المسؤولية المهنية s5 pdf
تنشأ المسؤولية المهنية بصفة عامة عن الإخلال بما التزم به المتعاقد مع الغير التزاما صحيحا غير مشوب بطلان أو عيب من العيوب للرضا, فهي ترتب عن فعل أو ترك يسبب ضررا ناتج عن عدم تنفيذ هذا العقد, فالمسؤولية إذن تنبني على خطأ عقدي محض. وبهذا فإن أريب المهن من أطباء وصيدلة ومحامين و غيرهم كثيرا ما يرتكبون أخطاء أثناء ممارستهم لمهنهم وباعتبار أن مسؤولية هؤلاء الفنانين تكون في أكثر الأحوال مسؤولية عقلية لارتباطهم بعقود مع عملائهم في تقديم خدماتهم الفنية وذلك استنادا للمادة723 من ق ل ع الذي ينص على أن : "إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد الطرفين بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم به هذا الأخير بدفعه له". وتأكيدا لذلك بالمادة 724 من نفس القانون على أنه : "يعتبر بمثابة إجارة الصنعة كل عقد يلتزم بمقتضاه الأشخاص الذين يباشرون المهن والفنون الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم. وكذلك الشأن بالنسبة للأساتذة وأرباب العلوم والفنون والحرف" وغالبا ما يكون هذا العقد التزاما ببذل عنية بحيث إذا لم يقم الملين أصلا بالعمل المطلوب فيفترض أن التخلف عن القيام بذلك العمل مرجعه فعل المدين ذاته. ويلزم بالتعويض ما لم يثبت السبب الأجنبي الذي جعل القيام به مستحيلا.
محاور محاضرات مادة المسؤولية المهنية في القانون المغربي
المنهجية العامةطبيعة الخطأ المهني, أنواعه وإثباته:
إشكالية تحديد الخطأ المهني على ضوء القانون المغربي والمقارن:
تحديد الخطأ المهني في التشريع المغربي.
الخطأ المهني العقدي.
الخطا المهني التقصيري
الخطأ المهني على ضوء القانون المقارن
أنواع الخطأ المهني وإثباته
أنواع الخطا المهني ودرجاته .
الخطا العمد وخطأ الإهمال ودرجاته
الخطا الإيجابي والسلبي
عبء إثبات الخطا المهني بين التشريع المغربي و المقارن۔
إثبات الخطا المهني في التشريع المغربي .
عبء إثبات الخطأ المهني في التشريع المقارن
حالات تطبيقية للخطا المهني ومسالة تجاوزه للتقسيم الثنائي للخطا المدني:
حالات تطبيقية للخطا المهني
الخطأ المهني كخطأ عقدي
في مجال المسؤولية المهنية للطبيب والجراحe
في مجال المسؤولية المهنية للمحامي .
الخطا المهني كخطأ تقصيري
في مجال المسؤولية المهنية للمهندس والمقاول
في مجال مسؤولية موثقي العقود .
تجاوز الخطأ المهني للتقسيم الثنائي للخطأ المدني
الخطا المهني في ظل الأنظمة الداخلية للمهنة
القانون المنظم لمهنة الطب
القانون المنظم لمهنة المحاماة
الخطأ المهني على ضوء الأعراف والتقاليد المهنية .
في مجال الأعراف والتقاليد المهنية المحلية
في مجال الأعراف الدولية
مقدمة المسؤولية المهنية
لم يخلق الإنسان في هذا الكون مسلوبا في الإرادة ولا سيدا مطلقا يتصرف حسب ما تملي عليه حريته بل هو مسير ومخير في آن واحد. إذ منذ مجيئه إلى الوجود وهو يحمل أخطر المميزات والصفات سواء على مستوى العقل أو الذات أو على مستوى القدرة هذه الصفات التي تحملها الإنسان أوجبت عليه الاضطلاع بالمسؤولية لضمان الحقوق والقيام بالواجبات.
وأمام تطور الحياة العملية للإنسان وتشعب فروع العلم ودقتها والتي أوجدت أساليب وتقنيات جدا متطورة في جميع الميادين الاقتصادية والتقنية والاجتماعية, مما أوجب على الإنسان مواكبة هذا الركب الحضاري وتنظيم هذه الميادين العملية عن طريق إخضاعها لأنظمة داخلية وضوابط قانونية تطور معها مفهوم المسؤولية من التعريف التجريدي العام إلى التعريف العملي أو التطبيقي
فالمسؤولية إذن هي حالة الشخص الذي ارتكب أمرا يستوجب المؤاخذة فإذا كان هذا الأمر مخالفا القواعد الأخلاق فحسب اعتبرت المسؤولية أدبية والمؤاخذة تكون أدبية. أما إذا كان الأمر المرتكب مخالفا للقانون اعتبرت المسؤولية قانونية وبالتالي تستطيع جزاء قانونيا وهذه المسؤولية تنقسم إلى نوعين : مدنية وجنائية.
ففي حالة المسؤولية الجنائية يكون مرتكب الفعل الضار مسؤولا من طرف الدولة باعتبارها | مشخصة للمجتمع ويكون جزاؤه عقوبة توقع عليه باسم المجتمع زجرا له وردعا لغيره, عكس المسؤولية المدنية التي لا تقع تحت حصر ولكن يشملها مبدأ عام يتمثل في تعويض المضرور عما حل به من أضرار | مادية ومعنوية بسبب خطأ الغير (المادة 77 من ق ل ع ) حيث يكون من الصعب حصر الأفعال التي تستوجب المسؤولية، فالعمل غير المشروع متعدد الصور والمجالات وكذلك الشان في مجال العقود, كما أن انتشار التأمين في مجال المسؤولية المدنية كان له الأثر البالغ إذ أن عدد دعاوى المسؤولية تضاعف والقضاء الفرنسي حافل بهذا النوع من الدعاوى التي إن دلت على شيء فإنما تدل على فكرة التعويض عن الضرر التي ترسخ لدى المجتمع لدرجة أصبح الحديث فيه عن الضرر كأساس المسؤولية وليس الخطا.
ويتضح من هذا أن المسؤولية المدنية ليست في مركز الأهمية بالنسبة للقانون فحسب بل هي تتجه باتساع نطاق تطبيقها إلى احتواء كل قواعد القانون إذ أن المبدأ العام الذي أقرئه جل التشريعات في مجال المسؤولية المدنية أقره المشرع المغربي في المادة 77 من ق ل ع "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير التزم مرتكبه بتعويض الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر", فهذه المادة تشير بشكل واضح للعناصر التي تتحقق بها المسؤولية المدنية (التقصيرية) والعقدية.
ويقصد بالمسؤولية العقدية ذلك الجزاء المترتب عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية وفق ما عبر عنه | المشرع المغربي في المادة 263 من ق ل ع "يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام وإما بسبب التاخر بالوفاء به وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين أما المسؤولية التقصيرية فإنها تترتب على مجرد إخلال بالواجبات القانونية (المادة 77 من ق ل ع ).
إلا أن التقسيم الازدواجي للمسؤولية المدنية إلى تقصيرية وعقدية يطرح عدة إشكالات على مستوى الجمع والخيار بينهما, حيث تعتبر من المواضيع التي أهتم بها الفقه والقضاء المعاصرين منذ بداية القرن 20 إلى الأن, وتتمثل عناصر هذه الإشكالات في الحالة التي يتولد فيها عن الفعل الواحد دعوتان إحداهما عقدية والثانية تقصيرية كالأضرار الناجمة عن الأخطاء التي تسبب فيها أرباب المهن الحرة أو ما يصطلح عليه بالمسؤولية المهنية ويقصد بهذه الأخيرة المسؤولية عما يقع من بعض الأشخاص بمناسبة | مزاولتهم لمهنهم، كالطبيب إذا أخطا وهو يقوم بعملية جراحية والمحامي إذا أخطا في إجراءات التقادم والصيدلي إذا اخطا في تركيب الدواء...
ويلاحظ أن مسؤولية هؤلاء تكون في أكثر من الأحوال عقدية قائمة على الالتزام ببذل عناية وناشئة عن عقد صحيح بين طرفين، وهو نفس الالتزام الذي يقع على عاتقهم بموجب المسؤولية التقصيرية. فيجب عليهم أداء عملهم وفقا لسلوك رجل في أوسطهم علما وكفاية
ويقظة. ويثور التساؤل بهذا الصدد حول طبيعة الخطا المهني: هل هو عدي أم تقصيري أم هو خارج عن هذا التنظيم الثنائي وبالتالي يشكل خطا مهنيا مستقلا تطبق عليه القواعد والمبادئ المنظمة لكل مهنة على حدى، وهذا التفاوت في الأراء راجع إلى عدم وضوح المشرع والقضاء في حسم مسألة الخطا إذ أنه في كثير من الأحيان يكون الخطا المهني عقدي وتطبق عليه قواعد المسؤولية التقصيرية ويكون تقصيري وتطبق عليه قواعد المسؤولية العقدية إلى جانب ذلك هناك إشكالية أخرى لا تقل أهمية وتتجلى في مسألة التمييز بين الخطا العادي والخطا المهني مع ملاحظة أن الفقه والقضاء الفرنسيين لم يأخذوا بهذا التمييز واعتبروا معيار الخطا واحد ولا مجال للتمييز بينهما وقد صار على نهجهم المشرع المغربي. حينما اعتبر الشخص المهني مسؤولا عن خطئه المهني مسؤوليته عن خطاه العادي حتى ولو كان يسيرا وذلك ما أقره في المادة 31 من ق ل ع.
ولعل سبب الخلاف حول مركز الخطا هو راجع بالأساس إلى عدم وضوح النصوص التشريعية المنظمة له واختلاف مواقف القضاء والفقه حول مسألة تكيفه.
اطلع أيضا على : نموذج امتحان المخاطر المهنية s5