الحقوق المستثناة من التقييد في السجل العقاري pdf
يهدف نظام التحفيظ العقاري إلى تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به، ولا يمكن اكتساب أي حق عيني بعد ذلك عن طريق التقادم سواء تعلق الأمر بالتقادم المكسب أو المسقط، وهو بمثابة حالة مدنية للوضعية القانونية والمادية للعقارة، يمنحه حجية تامة وقوة إثبات وتطهير من جميع الحقوق غير المدلى بها أثناء جريان مسطرة التحفيظ، فالمالك تثبت له ملكية عقاره مطهرة ونهائية وغير قابلة للطعن بمجرد صدور قرار التحفيظ من قبل المحافظ العقاري وفقا للفصلين الأول و62 من ظهير التحفيظ العقاري.الحقوق المستثناة من التقييدات بالرسم العقاري
وتكون التقييدات الواردة على السجل العقار بعد ذلك آثار إنشائية تكون إما إيجابية أو سلبية، فهي إيجابية لأنها تجعل الحق موجودا بهذا التقييد، حيث يعتبر الرسم العقاري نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينيةوالتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة وتكون بالمقابل سلبية لأن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، حتى تشطب السبب من الأسباب، ولا تنتج الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسیس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، أين أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري .
ونشير إلى أن قاعدة التطهير لها علاقة بقرار التحفيظ، وليس بتأسيس الرسم العقاري فكل تحفيظ ينتج عنه تطهير، وكل تأسيس الرسم العقاري لا يتمتع بالتطهير إلا إذا كان نتيجة للتحفيظ لأن هناك حالات ينشأ عنها تأسيس لرسم عقاري تبعا لبعض التصرفات اللاحقة للتحفيظ القسمة أو البيوعات الجزئية أو المفرزة. وفي مثل هذه الحالات، لا يعتبر الرسم المؤسس مطهرا بل يمكن إلغاؤه والتشطيب عليه اتفاقا أو قضاء، لأن وجوده جاء نتيجة لتقييد على رسم آخر، ولذلك يسري عليه ما يسري على التقييدات عموما.
ولم يضع المشرع المغربي نصا عاما يستثني بموجبه بعض الحقوق من الآثار الإنشائية للتقييد في السجل العقاري، سواء الإيجابية أو السلبية، وإنما وردت في نصوص خاصة، أو أن المنطق القانوني في تأويل النصوص يوجب اعتبار بعضها مشمولا كذلك بالاستثناء، شريطة أن لا تكون منافية لأهداف وغايات نظام السجل العيني، باعتباره وحدة متماسكة ومتكاملة.
وتختلف الأسباب التي دعت إلى استثناء بعض الحقوق من الآثار الإنشائية للتقييد في السجل العقاري من حالة الأخرى، وسنحاول عند ذکر كل حالة، ربطها بعلة استثنائها، مقسمين هذه الدراسة إلى مبحثين على الشكل التالي :
المبحث الأول: استثناءات من الأثر السلبي للتقييدات العقارية.
المبحث الثاني : استثناءات من الأثر الإيجابي للتقييدات العقارية.
رابط تحميل الحقوق المستثناة من التقييد في السجل العقاري pdf : اضغط هنا
تعني هذه الاستثناءات أن هنالك حقوقا عينية كان يجب أن تقيد لكي تنتج آثارها بين الطرفين وتعتبر موجودة تجاه الغير، غير أن القانون اعفاها من التقييد، واعتبرها موجودة تجاه الكافة، ومنتجة لآثارها، دون أن تقيد أو قبل أن تقيد في رسم الملك، وهي بذلك على نوعين: الأول يتعلق بحالات يعتبر فيها الحق العيني موجودا ومترتبا على عقار محفظ رغم عدم تقييده المطلب الأول)، والثاني ينصب على حالات يعتبر فيها الحق العيني رغم کونه خاضعا للتقیید موجودا وقائما قبل تقییده (المطلب الثاني).
تقييد الحقوق العينية بالرسم العقاري
المطلب الأول : الحقوق العينية التي تعتبر موجودة رغم عدم تقييدهاخرج المشرع عن مبدأ الأثر الإنشائي للتقييد من خلال اعتبار بعض الحقوق موجودة ومنتجة لآثارها القانونية بالرغم من عدم تقييدها بالرسم العقاري نظرا لاعتبارات المصلحة الخاصة، وتتمثل هذه الاستثناءات فيما يلي:
أولا : الارتفاقات الطبيعية والقانونية وكل ما هو ضروري لاستعمالها وصيانتها.
ثانيا : الحقوق المقررة على بعض الأملاك.
ثالثا : الامتيازات العقارية.
رابعا : الضرائب ورسوم التسجيل والتنبر.
المطلب الثاني : الحقوق العينية التي تعتبر قائمة قبل تقییدها
نستعرض في هذا المطلب الاستثناءات التي يعتبر فيها الحق قائما قبل تقييده بالمحافظة العقارية إلا أن ربطها ببعض الشروط يجعلها نسبية، وهذه الحالات هي :
- أولا : حالة الرهن المؤجل؛
- ثانيا : حقوق الورثة والموصى لهم؛
- ثالثا : اكتساب الملكية قبل التقييد عن طريق حكم قضائي.
المبحث الثاني استثناءات للأثر الإيجابي التقييدات العقارية
يقصد بالأثر الإيجابي للتقييدات العقارية أن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ، يبتدئ وجوده القانوني بالنسبة للغير، بتقييده بالرسم العقاري وابتداء من تاريخ التقیید، ولا تنتج الاتفاقات على تلك الحقوق أي أثر لو بين الأطراف إلا من تاريخ تقييدها.يستنتج من كل ذلك، أن الحقوق المقيدة هي وحدها التي يعترف القانون بوجودها وآثارها تجاه الغير وتجاه الأطراف، واعتبارا من تاريخ تقييدها، وتظل كذلك إلى أن يتم تغييرها أو التشطيب عليها بموجب سند يسمح بهذا التغيير أو التشطيب.
وهذا الأثر الإيجابي هو الوجه المقابل للأثر السلبي للتقييد العقاري الذي ينفي وجود الحق وآثاره إن لم يكن مقيدا.
غير أن هناك استثناءات لهذا الأثر الإيجابي بالنسبة للتقييدات العقارية، يمكن تقسيمها إلى صنفين : يتضمن الأول حالات تكون فيها قوة الحجية المطلقة للتقييد المضمن بالسجل العقاري تجاه الغير حسن النية قابلة لإثبات العكس، وهي على الخصوص حالات عدم التطابق بين بيانات السجل العقاري وبيانات سند الملكية أو بسبب التغيير الذي يطرأ على العقار بالالتصاق الطبيعي (المطلب الأول). أما الصنف الثاني، فهو عبارة عن حقوق عينية تجرد من آثارها- في نظر القانون. رغم استمرار تقييدها على الرسم العقاري (المطلب الثاني).
إذا كان المشرع قد أقر للتقييد أثرا منشئا للحق، فلا وجود للحقوق العينية العقارية إلا بمقتضى واقعة التقييد في السجل العقاري ودون اعتبار لأية وسيلة أخرى، فإن حجية هذا التقييد يختلف مداها حسب ما إذا كانت مصاحبة لتأسيس الرسم العقاري أو لاحقة له، لأن المشرع منح للأولى حجية مطلقة سواء بين الأطراف أو بالنسبة للغير، في حين أورد على الثانية بعض الإستثناءات، سواء في الجانب الإيجابي للأثر الإنشائي للتقييد في السجل العقاري الذي يتمثل في الاعتراف بالوجود القانوني للحقوق المقيدة وحدها فيما بين الأطراف من جهة، وفي مواجهة الغير من جهة ثانية، أم في جانبها السلبي الذي يعتبر أن عدم التقييد يترتب القانوني للحقوق وإبقائها في طي الكتمان بل وإهدارها في بعض الحالات، حيث تعتبر بعض الحقوق موجودة بالرغم من عدم تقييدها في هذا السجل، في حين تفقد أخرى قيمتها الإيجابية بالرغم من تقييدها، وكل ذلك يكون لاعتبارات معينة، بمقتضى نص قانوني استثنائي خاص، أو بناء على وضع من الأوضاع، لأن مثل ذلك النص القانوني الاستثنائي الخاص هو أيضا مشهر، فلا يمكن ادعاء الجهل بالقانون، حتى ولو كانت معطيات التقييد العقاري مناقضة له، لأن العبرة للنص القانوني وليس للتقييد، وذلك عندما تتعارض القوة السلبية للنص القانوني تجاه حق ما، مع القوة الإيجابية التقييد نفس الحق.
وبالرغم من ذلك، فإن المشرع مطالب بالتدخل لتنظيم هذه الاستثناءات ووضع نصوص صريحة من شأنها أن تلائم حالاتها مع ما يقتضيه نظام الشهر العيني من لزوم الإعلان على كل التغييرات الطارئة على العقار وشهرها بالسجل العقاري، لتكون متفقة مع الوضع الحقيقي الحالي.