقيق إعدادي
الفقرة الأولى : التحقيق الإجباري بناء على ملتمس النيابة العامة في الجنايات
بناء على مقتضيات المادة 84 من قانون المسطرة الجنائية، يجري التحقيق بناء على ملتمس من النيابة العامة، ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام المخولة له في حالة تلبس.
إستنادا إلى مقتضيات المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية يكون التحقيق إلزاميا :
- أولا: في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة؛
- ثانيا: في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث.

المطلب الثاني:المطالبة بإجراء تحقيق من طرف المتضرر
الفرع الأول : مسطرة المطالبة بالتحقيق من طرف المتضرر

   يحق لكل شخص تضرر من جريمة قابلة للتحقيق أن يلجأ مباشرة إلى قاضي التحقيق ويقوم بتسجيل شكايته المباشرة التي يلتمس بموجبها إجراء تحقيق في مواجهة شخص معين أو مجهول، وفق شروط وإجراءات محددة ما لم تكن هناك موانع تحد من ذلك ينص عليها القانون.
الفقرة الأولى: كيفية المطالبة بالتحقيق من طرف المتضرر في الجنايات
تنص المادة 92 من قانون المسطرة الجنائية أنه : 
"يمكن لكل شخص ادعى أنه تضرر من جناية أو جنحة أن ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق المختص، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
فالمتضرر يمكنه تقديم شكاية سواء في مواجهة شخص ذاتي أكان فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا في الفعل الجرمي، أو في مواجهة شخص معنوي فيما يتعلق بالجرائم التي يمكن نسبتها إلى الأشخاص المعنوية.
نظم المشرع المغربي شروط وكيفية وإجراءات إثارة الدعوى العمومية من طرف المتضرر أمام قاضي التحقيق في الباب الثالث من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي في المواد 92 إلى 98 من قانون المسطرة الجنائية.

هناك مجموعة من الإجراءات والشكليات تنظم مسطرة الإحالة على قاضي التحقيق عن طريق الادعاء المباشر نجملها في ما يلي :
إن المشتكي يبادر إلى رفع شكايته المباشرة إلى كتابة التحقيق التابعة لكتابة الضبط  لمحكمة الإستئناف بعد أداء رسم قضائي قار عليها ما لم يكن مستفيدا من المساعدة القضائية.
- توفر شرط أهلية الادعاء بالنسبة للمشتكي والمتهم؛
- الاختصاص النوعي والمحلي لقاضي التحقيق المرفوعة إليه الشكاية؛
- مدى قابلية الأفعال موضوع الشكاية للتحقيق، ولم تسقط الجريمة بأحد أسباب انقضاء الدعوى العمومية؛
لا يمكن للنيابة العامة أن تحيل على قاضي التحقيق ملتمسات بعدم إجراء تحقيق إلا إذا توفرت  أحد الأسباب التي  تمس الدعوى العمومية، أو إذا كانت الوقائع لا تقبل أي تكييف جرمي حتى لو افترض وجودها أو لم تكن الجريمة من النوع القابل للتحقيق.
في حالة تقديم شكاية لا تدعمها أسباب كافية أو لا تبررها المستندات المقدمة، يمكن للنيابة العامة أن تلتمس من قاضي التحقيق فتح تحقيق مؤقت حول أي شخص قد يكشف عنه البحث.


الفقرة الثانية:إجراء التحقيق في الجنح بناء على شكاية المتضرر 
لأجل تحريك العمومية بناء على شكاية مصحوبة بادعاء المباشر في الجنح ،يجب مراعاة الشروط الإجراءات التالية :
 - أن تكون الجنحة من الجنح التأديبية التي أجاز المشرع المغربي إجراء تحقيق بخصوصها؛
 - تقديم شكاية في الموضوع متوفرة على شروطها الشكلية الضرورية من قبيل :
الهوية الكاملة للمشتكي؛
الهوية الكاملة للمشتكى به؛
تحديد الجريمة و النصوص المنظمة لها؛
تاريخ الجريمة و مكانها؛
الوقائع بدقة؛
ملتمسات المشتكي؛
التاريخ و الإمضاء.
 - أداء الرسم القضائي على الشكاية بصندوق المحكمة ،ما لم يكن المشتكي متمتعا بالمساعدة القضائية؛
 - أداء القسط الجزافي للتنصيب كمطالب بالحق المدني؛
 - أداء الوديعة التي يحددها قاضي التحقيق.
الفرع الثاني: موانع إقامة الدعوى العمومية من طرف المتضرر
الفقرة الأولى : موانع المطالبة بالتحقيق من طرف المتضرر
من الموانع التي تحول دون إقامة الدعوى العمومية أمام قاضي التحقيق عن طريق الادعاء بالحق المدني، نذكر الحالات التالية :
الجرائم التي يعود الإختصاص  بشأنها إلى المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية؛
- الجرائم المنسوبة إلى أعضاء الحكومة و بعض كبار موظفي الدولة أو التي يعود الاختصاص فيها إلى محكمة النقض.
الجرائم المنسوبة لبعض قضاة وموظفي الدولة والتي تخضع لقواعد الاختصاص الاستثنائية طبقا للمواد 264 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية.
بعض الجرائم المرتكبة خارج أرض الوطن والتي أناط المشرع تحريك الدعوى العمومية بخصوصها للنيابة العامة وحدها دون المتضرر بعد توصلها بشكاية رسمية من البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة.
- الجرائم التي يرتكبها الأحداث الذين تقل سنهم عن ثمانية عشر (18) سنة (المادة 463 من قانون المسطرة الجنائية).

الفقرة الثانية : حماية الضحية المشتكي من طرف قاضي التحقيق
من أجل ضمان حماية قانونية للضحايا خوفا من بطش و انتقام المشتكى بهم ،أحدث المشرع قانون رقم 10/37 القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 01/22 المتعلق بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا و الشهود و الخبراء و المبلغين فيما يخص جرائم الرشوة و الإختصاص و استغلال النفوذ و غيرها.
 بموجب هذا القانون أصبح يتعين على الشرطة القضائية عند إنجازها للمحضر، أو النيابة العامة عندما يمثل الضحية أمامها إشعاره بحقه في الانتصاب كمطالب بالحق المدني أمام قاضي التحقيق و أيضا إشعاره بالحقوق  التي يخولها له القانون.
كما يقوم قاضي التحقيق باتخاذ تدابير الحماية الكفيلة بتأمين سلامة الضحية أو أفراد أسرته أو أقاربه أو ممتلكاته من كل ضرر قد يتعرض له جراء تقديم شكايته.
و يمكن لهذه الغاية أن يوضع رهن إشارة الضحية ما يلي:
  - رقم هاتفي خاص بالشرطة القضائية أو بالمصالح الأمنية يمكنه الإتصال به في أي وقت لطلب الحماية؛
  - حماية جسدية له أو لأفراد أسرته من طرف القوة العمومية؛
  - تغيير أماكن الإقامة؛

المبحث الثاني: الإجراءات أولية للتحقيق الإعدادي
 المطلب الأول : إجراءات تتعلق بالأشخاص

وإجراءات التحقيق الإعدادي تواكب الدعوى العمومية منذ إحالتها على قاضي التحقيق بملتمس كتابي من طرف النيابة العامة أو بشكاية مباشرة مصحوبة بالادعاء المدني من طرف المتضرر شخصيا.

الفرع الأول: البحث الإجتماعي
يقوم قاضي التحقيق بعدة إجراءات وأبحاث بعضها ينصب على المتهم باعتباره جوهر القضية، والبعض الآخر ينصب على الأشياء الأخرى المحيطة بالجريمة بهدف جمع الأدلة وتمحيصها للوصول إلى الحقيقة وكشفها.

وفي سبيل ذلك يتولى قاضي التحقيق مجموعة من المهام من قبيل إجراء بحث اجتماعي وفحص طبي على المتهم، بغية تكوين فكرة على المتهم و علاقته بالجريمة و أسباب ارتكابه لها .
الفقرة الأولى : إجراءات البحث الاجتماعي
لقد ألزم المشرع قاضي التحقيق  بموجب المادة 87 من مسطرة الجنائية بإجراء بحث اجتماعي حول المتهم للإلمام بظروفه النفسية والاقتصادية والاجتماعية، التي قد تكون أثرت  في ارتكابه الجريمة بخصوص الجنايات، وجعل إجراء البحث الإجتماعي في الجنح اختياريا من طرف قاضي التحقيق.
والهدف من إجراء البحث الاجتماعي بغض النظر عن فهم الظروف المحيطة بالجريمة، الوقوف -أيضا- على سلوك المتهم وشخصيته والإطلاع بدقة على أحواله العائلية والبيئية، واستبيان مختلف المؤثرات التي قد تؤخذ بعين الاعتبار أثناء محاكمتة محاكمة عادلة، وتحديد العقوبة الملائمة تحقيقا للردع العام والخاص أولا، وإصلاح المتهم وإعادة إدماجه في المجتمع ثانيا.
أوكل القانون لقاضي التحقيق بإجراء بحث حول التدابير الكفيلة لتسهيل إعادة إدماج المتهم في المجتمع، في حالة توفر الشروط التالية :
 - أن تكون سن المتهم تقل عن عشرين سنة؛
 - ألا تتجاوز العقوبة المقررة خمس سنوات؛
 - ألا يكون قاضي التحقيق قد قرر وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي.

الفقرة الثانية : تطبيقات إجراء بحث إجتماعي على حدث
الفرع الثاني : الفحص الطبي
الفقرة الأولى : إجراءات الفحص الطبي
يستفاد من المادة 88 من قانون المسطرة الجنائية أن المشرع سمح لقاضي التحقيق بإخضاع المتهم لفحص طبي أو نفساني وفق مجموعة من الإجراءات الشكلية.   
ينضاف إلى هذه الصلاحيات المخولة لقاضي التحقيق أنه بإمكان هذا الأخير وبعد أخذ رأي النيابة العامة أن يأمر بإخضاع المتهم للعلاج من التسمم الناتج عن تعاطي المخدرات، إذا ظهر أن المتهم مصاب بتسمم مزمن، ناجم عن تعاطي الكحول أو المخدرات أو المواد المؤثرة عقليا.
وقد حدد المشرع المؤسسات التي يمكن إجراء العلاج بها إما داخل المؤسسة السجنية إذا كان المتهم معتقلا، وإما في إحدى المؤسسات المتخصصة حسب الشروط المنصوص عليها قانونا.
الفقرة الثانية :تطبيقات الفحص الطبي
يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بإجراء فحص طبي على المتهم الماثل أمامه بناء على طلب هذا الأخير شخصيا، أو بطلب دفاعه، و ذلك بعد معاينته للآثار المذكورة  و الواردة بصلب الطلب.
و يحدد قاضي التحقيق في الأمر بإجراء الفحص الطبي، موضوع الفحص و الطبيب المنتدب لذلك، و في حالة رفض إجرائه يصدر أمرا معللا بذلك.
و يتضمن الأمر بإجراء الفحص الطبي :
 - مراجع ملف التحقيق و المحكمة التي ينتمي إليها قاضي التحقيق؛
 - مراجع محضر الشرطة القضائية؛
 - الهوية الكاملة للمتهم؛
 - سبب إجراء الفحص الطبي؛
 - موضوع الفحص ؛
 - الطبيب المنتدب؛
 - تاريخ و إمضاء الأمر.
 - و توجه نسخة إلى النيابة العامة قصد الإخبار.
المطلب الثاني:إجراءات تنصب على الأشياء
الفرع الأول : التنقل و التفتيش و الحجز
الفقرة الأولى : إجراءات التنقل
نظم المشرع الإجراءات المتعلقة بالتنقل والتفتيش والحجز في الباب الرابع من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي، وهي إجراءات تخضع لتقدير قاضي التحقيق الذي بوسعه القيام بكافة التحريات التي يراها مناسبة ومساعدة للكشف عن الحقيقة.
إذا كان المشرع قد منح لقاضي التحقيق إمكانية التنقل على سبيل الجواز مما يكون معه هذا الإجراء خاضعا لسلطته التقديرية، فإنه بالمقابل منحه سلطة واسعة في التنقل لأي مكان و ليس بالضرورة منزل المتهم بل قد يتعداه إلى منزل غيره أو محلات أخرى يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة، أو أماكن يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، أو طائرة مغربية أو أجنبية إذا حطت بالمغرب، أو قطار، أو سفينة تجارية أجنبية دخلت ميناء بحريا مغربيا، وغير ذلك من الأماكن الخاصة إلا ما استثناه القانون.
الفقرة الثانية:إجراءات التفتيش و الحجز
أباح المشرع إجراء التفتيش في المادة 101 من قانون المسطرة الجنائية عندما نص أنه :
«يجري التفتيش في جميع الأماكن التي قد يعثر فيها على أشياء يكون اكتشافها مفيدا لإظهار الحقيقة
ويجب في هذه الحالة على قاضي التحقيق ، تحت طائلة البطلان، أن يتقيد بمقتضيات المواد 59 و60 و62».
الفرع الثاني: التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد
 الفقرة الأولى : إجراءات التنصت و التقاط المكالمات
نظم قانون المسطرة الجنائية أحكام التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد في المواد 108 إلى 116 من قانون المسطرة الجنائية، وتعتبر من المستجدات التي جاء بها هذا القانون واعتبرها طريقة للاستدلال ووسيلة للحصول على قرائن وأدلة.
إذا كان الأصل هو منع التقاط المكالمات الهاتفية، أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، أو تسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها كما يستفاد من الفقرة الأولى من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية،فإن الإستثناء هو الترخيص بذلك كلما استدعته ضرورة البحث.
وقد أجاز القانون لقاضي التحقيق حق اتخاذ مبادرة التنصت بوسائل الاتصال عن بعد بجميع الوسائل الحديثة كالفاكس أو البريد الإلكتروني المنجز عبر الإنترنت أو الهاتف القار أو المتنقل وغيرها من وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة، وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها، ويتم تنفيذ أمر قاضي التحقيق دون قيد خلافا لما عليه الأمر بالنسبة للوكيل العام للملك.
فإذا كان القانون لم يقيد قاضي التحقيق بأي قيد من القيود التي ترد على سلطة الوكيل العام للملك في اللجوء لهذا الإجراء، فإنه بإمكانه اللجوء إلى هذه المسطرة كلما اقتضت ضرورة البحث ذلك وفق الإجراءات المسطرية التالية :
- إصدار الأمر بإجراء التنصت كتابة؛
 - تضمين الأمر المكتوب جميع العناصر التي تعرف بالمكالمة الهاتفية أو المراسلة المراد التقاطها، وتسجيلها، أو أخذ نسخ منها، أو حجزها؛
 - تحديد الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا الإجراء، والمدة التي سيتم خلالها التنصت والالتقاط والتي ينبغي ألا تتجاوز أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة. 
يمكن لقاضي التحقيق، أو لضابط الشرطة القضائية الذي يتم تعيينه لهذه الغاية أن يطلب من كل عون مختص تابع لمصلحة أو لمؤسسة موضوعة تحت سلطة أو وصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات والمراسلات، أو من أي عون مكلف باستغلال شبكة أو مزود مسموح له بخدمات الاتصال.
الفقرة الثانية :تطبيقات عن إجراءات التنصت و التقاط المكالمات بوسائل الإتصال عن بعد
إذا ما ارتأى قاضي التحقيق أن هناك ضرورة تقتضي التقاط المكالمات الهاتفية أو الإتصالات المنجزة بواسطة الإتصال عن بعد، يصدر أمرا يضمن فيه الأرقام قصد تسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها ،مع تحديد مدة الالتقاط و بدء  سريانها و السلطة أو الإدارة المكلفة بذلك.
الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية والإتصالات المنجزة بواسطة وسائل الإتصال عن بعد تكون محددة المدة،و عليه إذا لم يستوفي قاضي التحقيق أغراضه و أهدافه من التنصت قبل انصرامها،يمكن إصدار أمر بتمديدها يوجه إلى السلطة المكلفة بالتصنت قبل مواصلة الإجراءات التي سبق و أن أحيلت عليهم بمقتضى الأمر الأول.
عندما يستنفذ قاضي التحقيق أهدافه و أغراضه من الوسائل التي وضعت رهن إشارته بخصوص التنصت و التقاط المكالمات، و بعد تكوين قناعته بمتابعة المتهم و إحالته على المحكمة أو إبراء ذمته يقوم بتبديد التسجيلات و المراسلات المتحصلة من عملية التنصت و يصدر أمرا بشأن ذلك.
الفصل الثالث:أوامر قاضي التحقيق
يتخذ قاضي التحقيق مجموعة من الإجراءات تقتضيها طبيعة المسطرة المتبعة،كما  يقوم بتصريف أشغاله و مهامه عن طريق إصدار مجموعة من الأوامر، و هذه الإجراءات و الأوامر بعضها يتعلق بالأشخاص و بعضها بالأشياء، و يلجأ لها أثناء سريان التحقيق ،غير أن هناك أوامر قضائية يصدرها قاضي التحقيق إيذانا بانتهاء التحقيق. 
و قد حدد المشرع مسطرة تفعيل هذه الإجراءات و الأوامر، و اشترط تعليل أغلبها،و بين كيفية الطعن فيها بالإستئناف أمام الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف، و آجال هذا الطعن و الجهات المخول لها ممارسته.
المبحث الأول:إجراءات و أوامر التحقيق المتعلقة بالأشخاص و الأشياء
المطلب الأول : الإجراءات و الأوامر المتعلقة بالأشخاص 
الفرع الأول : إجراءات استنطاق المتهم 
  
   بمجرد استقبال المتهم من طرف قاضي التحقيق تبدأ مجموعة من الإجراءات الشكلية في السريان تتعلق بالإستنطاق الإبتدائي و الإستنطاق التفصيلي سواء كان المتهم راشدا أو حدثا.
الفقرة الأولى: استنطاق المتهم
يُعتبر استنطاق المتهم من قبل قاضي التحقيق من أهم مراحل التحقيق الإعدادي لأنها تشهد مواجهة المتهم بالتهم المنسوبة إليه، وما قد يستتبع ذلك من إجراء مواجهة بينه وبين المشتكي أو المطالب بالحق المدني وكذا الشهود، وقد نظم المشرع المغربي إجراءات استنطاق المتهم ومقابلته ضمن الباب السابع من القسم الثالث من قانون المسطرة الجنائية، وتتمثل مرحلة الاستنطاق في ثلاث مراحل :
مرحلة الاستنطاق الابتدائي؛
مرحلة الاستنطاق التفصيلي؛
مرحلة مواجهة المتهم مع الغير. 

أولا: تعريف الاستنطاق
الاستنطاق هو استفسار من القاضي للمتهم حول ظروف وملابسات الجريمة المنسوبة إليه، ويتمظهر في صورة سؤال وجواب ضمن إجراءات وشكليات محددة.
يمكن رصد أهم ملامح الاستنطاق فيمايلي :
 -  الاستنطاق إجراء منوط بقاضي التحقيق أو قاضي الحكم خلال المحاكمة؛
 - لا يمكن الحديث عن الاستنطاق إلا في مواجهة المتهم، أما باقي الأطراف فيتم الاستماع إليهم؛    
 - يختلف الاستنطاق عن غيره من الصيغ الإجرائية الأخرى كالاستفسار والاستجواب الذي يقوم به عادة ضباط الشرطة القضائية؛
 - الاستنطاق مرحلة قضائية تبقى حكرا على القضاء الجالس.
ثانيا: الاستنطاق الابتدائي
ويسمى أيضا بالاستنطاق الأولي بصريح المادة 134 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها:
   «يطلب قاضي التحقيق من المتهم بمجرد مثوله الأول أمامه بيان اسمه العائلي والشخصي ونسبه وتاريخ ومكان ولادته وحالته العائلية ومهنته ومكان إقامته وسوابقه القضائية. وله عند الاقتضاء أن يأمر بكل التحريات للتحقق من هوية المتهم، بما في ذلك عرضه على مصلحة التشخيص القضائي أو إخضاعه للفحص الطبي.
    يشعر القاضي المتهم فورا بحقه في اختيار محامي، فإن لم يستعمل حقه في الاختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره، وينص على ذلك في المحضر.
   يحق للمحامي أن يحضر الاستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم.
   يبين قاضي التحقيق للمتهم الأفعال المنسوبة إليه ويشعره بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح، ويشار إلى ذلك في المحضر (...)».
الاستنطاق الابتدائي أو الأولي بمفهوم المادة أعلاه ينطلق في أول مرة يعرض أو يمتثل فيها المتهم أمام قاضي التحقيق، إما بناء على ملتمس النيابة العامة بإجراء التحقيق، أو بناء على الشكاية المباشرة المصحوبة بالإدعاء المدني المقدمة من طرف المشتكي المتضرر.
الفقرة الثانية: الاستنطاق التفصيلي
بعد انتهاء مرحلة الاستنطاق الأولي، تأتي مرحلة الاستنطاق التفصيلي حيث يتم تعميق التحقيق أكثر بأن يروم الاستنطاق ويدقق في كافة الأفعال المنسوبة إلى المتهم وتمحيص الأدلة وانصباب الأسئلة على كل التفاصيل والجزئيات التي من شأنها استجلاء الحقيقة وتقديم الأدلة الكافية للجريمة.
وتنظم مرحلة الاستنطاق التفصيلي بمجموعة من الأحكام نجملها في ما يلي :
 - عدم جواز سماع المتهم والطرف المدني أو مواجهتها إلا بحضور محامي كل منهما أو بعد استدعاء هؤلاء المحامين بصفة قانونية، ما لم يتنازل أحد الطرفين أو كلاهما صراحة عن مؤازرة الدفاع.
 - استدعاء المحامي قبل كل استنطاق بيومين كاملين على الأقل إما برسالة مضمونة أو بإشعار يسلم إليه مقابل وصل ما لم يكن قد تم إشعاره في جلسة سابقة للتحقيق وأثبت ذلك في المحضر.
 - وضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم، قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل وبالنسبة لدفاع الطرف المدني كذلك يوما واحدا على الأقل قبل كل استماع إليه.

الفقرة الثالثة:إشعار الوكيل القضائي الملك بالمملكة

   بموجب الفقرة الثانية من المادة 15 من المسطرة الجنائية، أوجب المشرع على قاضي التحقيق أن يشعر الوكيل القضائي للمملكة بالدعوى العمومية التي تقام ضد قاضي أو موظف عمومي أو عون تابع للسلطة أو قوة عمومية،و ظهر أن الدولة يمكن أن تتحمل المسؤولية المدنية من جراء أعمال تابعيها. 
الفرع الثاني :إجراءات الاستماع إلى المطالب بالحق المدني
المطالب بالحق المدني هو المشتكي و المتضرر من الجريمة مباشرة سواء كان راشداً أو قاصراً،في الحالة الأخيرة يجب أن يكون بمحضر ولي أمره،و يتم الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق متفردا عن المتهم إلا إذا قرر قاضي التحقيق إجراء مواجهة بينهما .
و لا يكتسب المشتكي صفة المطالب بالحق المدني إلا بعد تقديم مطالبة المدنية و أداء القسط الجزافي في صندوق المحكمة و قدره 100 درهم.
و عند تعدد المشتكين و لاكتسابهم صفة مطالب بالحق المدني يجب على كل واحد منهم عرض مطالبة المدنية و أداء القسط الجزافي عليها،و يتم الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق بهذه الصفة.
  الفقرة الأولى:الإستماع إلى المطالب بالحق المدني

يقوم قاضي التحقيق باستنطاق المتهم ،أما المطالب بالحق المدني و هو عادة المشتكي أو المتضرر يتم الاستماع إليه في محضر قانوني.
و يكتسب المشتكي صفة المطالب بالحق المدني بعد أدائه القسط الجزافي، و إلا تم الإستماع إليه كمصرح فقط.

الفقرة الثانية:إشعار محامي المطالب بالحق المدني أو المتهم
من بين الضمانات التي خولها المشرع لحقوق الدفاع أمام قاضي التحقيق،وضع ملف القضية أمامه، أو رهن إشارته بيوم قبل التحقيق على الأقل، و استدعائه من أجل ذلك قبل كل استنطاق بيومين كاملين على الأقل إما برسالة مضمونة أو بإشعار يسلم إليه مقابل وصل ،إن وضع الملف رهن إشارة محامي الدفاع و بين يديه ضمانة منحها المشرع لمحامي المتهم،لكن يكتنفها بعض الغموض بحيث لم يوضح المشرع فيما إذا إن كان بإمكان الدفاع أخذ و تصوير  وثائق  الملف ناهيك عن عدم تحديد الجهة التي تضع الملف رهن إشارة المحامي.
كما يظل المحامي يتردد على كل من قاضي التحقيق و كاتب الضبط الذي يتدرع بسرية البحث طبقا للمادة 15 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص  سرية المسطرة التي تجري أثناء البحث و التحقيق تحت طائلة الجزاءات القانونية التي حددها المشرع.
الفرع الثالث: الاستماع إلى الشهود و إجراء خبرة
 الفقرة الأولى : شهادة الشهود
نظمت المواد من 117 إلى 133 من قانون المسطرة الجنائية إجراءات الاستماع إلى الشهود من طرف قاضي التحقيق سواء تعلق الأمر بالاستماع إلى شهود عاديين أو في ما يخص الاستماع إلى رئيس وأعضاء الحكومة والهيئات الدبلوماسية.
يمكن لقاضي التحقيق استدعاء أي شخص يرى فائدة لسماع شهادته قصد الحضور أمامه، وتتم مسطرة الاستدعاء والاستماع والمثول وفق الأحكام التالية : 
 -  يتم الاستدعاء بواسطة أحد أعوان القوة العمومية، كما يمكن استدعاء الشهود أيضا بواسطة المفوضين القضائيين أو برسالة مضمونة أو بالطريقة الإدارية كما يمكنهم الحضور بمحض إرادتهم.
 -  إذا لم يمتثل الشاهد للحضور يوجه إليه استدعاء ثان إما برسالة مضمونة مع إشعار بالاستلام أو باستدعاء يبلغ بصفة قانونية بواسطة عون التبليغ أو مفوض قضائي أو بالطريقة الإدارية؛
 - إذا امتنع الشاهد عن الحضور بعد الاستدعاء الثاني وتوصله بصفة قانونية، يجوز لقاضي التحقيق وبملتمس من النيابة العامة إجبار الشاهد على الحضور بواسطة القوة العمومية مع الحكم بغرامة تتراوح بين 1200 و12000 درهم. 
الفقرة الثانية: نحو تفعيل قانون حماية الشهود
منح المشرع بموجب القانون رقم 10/37 ، الشاهد بمجموعة من التدابير الحمائية :
 الاستماع شخصيا إلى الشاهد؛
إخفاء هوية الشاهد في المحاضر و الوثائق التي تتعلق بالقضية المطلوب فيها شهادة الشاهد و ذلك بشكل يحول دون التعرف على هويته الحقيقية؛
تضمين هوية مستعارة أو غير صحيحة للشاهد ضمن المحاضر و الوثائق التي تنجز في القضية المطلوب فيها شهادة الشاهد، و ذلك بشكل يحول دون التعرف على عنوانه؛
الإشارة في عنوان إقامة الشاهد إلى مقر الشرطة القضائية التي تم فيها الاستماع إليه أو المحكمة المختصة للنظر في القضية إذا ما كان قد استدعي أول مرة أمام قاضي التحقيق؛
وضع رهن إشارة الشاهد الذي يكون قد أدلى بشهادته،رقم هاتفي خاص بالشرطة القضائية حتى يتمكن من أشعارها بالسرعة اللازمة إزاء أي فعل قد يهدد سلامته أو سلامة أسرته أو أقاربه؛
إخضاع الهواتف التي يستخدمها الشاهد لرقابة السلطات المختصة بعد موافقة المعني بالأمر كتابة ضمان لحمايته؛
توفير حماية جسدية للشاهد من طرف القوة العمومية بشكل يحول دون تعرض الشاهد أو أحد أفراد أسرته أو أقاربه للخطر.

الفقرة الثالثة: الخبرة
ويمكن لقاضي التحقيق كلما عرضت قضية ذات طبيعة تقنية أو فنية أن ينتدب خبيرا لذلك إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو من أحد الأطراف.
يقوم الخبير أو الخبراء المنتدبين من طرف قاضي التحقيق بإنجاز مهامهم تحت مراقبة هذا الأخير؛ إلا أنه إذا ارتأى عدم الاستجابة لطلب إجراء الخبرة، فيجب عليه أن يصدر أمرا معللا قابلا للاستئناف وفق الإجراءات والآجال المنصوص عليها في المواد 222 و223 من قانون المسطرة الجنائية، في حين لا يقبل الأمر بإجراء الخبرة الطعن بالإستئناف وإن كان يجب تبليغه إلى النيابة العامة والأطراف ويشار في التبليغ إلى اسم الخبير وصفته مع تضمين نص المهمة التي كلف بها.
كرس المشرع المغربي الأحكام المنظمة للخبرة والخبراء المعينين من طرف قاضي التحقيق في المواد 194 وما يليها من ق.م.ج.
الفقرة الرابعة :المواجهة 
وبعد كل هذه الوسائل الاستدلالية التي يتوخى من خلالها قاضي التحقيق الوصول إلى الحقيقة، فبإمكانه أيضا اعتماد مواجهة المتهم مع الغير والتي لا يلجأ لها إلا في حالة تشبث المتهم خلال مرحلتي الاستنطاق الأولي والتفصيلي بإنكاره للتهمة أو التهم الموجة إليه، حيث يتم مواجهته بالمطالب بالحق المدني أو بالشهود قصد تقييم شهادة هؤلاء وتكوين قاضي التحقيق قناعته ليقرر في الأدلة التي بين يديه والمتوفرة لديه.
ويتم تحرير محضر مواجهة بين هؤلاء الأطراف يتم توقيعه من طرفهم ومن طرف قاضي التحقيق وكاتب الضبط. وحتى تكون المواجهة مثمرة ومنتجة آثارها، يجب أن تنصب على النقط والمسائل التي تضاربت الأقوال بشأنها حتى يتسنى لقاضي التحقيق الوقوف عندها وملامستها بغية استجلاء لكل غموض قد يعتري القضية وصولا إلى الحقيقة المنشودة.

المطلب الثاني : الأوامر المتعلقة بالأشخاص
من أجل التحكم في إجراءات و أماد التحقيق الإعدادي و ضمان حضور المتهم أمام قاضي التحقيق في الجلسات التي يعقدها ،خول المشرع لهذا الأخير مجموعة من الإجراءات الذي يتخذها بإصدار أوامر بشأنها ،و هذه الأوامر عموما تنقسم إلى قسمين :
 - أوامر المثول أمام قاضي التحقيق.
 - أوامر احترازية لضمان الحضور أمام قاضي التحقيق.

الفرع الأول : أوامر المثول أمام قاضي التحقيق
الفقرة الأولى : الأمر بالحضور
عرف المشرع المغربي الأمر بالحضور في المادة 144 من قانون المسطرة الجنائية بقوله : «يقصد من الأمر بالحضور إنذار المتهم بالحضور أمام القاضي في التاريخ والساعة المبينين في نص الأمر».
وقد حدد القانون طرق تبليغ الأمر بالحضور والذي ينبغي أن يتم بواسطة :
مفوض قضائي؛  
ضابط أو عون للشرطة القضائية؛
أحد أعوان القوة العمومية
الفقرة الثانية: الأمر بالإحضار
إذا كان الأمر بالحضور بمثابة إنذار بالامتثال أمام قاضي التحقيق دون إكراه، فإن الأمر بالإحضار وعلى العكس من ذلك يتطلب القوة العمومية لتنفيذه، وقد عرفته المادة 146 من قانون المسطرة الجنائية بأنه «الأمر الذي يعطيه قاضي التحقيق للقوة العمومية لتقديم المتهم أمامه في الحال». 
ونظراً لأهمية الأمر بالإحضار فإن المشرع منح في حالة الاستعجال إمكانية نشره بكافة الوسائل طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 146 من قانون المسطرة الجنائية.
وبيانات الأمر بالإحضار لا تختلف عن مثيلتها في الأمر بالحضور بخصوص هوية المتهم ونوع التهمة واسم القاضي الصادر عنه وصفته وتوقيعه. وتختلف طريقة تبليغ وتنفيذ الأمر بالإحضار تبعا لوضعية المتهم الذي قد يكون حرا أو في حالة اعتقال.
الفقرة الثالثة: الأمر بإلقاء القبض
عرفت المادة 154 من قانون المسطرة الجنائية الأمر بإلقاء القبض بأنه «الأمر الصادر للقوة العمومية بالبحث عن المتهم ونقله إلى المؤسسة السجنية المبينة في الأمر حيث يتم تسلمه واعتقاله فيها»، ويتبين أن الأمرين معا: الأمر بالإيداع في السجن والأمر بإلقاء القبض يهدفان معا إلى وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي وبقائه رهن إشارة قاضي التحقيق وهو على هذه الحالة.
إلا أنه ثمة فوارق بينهما نجملها في ما يلي:
-   يتخذ الأمر بإلقاء القبض في حق المتهم الموجود في حالة فرار، أو المقيم خارج المملكة أو الذي لم يعثر عليه، في حين يتخذ الأمر بالإيداع في السجن في حق المتهم الحاضر والماثل أمام قاضي التحقيق؛
 -  نص المشرع صراحة أنه لا يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا بالإيداع في السجن إلا بعد استنطاق المتهم، بخلاف الأمر بإلقاء القبض الذي يتضمن أمرا بالإيداع في السجن؛
 -  إذا كان الأمر بالإيداع في السجن يتخذه قاضي التحقيق دون استشارة النيابة العامة، فإن الأمر بإلقاء القبض لا يمكن اللجوء إليه إلا بعد أخذ رأي النيابة العامة.
ونظرا لخطورة الأمر بإلقاء القبض على حريات الأشخاص، فقد رتب المشرع على عدم مراعاة واحترام شكلياته في المادة 158 من قانون المسطرة الجنائية، تعرض كلا من ممثل النيابة العامة وقاضي التحقيق وعند الاقتضاء كاتب الضبط إلى عقوبات تأديبية إضافة على المتابعات الجنائية، كلما ترتب عن ذلك مساس بالحريات الفردية أو توفرت شروط الاعتقال التحكمي.

الفرع الثاني:أوامر احترازية للتحقيق
الفقرة الأولى : الوضع تحت المراقبة القضائية
عالج المشرع المغربي أحكام الوضع تحت المراقبة القضائية في الفصول 159 إلى 174 من قانون المسطرة الجنائية، ويعتبر هذا الإجراء من المستجدات التي تم استحداثها لأول مرة بمقتضى قانون المسطرة الجنائية الجديد.     
وقد أكدت المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية على الصفة الاستثنائية للوضع تحت المراقبة القضائية، وكونها تدبيرا يعمل به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية.
يتضمن الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية واحدا أو أكثر من التدابير المشار إليها في المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية والتي يلزم على المتهم الخضوع لها والتقيد بمقتضياتها.


الفقرة الثانية: الاعتقال الاحتياطي
نظم قانون المسطرة الجنائية أحكام الاعتقال الاحتياطي في الفصول 175 إلى 188، وهو تدبير استثنائي يعمل به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، ويهدف إلى الزج بالمتهم في السجن لمدة قد تطول أو تقصر دون أن تتعدى المدد التي قررها المشرع.
ويصدر الاعتقال الاحتياطي في شكل أمر يصدره قاضي التحقيق في أي مرحلة من مراحل التحقيق، ويتخذ شكل الأمر بالإيداع في السجن إذا كان المتهم حاضرا، أو أمرا بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار.
ويتم تبليغ هذا الأمر في الحال شفهيا للمتهم ويسجل هذا التبليغ في المحضر، ويتم تبليغه أيضا إلى ممثل النيابة العامة داخل أجل أربع وعشرين ساعة من اتخاذه، ويحق لهذا الأخير استئنافه خلال اليوم الموالي لصدوره، ويجب على الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف أن تبث في هذا الإستئناف داخل أجل خمسة أيام من تاريخ الإحالة.


الفقرة الثالثة: الإنابة القضائية
الإنابة القضائية هي بمثابة تفويض قانوني من طرف قاضي التحقيق الأصلي إلى قاض آخر أو إلى ضابط للشرطة القضائية إحدى صلاحياته ليقوم مقامه بعمل من أعمال التحقيق
فإذا تعذر على قاضي التحقيق أن يقوم شخصيا ببعض إجراءات التحقيق، جاز له بصفة استثنائية أن يكلف بإنابة قضائية ضابطا للشرطة القضائية لتنفيذ هذه الإجراءات، ونفس الأمر يسري على انتداب أحد القضاة.
ويمكنه أن يعهد بتنفيذ الإنابة القضائية خارج دائرة نفوذ محكمته لأي قاض آخر من قضاة التحقيق أو قضاة الحكم، وعلى القاضي المنتدب إشعار النيابة العامة التي تنفذ الإنابة في دائرة نفوذها.
المبحث الثاني:الأوامر المتعلقة بالأشياء و انتهاء التحقيق
يتمتع قاضي التحقيق بسلطات واسعة في إصدار مجموعة من الأوامر تهم بعض الأشياء والتي من شأنها مساعدته في تدبير وتصريف إجراءات التحقيق، وهذه الأوامر تنصرف إلى سحب جواز السفر وإغلاق الحدود أولا، وسحب بعض الوثائق الأخرى ثانيا، والأمر بإرجاع الحيازة ثالثا أو الأمر برد الأشياء رابعا، والأمر ببيع المحجوز خامسا، وهذه الأوامر مجتمعة تصدر في شكل قرارات مكتوبة.
كما أنه يتخذ مجموعة من الأوامر القضائية التي تنذر بانتهاء التحقيق الإعدادي والتي تتلخص في :
- عدم الإختصاص ؛
- عدم المتابعة ؛
- المتابعة و الإحالة على المحكمة.

المطلب الأول :الأوامر الخاصة بالسحب
 الفرع الأول : سحب الوثائق

   تكمن فلسفة و قيمة سحب الوثائق في الطابع الإحترازي و الوقائي الذي يمكن قاضي التحقيق من الإطمئنان إلى مباشرة إجراءات التحقيق الإعدادي و الإستمرار فيها من خلال ضمان حضور المتهم،و أن هذا السحب قيده المشرع بإجراءات و مدد قانونية كما سوف نرى .
الفقرة الأولى: الأمر بسحب جواز السفر وإغلاق الحدود
يمكن لقاضي التحقيق في القضايا الجنائية أو الجنحية أن يصدر أمرا بسحب جواز السفر وإغلاق الحدود كلما اقتضت ذلك ضرورة التحقيق.
ويتم تفعيل هذا الإجراء بإحالة جواز السفر على رئيس مصلحة كتابة الضبط بأمر كتابي يصدره قاضي التحقيق ويبقى تحت عهدته إلى حين البت في وضعية المتهم أو انصرام آجال التحقيق حيث يتم إرجاع الجواز إلى صاحبه مقابل توقيعه على تسلمه إياه.
أما إجراء إغلاق الحدود فيتجلى في مكاتبة السلطات المختصة بمنع المتهم من مغادرة أرض الوطن حتى يبقى رهن إشارة قاضي التحقيق بتنفيذ الأمر القضائي الصادر بهذا الشأن.

الفقرة الثانية : الأمر بسحب بعض الوثائق الأخرى
بخصوص قضايا حوادث السير مثلا التي يحال مرتكبوها على التحقيق خصوصا في الحوادث المميتة والتي بات التحقيق بشأنها إلزاميا بمقتضى مدونة السير الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2010، فإن قاضي التحقيق إذا ما ارتأى إجراء التحقيق مع المتهم في حالة سراح قد يلجأ إلى منعه من السياقة ويصدر أمرا بوضع أو تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط مقابل وصل.
وقد ذكر المشرع هذا الإجراء ضمن التدابير التي سطرها في المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية حيث أردف تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط بإمكانية الإذن باستعمال هذه الرخصة في حدود مزاولة النشاط المهني وذلك في الحالة التي يعتمد فيها المتهم على رخصة السياقة كوسيلة لعيشه وعيش أسرته كما هو الشأن للأشخاص الذين يحترفون ويمتهنون السياقة.

الفرع الثاني : الأوامر الخاصة بالإرجاع
   

   يتعلق الإرجاع الذي يضطلع به قاضي التحقيق و يصدر بشأنه أوامر قابلة للتنفيذ بإرجاع حيازة العقارات المغتصبة أو المترمى عليها بعد الحكم و التنفيذ و كذا رد الأشياء المحجوزة إلى أصحابها متى لم تكن لازمة إلى سير الدعوى. 
الفقرة الأولى: الأمر بإرجاع الحيازة
الأمر بإرجاع الحيازة أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كما يسميها بعض الفقه، يتم اللجوء إليها في حالة الاعتداء على الحيازة وقامت أدلة كافية على جدية توجيه الاتهام خصوصا في جرائم الاعتداءات على الحيازة. 
نصت المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الرابعة على أنه لقاضي التحقيق «متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات على الحيازة أن يأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه».  
يعتبر هذا الإجراء من المستجدات التي جاء بها القانون الجديد للمسطرة الجنائية، إلا أن المشرع لم يوضح ما إذا كان الأمر يتعلق بحيازة عقار أو منقول من جهة، كما لم يوضح مسطرة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وطبيعة الدلائل الكافية على جدية الاتهام الموجه إلى المتهم بشأن جرائم الاعتداءات على الحيازة.
الفقرة الثانية : الأمر برد الأشياء
خول المشرع لقاضي التحقيق بمقتضى المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الخامسة حق رد الأشياء التي تم ضبطها خلال التحقيق لمن له الحق فيها وفق الشروط التالية:
عدم وجود منازعة جدية؛
ما لم تكن لازمة لسير الدعوى؛
ما لم تكن خطيرة؛
ألا تكون محلا للمصادرة.
ويتم تفعيل عملية الإرجاع بأمر كتابي يصدره قاضي التحقيق بناء على طلب المعني بالأمر بعد التأكد من صفته وأحقيته في الإرجاع.
الفقرة الثالثة : الأمر ببيع المحجوزات
عملية بيع المحجوزات تخضع للمسطرة العادية والمعروفة في البيوعات بالمزاد العلني وغالبا ما يضطلع بها مأموروا إجراءات التنفيذ تحت إشراف قاضي التحقيق ويتم إيداع مبالغها بصندوق الإيداع والتدبير إلى حين مطالبتها واستيفائها من طرف ذوي الحقوق لها.
بسلوك المشرع مسطرة بيع الأشياء المحجوزة التي يخشى فسادها أو تلفها أو التي يتعذر الاحتفاظ بها كمادة الدقيق أو الحبوب أو الفواكه أو الخضر مثلا، يكون قد راعى مصلحة ذويها وبالتالي يكون بيعها خير من ضياعها.

المطلب الثاني : الأوامر القضائية بانتهاء التحقيق
قد نظم المشرع الأوامر القضائية بانتهاء التحقيق بمجموعة من الأحكام والقواعد القانونية التي ينبغي احترامها والتقيد بها.
فقد نصت المادة 143 من قانون المسطرة الجنائية إلى مجموعة من الشكليات باعتبارها أحكاما مشتركة تخضع لها جميع أوامر قاضي التحقيق وتتمثل في ما يلي :
 - الإشارة إلى نوع التهمة وتضمينها بصدر الأمر؛
 - النصوص القانونية المطبقة عليها؛
 - هوية المتهم ورقم بطاقة تعريفه الوطنية عند الاقتضاء؛
 - تاريخ صدور الأمر؛
 - إمضاء قاضي التحقيق مشفوعا بختمه و طابعه.
عندما يقدر قاضي التحقيق انتهاء التحقيق، يقوم بتوجيه الملف بجميع أوراقه بعد ترقيمها من طرف كاتب الضبط إلى النيابة العامة قصد إطلاعها عليه ووضع ملتمساتها داخل أجل ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ توصلها بالملف.
الفرع الأول:الأوامر القضائية بانتهاء البحث
الفقرة الأولى : الأمر بعدم الاختصاص
إن قاضي التحقيق هو الجهة المسؤولة على تصريف وتوجيه إجراءات التحقيق منذ إحالة ملف التحقيق عليه سواء من طرف النيابة العامة أو بناء على الشكاية المباشرة المصحوبة بالإدعاء المدني، فبعد إطلاعه على الأفعال المعروضة عليه واتضح له أنها لا تدخل ضمن اختصاصه، فإنه يصدر أمرا بعدم الاختصاص.
فتكييف الأفعال المحالة على قاضي التحقيق واعتبارها خارجة عن اختصاصه تخضع لسلطته التقديرية.
فإذا اقتنع قاضي التحقيق بعدم اختصاصه في الأفعال المعروضة على غرفته، يصدر أمرا بذلك ويحيل ملف القضية إلى النيابة العامة داخل أجل ثمانية أيام من صدور الأمر بعدم الاختصاص.

الفقرة الثانية: الأمر بعدم المتابعة
 أطر المشرع صدور الأمر بعدم المتابعة بمجموعة من الأسباب تروم كلها حول الأفعال المنسوبة للمتهم، والتي تتمثل في ما يلي :
-  إذا اتضح لقاضي التحقيق أن التهم المنسوبة للمتهم لا توصف بأي وصف جرمي أي لا تعتبر مجرمة بنص القانون، وعملا بقاعدة الشرعية الجنائية التي تنص صراحة أنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص قانوني.
- أو أن الأفعال المنسوبة للمتهم كانت مجرمة وأنها لم تعد كذلك حيث زالت عنها الصفة الجرمية بعد إلغاء القانون الذي كان المتهم محال بمقتضاه على التحقيق.
- أو أن الأفعال المنسوبة للمتهم تتصف بالصفة الجرمية، إلا أن التحقيق لم يسفر عن أي دليل أو دلائل غير كافية لتوجيه الاتهام إلى المتهم.
أو أن الفاعل يظل مجهولا عندما يجري التحقيق ضد شخص مجهول ولا تسفر الأبحاث عن تحديد هوية الفاعل الحقيقية، ولأنه لا يمكن أن تحال القضية على المحكمة مع بقاء مرتكبها مجهولا.
يكون الأمر بعدم المتابعة قابلا للاستئناف من طرف النيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة 222 من قانون المسطرة الجنائية، ومن طرف المتهم في الشق القاضي بالنشر، وكذلك الشق المتعلق برد الأشياء المحجوزة طبقا للمادة 223 من قانون المسطرة الجنائية.

الفقرة الثالثة: الأمر بالإحالة على المحكمة
الأمر بالإحالة على المحكمة يرمي إلى توجيه الاتهام إلى المتهم وإحالته على الغرفة القضائية المختصة والتي تختلف بحسب نوع ودرجة التهمة، أوالتهم الموجهة للمتهم، مما يستدعي بالضرورة التمييز بين الإحالة على غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية، والإحالة على غرفة الجنايات الإبتدائية بمحكمة الإستئناف.
 حسب مقتضيات المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية، يختص قاضي التحقيق لدى المحاكم الابتدائية في الجنح القابلة للتحقيق، فإذا تبين له أن الأفعال لا تعدو أن تكون مخالفة، أحال الملف على النيابة العامة وأمر بوضع حد للوضع تحت المراقبة القضائية وبالإفراج عن المتهم المعتقل ما لم يكن معتقلا لسبب آخر. وتتولى النيابة العامة إحالة القضية على الجهة المختصة مراعية قواعد الاختصاص في المخالفات.
وإذا تبين لقاضي التحقيق أن الأفعال المنسوبة للمتهم تشكل جنحة يصدر أمرا بإحالة المتهم على غرفة الجنح الابتدائية، ويبت في شأن الاعتقال الاحتياطي والأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية.
ويحيل قاضي التحقيق ملف القضية على وكيل الملك من أجل الاستدعاء طبقا لإجراءات المادتين 308 و309 من قانون المسطرة الجنائية.

الفرع الثاني : استئناف أوامر قاضي التحقيق
الفقرة الأولى : استئناف النيابة العامة
يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى الغرفة الجنحية لكل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة طبقا لمقتضيات المادة 196 من قانون المسطرة الجنائية.
فكلما اختلفت أوامر قاضي التحقيق مع ملتمسات النيابة العامة، حق لهذه الأخيرة استئنافها عن طريق تقديم تصريح يقدم إلى كتابة الضبط بالمحكمة التي يتواجد بها قاضي التحقيق في اليوم الموالي لإشعارها بصدور الأمر، وتترتب عن استئناف النيابة العامة مجموعة من الآثار القانونية نجملها في مايلي :
- بقاء المتهم معتقلا في حالة صدور أمر بالإفراج المؤقت إلى حين انصرام أجل الإستئناف المتمثل في اليوم الموالي لإحضار النيابة العامة بهذا الأمر،
 - تسري نفس المقتضيات أعلاه إذا تعلق الأمر برفع المراقبة القضائية،
 - إبقاء المتهم في حالة اعتقال إلى أن يتم البت من طرف الغرفة الجنحية.
الفقرة الثانية : استئناف المتهم
منحت المادة 223 من قانون المسطرة الجنائية للمتهم حق استئناف أوامر قاضي التحقيق والمتعلقة بمايلي:
 المنازعة في طلبات الطرف المدني (المادة 94)؛
الأمر بالإيداع في السجن (المادة 152)؛
 الامر بالاعتقال الاحتياطي في الجنح (المادة 176)؛
الأمر بالاعتقال الاحتياطي في الجبايات (المادة 177)؛
 الأمر برفض الإفراج المؤقت (المادة 179)؛
 الامر برفض إجراء الخبرة (المادة 194)؛
 الأمر برفض إجراء خبرة مضادة أوتكميلية (المادة 208)؛
 البث في شأن رد الأشياء المحجوزة (216)؛
الأمر بتصفية صوائر الدعوى (المادة 216)؛
الأمر بنشر قرار عدم المتابعة (المادة 216)؛
الأمر بالبت في الاختصاص (المادة 223).
الفقرة الثالثة : استئناف المطالب بالحق المدني
طبقا للمادة 224 من قانون المسطرة الجنائية يمكن للطرف المدني أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية الأوامر التالي :
- الأوامر الصادرة بعدم إجراء التحقيق؛
- الأوامر الصادرة بعدم المتابعة؛
- الأوامر التي تمس بمصالحه المدنية؛
الأوامر التي تبت في الاختصاص.
وفي نفس الإطار فقد منع المشرع على المطالب بالحق المدني استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق والمتعلقة باعتقال المتهم أو أي مقتضى من مقتضيات أمر قضائي يتعلق بهذا الاعتقال أو بالمراقبة القضائية، وعموما يقدم الطرف المدني استئنافه طبقا للكيفيات والشكليات التي يقوم بها المتهم استئنافه وهي المنصوص عليها في المادة 223 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثالثة، خلال الثلاثة أيام الموالية لتبليغ الأمر القضائي في موطنه الحقيقي أو المختار.
الفرع الثالث : بطلان إجراءات التحقيق
إلى جانب إمكانية الحق في استئناف أوامر قاضي التحقيق، فإن قانون المسطرة الجنائية منح أيضا إجراء مسطريا في غاية الأهمية يتمثل في سلوك مسطرة البطلان، وهي مسطرة تهدف إلى تطهير إجراءات التحقيق إذا ما خالفت القواعد الشكلية والموضوعية التي حددها المشرع وأوجب على  قاضي التحقيق اتباعها ومراعاتها ورتب على مخالفة بعضها بطلان الإجراءات المعيبة والإجراءات الموالية لها.
وللإحاطة بمسطرة إثارة البطلان والآثار القانونية المترتبة عنه سوف نعرض ذلك من خلال :
- حالات إثارة البطلان؛
- من له الحق في طلب البطلان؛
- مسطرة إثارة البطلان؛
- اللأثار القانونية المترتبة عن إثارة البطلان.

الفقرة الأولى: حالات إثارة البطلان
حدد الفقه حالات أوأسباب إثارة البطلان في صنفين إثنين :
- البطلان القانوني.
البطلان القضائي.
فالنوع الأول هو ما تم التنصيص عليه في المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية التي حددت طبيعة الإجراءات التي يتعين على الإخلال بإحداها البطلان.
أما البطلان القضائي هو ما أشار إليه المشرع في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الأولى التي تنص على أنه :
  «يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف».
الفقرة الثانية :الجهات المقرر لها حق إثارة البطلان
منح المشرع حق إثارة البطلان إلى خمس جهات حددتها المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية وهي :
- قاضي التحقيق نفسه،
-  النيابة العامة،
- المتهم ودفاعه،
-  المطالب بالحق المدني ودفاعه،
- الغرفة الجنحية.
الفقرة الثالثة : مسطرة إثارة البطلان
تختلف مسطرة إثارة البطلان بحسب طبيعة الجهة التي أثارته فيما إذا كان تلقائيا من طرف قاضي التحقيق والغرفة الجنحية، أو المتهم أوالمطالب بالحق المدني أونائبيهما، أوالنيابة العامة.
إذا تم الطعن بالبطلان من طرف النيابة العامة،  أوالمتهم،أو المطالب بالحق المدني أودفاعهما، وجب أن يجري التصريح بالطعن في سجل خاص ممسوك لدى كتابة الضبط معد للتعرضات والإستئنافات، يتم توقيعه وجوبا من طرف كاتب الضبط الماسك له والطاعن بالبطلان.
أما إذا أثير البطلان من طرف قاضي التحقيق فإنه يصدر أمرا بذلك، ويحيل ملف التحقيق على النيابة العامة التي ترفعه بدورها إلى الغرفة الجنحية.
أما الغرفة الجنحية فإنها تثير البطلان بمناسبة عرض القضية عليها.


الفقرة الرابعة : الآثار القانونية المترتبة عن إثارة البطلان
يترتب عن استئناف أوامر قاضي التحقيق عموما أثرين قانونيين :
 أولهما، إيقاف الأمر الذي تم الطعن فيه بالإستئناف إلى أن تبت فيه الغرفة الجنحية، في حين يواصل قاضي التحقيق الإجراءات الأخرى التي لم يتم الطعن فيها بالإستئناف؛
ثانيهما، إن الإستئناف ينشر الامر أوالإجراء المطعون فيه من جديد أمام الغرفة الجنحية التي ينحصر نظرها فيه دون تجاوزه إلى القضية برمتها.
أما الآثار المترتبة عن البطلان فيمكن إجمالها في مايلي :
أولا : البطلان ينصب على القانون دون الواقع وقد أطره المشرع في المادتين 210 و212 من قانون المسطرة الجنائية،
ثانيا : يمكن لكل من المتهم والطرف المدني التنازل عن ادعاء البطلان، ويجب ان يكون هذا التنازل صريحا، كما أنه لايقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه أوبعد استدعائه قانونا،
ثالثا : يتم عرض التنازل على الغرفة الجنحية من أجل المصادقة عليه.


رابعا : لايمكن إثارة الدفع ببطلان إجراءات التحقيق بعد صدور قرار الغرفة الجنحية القاضي بالإحالة على هيئة الحكم، أما إذا كان قرار الإحالة صادرا عن قاضي التحقيق فلاشيء يمنع من الدفع بالبطلان أمام هيئة الحكم،
خامسا : تصرح الغرفة الجنحية ببطلان الإجراء المعيب وقد تتجاوزه إلى بطلان الإجراءات التي تليه كلا أوبعضا،
سادسا : إذا اقتصرت الغرفة الجنحية على إبطال جزء من الإجراءات فيمكنها أن تأمر إما بإجراء تحقيق تكميلي وإما بإحالة الملف إلى القاضي المكلف بالتحقيق أوإلى أحد قضاة التحقيق لمتابعة إجراءات البحث،
سابعا : إذا تبين للغرفة الجنحية أن هناك إبطالا كليا للمسطرة فإنها تحيل المسطرة إلى النيابة العامة لتتخذ في شأنها ما تراه مناسبا أوثبت في شأن الاعتقال الاحتياطي أوالمراقبة القضائية.

ثامنا : يكون للمقرر المحال على الغرفة الجنحية مفعوله التام إذا تم تأييده من طرفها.
تاسعا : يتم سحب وثائق أومستندات الإجراءات التي تم إبطالها عن ملف التحقيق أويتم حفظها في كتابة ضبط محكمة الإستئناف، ولا يمكن استكمالها كأدلة ضد أطراف الخصومة تحت طائلة عقوبات تأديبية للمسؤولين عن ذلك سواء كانوا قضاة أومحامين.
عاشرا : الطعن بالبطلان ينشر القضية أمام الغرفة الجنحية ويغل يد قاضي التحقيق في استمراره في إجراءات التحقيق إلا بعد أن تصدر الغرفة الجنحية قرارها ببطلان الإجراء أوالإجراءات المطعون فيها بالبطلان، أوتؤيد تلك الإجراءات.


ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات