ملخص مادة التنظيم الإداري s2 pdf

ملخص مادة التنظيم الإداري s2 pdf

محاضرات الفصل الثاني : شعبة القانون
إليكم زملائي الطلبة والطالبات تلخيص القانون الإداري ( التنظيم الاداري )
لطلبة السداسي الثاني s2 والمقبلين على مباراة الجماعات الترابية.
مقدمة التنظيم الإداري S2
القانون الإداري: فرع من فروع القانون العام الداخلي ويتضمن القواعد المنظمة لإدارة الدولة أو الإدارة العامة من حيث تكوينها ونشاطاتها.




ملخص التنظيم الاداري s2

القانون الإداري وخصائصه

أولا: تعريف القانون الإداري

القانون الإداري هو مجموعة القواعد القانونية المتميزة عن قواعد القانون الخاص والتي تنظم نشاط الإدارة بصفة عامة.
من خلال هذا التعريف نستشف ثلاثة عناصر مهمة:
أ‌- مجموعة القواعد القانونية، وهنا يمكن التذكير بأن القاعدة القانونية تتميز بعدة خصائص، أنها اجتماعية و عامة ومجردة ومقترنة بعنصر الإلزام.
ب‌- قواعد القانون الإداري متميزة عن قواعد القانون الخاص، ذلك أن قواعد القانون الخاص قد وجدت بصفة أساسية لتنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم وجعلهم على قدم المساواة، بالإضافة إلى قيامها على مبدأ حرية الإدارة، والعقد شريعة المتعاقدين، أما قواعد القانون الإداري فهي تقوم على مبدأ أساسي هو تمييز الإدارة الساعية إلى تحقيق المصلحة العامة، ويتجلى هذا التمييز في بعض المزايا التي يمنحها القانون الإداري للإدارة وهي كالتالي:
1- تستطيع الإدارة أن تصدر أوامر ملزمة للأفراد بإرادتها المنفردة ( القرارات الإدارية) فتلزمهم بأداء معين أو تمنعهم من القيام بتصرفات معينة فتحد بها من حرياتهم حفاظا على النظام العام.
2- تستطيع الإدارة أن تنفذ قراراتها جبرا على الأفراد ولها أيضا أن تقضي ما تراه حقا لها دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء.
3- للإدارة أن تنزع الملكيات الخاصة من أجل القيام بمشروعات تدخل في إطار المصلحة العامة.
4- للإدارة أن تعدل عقودها بغير موافقة المتعاقدين معها إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك بشرط التعويض.
5- تتوفر أعمال الإدارة على قرينة السلامة، بمعنى أنه يفترض أن المقرر الصادر عن الإدارة صحيح وخال من العيوب وعلى الأفراد الخضوع له وعدم مقاومة الإدارة عندما تشرع في تنفيذه حتى ولو تشككوا في مشروعيتها وعليهم بعد ذلك اللجوء إلى القضاء الإداري بطلب إلغائها بدعوى  تجاوز استعمال السلطة. 
ج‌- العنصر الثالث وهو قواعد القانون الإداري تحكم نشاط الإدارة، وهنا يمكن تحديد مفهوم الإدارة من خلال مفهومين: المفهوم العضوي والمفهوم الوظيفي.
حسب المفهوم العضوي، فالإدارة هي مجموعة الهيئات التي تتكون منها، فتشمل على رئيس الحكومة – وزير الدولة- الوزراء- الكتاب العامون – المديرون- رؤساء المصالح إلى أن تنتهي إلى آخر مستخدم في الوزارة أي الأعوان. وتشمل كذلك ممثلو الوزراء في الجماعات الترابية، وتشمل بصفة عامة الإدارة اللامركزية والمؤسسات العمومية المختلفة أيا كانت طبيعتها.
أما حسب المفهوم الوظيفي فالإدارة هي النشاط الذي تقوم به مختلف الهيئات التي سبق ذكرها. وهذا النشاط هو الذي يؤدي إلى احتكاك الإدارة بالأفراد فتنتج عنه روابط وعلاقات شتى، فمن الأفراد من يتلقى هذا النشاط في صورة خدمات عامة ومنهم من يقوم بالتعاون على تحقيقه فيدخل في روابط تعاقدية مع الإدارة ومنهم من يقوم بتحقيقه كالموظفين والمستخدمين، ومنهم من يتسبب لهم في أضرار مادية أو معنوية الأمر الذي تثبت عنه مسؤولية الإدارة ومنهم من يمس بحقوقهم أو حرياتهم أو وضعياتهم القانونية، والقانون الإداري هو الذي يحكم مختلف هذه العلاقات كما ينظم الهيئات الإدارية التي تدخل كطرف في تلك العلاقات.
غير أن الإدارة في بعض الأحيان تلجأ مختارة إلى التعامل مع الأفراد بأسلوب القانون الخاص.

ثانيا: خصائص القانون الإداري

بالرغم من القانون الإداري ذا علاقة مباشرة مع القوانين الأخرى، فإنه بطبيعة استقلاله يملك خصائص تضفي عليه طابعا خاصا، فهو قانون حديث النشأة، قضائي، وغير مقنن.
1- حديث النشأة 
كان القانون الإداري عبارة عن مجموعة من القواعد تستلهم من القانون المدني، كما كانت بعض ملامحه في القانون الروماني، بل أن الشريعة الإسلامية تشتمل على قدر مهم من قواعد القانون الإداري مثل نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وجمع الخراج، والحصول على الأموال لغرض الدفاع عن دار الإسلام، وقضاء المظالم والحسبة والبريد.
ورغم كل ذلك، فإن القواعد والأفكار القانونية لم تكن تجسد القانون الإداري بمعناه الاصطلاحي، لذا فإن فرنسا تعتبر أم القانون الإداري، حيث تم اتخاذ عدة تدابير منها إبعاد السلطة القضائية عن الإدارة العامة وعن القضايا الإدارية، حيث إنه تم إبعاد القاضي العادي عن نظر أية دعوى يزمع ذوو الشأن إقامتها في مواجهة الإدارة واتجاههم إلى الإدارة نفسها يشكون إليها تصرفاتها، وأنشئت بجانب الإدارة في مختلف المحافظات مجالس استشارية إلى غاية سنة 1872 واعتبارا من هذا التاريخ، أصبحت جهة قضائية. وكان مجلس الدولة الذي أنشئ في العاصمة، يدرس الدعوى ويقدم عنها تقريرا إلى رئيس الإدارة المشتكى ضدها أي الوزير المختص، وكان لهذا الأخير الحق في الأخذ بالحل الذي يتضمنه التقرير أو رفضه.
لكن وبمقتضى مرسوم 30 سبتمبر 1953 تم إحداث المحاكم الإدارية إلى جانب مجلس الدولة فلم يبق هذا الأخير هو الوحيد المختص للنظر في دعاوى الإلغاء في تجاوز السلطة، بل أصبحت المحاكم الإدارية هي التي تنظر في جميع القضايا الإدارية بصفة ابتدائية  على أساس إمكانية استئنافها أمام مجلس الدولة.
أما فيما يرجع لنشوء القانون الإداري في المغرب، فيمكن القول: إن أول نواة لتكوينه بدأت بالفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 الذي كان يجعل المحاكم العصرية مختصة للنظر في المادة الإدارية في الدعاوى الرامية إلى مطالبة الإدارات العمومية بالتعويض عن الأضرار الناجمة:
- عن تنفيذ العقود المبرمة من طرف الإدارة
- الأشغال العمومية التي أمرت القيام بها
- جميع أعمالها التي تسببت ضررا للأفراد.
كما أن الفصلين 79- 80 من ظهير 12 غشت 1913  المعتبر كقانون الالتزامات والعقود المغربي يتعرضان لمسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها.
والملاحظ أن هذه النصوص لم تنظم جانبا مهما من القضاء الإداري الذي هو الطعن بإلغاء القرارات الإدارية الغير المشروعة، بل لقد سارع الفصل الثامن من ظهير التنظيم القضائي إلى منع المحاكم صراحة من النظر في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية أو طلب وقف تنفيذها. وأمام إلحاح موظفي إدارة الحماية الفرنسية ومعظمهم من الفرنسيين فقد فتح تغرة ظهير فاتح شتنبر 1928 لهم الطعن بالإلغاء في القرارات التي تمسهم كموظفين أمام مجلس الدولة الفرنسي. ولقد بقيت الوضعية على هذا الحال إلى أن أنشئ المجلس الأعلى في 27 شتنبر 1957 حيث كان من اختصاصه البت في دعاوى الإلغاء للشطط في استعمال السلطة ضد المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية، لكن هذه الوضعية ستتغير بعد ما تم إنشاء المحاكم الإدارية بموجب قانون 41.90 والتي بدأت تعمل منذ 3 مارس 1994 والتي وزعت على الجهات الاقتصادية السبع التي أنشئت سنة 1971، كما تم إحداث محاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006 ، كما أن المجلس الأعلى أصبح محكمة نقض بعد وضع دستور 2011.
2- قانون قضائي
رغم أن التشريع يلعب دورا أساسيا في خلق القواعد القانونية التي تضبط السلوك والعلاقات، فإن التشريع بمعنى التقنين في القانون الإداري لا زال محدود المجال، نظرا لتنوع أطراف العلاقة وتجدد نشاطات الإدارة وتنوعها واتساعها المطرد وامتداد مفهوم الصالح العام، هذه الأمور كلها تؤدي إلى نشوء علاقات ونزاعات مستجدة تتطلب الاجتهاد والحلول الآنية، وهنا يتجلى دور القاضي في المجال الإداري خاصة وأنه يحاول خلق نوع من التلازم أمام ما يبدو متناقضا: أسبقية الإدارة وسلطتها الشرعية وقرينة الصالح العام من جهة والحريات الفردية والمصالح الخاصة في ضوء أحكام الدستور والقوانين الأخرى من جهة أخرى. كل هذا يحدو بالقاضي إلى الاجتهاد وبالتالي إلى خلق قواعد جديدة، وهذا الدور يختلف من بلاد إلى آخر، ويعني ذلك أن للقاضي دورا مهما في تطوير القانون الإداري.
ونستشهد ببعض الأحكام القضائية، حيث لعب فيها القاضي دورا أساسيا لجعل حد للتعارض الذي ظل قائما بين قواعد المسؤولية المدنية والمسؤولية الإدارية إلى أن تدخلت محكمة التنازع لتجعل حدا لهذا التعارض بأن تبنت موقف مجلس الدولة وذلك في حكمها الشهير " بلانكو " بتاريخ  8 فبراير1873 وأكدت بصراحة ما يلي: إن مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب تصرفات الأشخاص التي تستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقرها القانون المدني للعلاقات فيما بين الأفراد، وهذه المسؤولية ليست بالعامة ولا بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتنوع وفقا لحاجات المرفق وضرورة التوفيق بين الحقوق العامة والحقوق الخاصة.
ويلاحظ كثيرا من الأحكام القضائية بالمغرب في عهد الحماية أنها تعمل على تمييز قواعد المسؤولية الإدارية بتبني الاتجاه العام الوارد في حكم " بلانكو " عن طريق اعتباره كمرجع بل أكثر من ذلك تردد نفس الألفاظ التي جاءت فيه. وهكذا جاء في حكم محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 19 ماي 1953 ( قضية بن حمو ) المقابل إن لم نقل المطابق لحكم بلانكو في موضوع إبراز القواعد المميزة لقواعد المسؤولية الإدارية من قبل القضاء بالمغرب إذ جاء فيه: حيث إن المشرع المغربي وضع نصوصا خاصة لتحكم مسؤولية الإدارات العمومية، فإنه ضمنيا بل حتميا توخى من ذلك استبعاد تطبيق القواعد العادية للمسؤولية المدنية على هذه الإدارات، وهكذا لا يمكن أن نطبق عليها نصوص القانون المدني الذي يحتوي عليها الفصل 88 المتعلق بالمسؤولية بفعل الأشياء، وذلك عندما يكون السبب هو سير مرفق عمومي أو خطأ الموظف.
- وحيث إن المحكمة تنظر في الدعوى في القضايا الإدارية، فإنها تعتمد على اجتهاد مجلس الدولة، وحسب هذا الاجتهاد فإن قواعد المسؤولية الإدارية تختلف حسب حاجيات المرفق المعني أو حسب ضرورة التوفيق بين مصالح السلطة العامة وحقوق الخواص، وتسمح للقاضي المعروض عليه النزاع الإداري أن يحدد وبكامل الحرية ظروف أساس المسؤولية.
3- قانون غير مقنن
باعتبار القانون الإداري قانونا مرنا يتطور مع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وباعتباره قانونا قضائيا يعتمد في كثير من الأحيان على اجتهاد القاضي وحنكته وإلمامه بالحياة الإدارية وما يكتنفها من ظروف اقتصادية واجتماعية، فإن القانون الإداري لا تجتمع نصوصه بين دفتي كتاب كما هو الشأن مثلا بالنسبة للقانون الجنائي وقانون الالتزامات والعقود.
وهذا لا يعني انعدام وجود قواعد ونصوص مكتوبة للقانون الإداري بل بالعكس توجد نصوص كثيرة ومتنوعة كالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية- وقانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة- قانون التعمير.... ولكن في ذات الوقت تعتمد الإدارة في أعمالها على العرف الإداري والملاءمة مع المستجدات الميدانية.      

 علاقة القانون الإداري بمختلف القوانين

جرى الفقهاء على تقسيم قواعد القانون إلى قسمين- القانون الخاص والقانون العام، ويقوم هذا التقسيم على فكرة وجود الدولة باعتبارها سلطة عليا طرفا في العلاقة القانونية. 
والقانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة السلطان. في حين أن القانون الخاص مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي لا تكون الدولة بصفتها صاحبة السلطة طرفا فيها.
والقانون الإداري بمعناه الذي ذكرناه، فرع من فروع القانون العام إذ هو ينظم هيئات السلطة التنفيذية بالدولة ونشاط هذه الهيئات وعلاقاتها بعضها مع بعض ومع الأفراد.
والقانون الإداري بهذا المفهوم سيكون له ارتباط بكل فروع القانون وإن بدرجات متفاوتة، وسنعمل على توضيح البعض منها:

الفرع الأول: علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون العام

     إن الاتصال بين القانون الإداري ومختلف فروع القانون العام، لا يمنع من اعتبارهما قانونين مختلفين. وهو ما يؤيده العميد فيدال VEDEL،  لكن تبقى العلاقة قائمة والبعض يكمل الآخر، وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا الفرع مركزين على علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري والقانون المالي وعلم الإدارة.

الفقرة الأولى :علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري

القانون الإداري والقانون الدستوري يعتبران من القانون العام الداخلي، كما أنهما يشتركان في تنظيم نشاط السلطة التنفيذية، وبهذا يمكن القول: إن هناك علاقة وطيدة بين القانونين لدرجة أن الكثيرين يعتبرونهما قانونا واحدا. القانون الدستوري يتعلق بالحكومة، والقانون الإداري يتعلق بالإدارة، الحكومة والإدارة وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن إقامة حدود تفصل بينهما.
وحتى إن أمكن القول بفصل القانون الإداري عن الدستوري، فإن هذا الأخير هو مقدمة لازمة للأول أو كما يقول الدكتور سليمان محمد الطماوي، إذ يعتبر أن القانون الدستوري هو المقدمة الحتمية للقانون الإداري، وكلاهما يكمل الآخر، كما يقول: إن القانون الإداري يبدأ حيث يتوقف القانون الدستوري.
وسار في هذا الاتجاه الأستاذان روسي وجارانيون Rousset et Garagnon إذ يؤكدان على أن القانون الإداري هو امتداد للقانون الدستوري. وبغض النظر عن كونهما قانونا واحدا أو قانونين منفصلين، فإن القانون الدستوري يتميز عن القانون الإداري، حيث أن الأول يضع القواعد المتعلقة بتنظيم أسس الحكم في الدولة، ويبين كيفية تكوين المؤسسات الدستورية بالدولة، ويوضح طريقة توزيع المهام بين هذه المؤسسات، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض وتوزيع المهام بين مختلف مؤسساتها الدستورية، الملك، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وأخيرا السلطة القضائية، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض، أما القانون الإداري فينظم عمل هذه المؤسسات كل واحدة على حدة، وكذا المرافق الحكومية، أي مختلف الوزارات المكونة للسلطة التنفيذية.
وهكذا فالوزير مثلا هو في نفس الوقت سلطة سياسية وسلطة إدارية، فعندما يتصرف كسلطة سياسية أي المشاركة في وضع السياسة العامة للحكومة فتصرفاته تندرج في إطار قواعد القانون الدستوري، وعندما يتحرك كسلطة إدارية أي: اتخاذ مختلف القرارات لتنظيم وزارته عندئذ تخضع كل نشاطاته لأحكام القانون الإداري ووفق ضوابطه.
واستنادا إلى ما سبق يتضح وجود تداخل بين القانونين وبالتالي يصعب التمييز بينهما. وهذا التداخل هو انعكاس للعلاقة بين الحكومة والإدارة داخل السلطة التنفيذية والمتمثلة في تبعية الإدارة والحكومة استنادا إلى الدستور الذي ينص فصله 89 على: "تمارس الحكومة السلطة التنفيذية.
  تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.
وإذا كان جل الفقهاء لا ينفون الارتباط والتكامل بين القانون الإداري والقانون الدستوري، فإن الواقع يفرض عدم دمجهما لأنهما يتمايزان عن بعضهما من حيث طبيعة الأعمال التي ينظمانها ومن حيث المصادر ومن حيث الأشخاص العمومية والسلطات التي تحتكم إلى كل منهما غير أنه لا ننسى أن الدستور هو مصدر أساسي لكل منهما.

الفقرة الثانية:علاقة القانون الإداري بالقانون المالي.

    هناك علاقة وثيقة بين القانون والمالية العامة وتتجلى مظاهرها فيما يلي: 
- فلا يمكن لأي إدارة أن توجد بدون توفرها على وسائل مالية تستطيع بواسطتها تلبية حاجيات المواطنين ومتطلبات التنمية المنشودة سواء كانت هذه الوسائل عقارات أو منقولات.
فالتشريع المالي والمالية العامة تشتركان مع القانون الإداري في تنظيم موضوعات أساسية من نشاط الإدارة، إذ أنه بالرجوع إلى صلاحيات واختصاصات الإدارة نجد أن السلطات الإدارية والسلطات المالية مرتبطة بنفس الإطار القانوني، فمثلا القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات أو بالعمالات والأقاليم والقانون أو بالجماعات تتضمن بنودا متعلقة بميزانية هذه الجماعات الترابية، فهذه القوانين التنظيمية رغم كونها تندرج ضمن القانون الإداري، فإنها تنظم النشاط المالي للهيئات المحلية، وبالتالي فرض مراقبة مالية صارمة على هذه الهيئات من طرف سلطات الوصاية ونفس الأمر ينطبق على الميزانية العامة للدولة. وبذلك فإن علم المالية العامة يشارك القانون الإداري في تنظيم جزء هام من نشاط الإدارة بل الدولة. لذا فإن فصلهما عن بعضهما يبدو أمرا صعبا خاصة وأن دراسة الموارد الطبيعية (أي أملاك الدولة العامة) تدخل في نطاق القانون، أما دراسة الموارد النقدية (كالضرائب والرسوم)، فتدخل في نطاق المالية العامة، كما أن الإدارة لا يمكنها أن تقوم بتلبية الحاجيات العامة دون إمكانية مالية.
و لقد أحسن الدكتور محمد مرغني حين وصف الارتباط بين القانون الإداري والمالية العامة بجناحين لطائر واحد هي الإدارة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تنطلق إلا بهما جميعا.
الفقرة الثالثة: علاقة القانون الإداري بعلم الإدارة
مما لا شك فيه أن القانون الإداري يركز في دراسته على القواعد القانونية التي تنظم الإدارة وتحكم سلوكها خاصة فيما يمس علاقتها مع الأفراد، أما علم الإدارة فهو يدرس الإدارة كما هي في الواقع من حيث تكوينها والطرق التي تتبعها في أداء وظيفتها والغرض من هذا كله، هو معرفة الطرق والوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى فعالية أكثر لعمل الإدارة والتقوية من إنتاجيتها ومردوديتها.  من هنا يتضح أن الإدارة العامة تمثل محور الدراسة لكل من علم الإدارة والقانون الإداري، إلا أنه كل منهما ينظر إلى هذا الجهاز من زاوية مختلفة، فعلم الإدارة ينظر للإدارة من الجانب التقني والعضوي، في حين ينظر القانون الإداري للإدارة من الجانب الوظيفي والمادي.

الفرع الثاني: علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون الخاص

لكل من القانون الإداري والقانون المدني خصائصه المستقلة والمتميزة في مواجهة الآخر. فالقانون الخاص يرتكز أساسا على مبدأ المساواة في التصرفات فلا فرق بين أطراف الدعوى. أما القانون الإداري فإنه يمنح للإدارة حق إصدار قرارات فردية ملزمة للأفراد قد تؤثر على حرياتهم أو وضعيتهم المادية، وأن تبرم العقود مع الخواص وتفرض شروطا غير مألوفة في العقود المتداولة بين الخواص، وتنفذ قراراتها دون اللجوء إلى القضاء كل هذا لأداء المهام المنوطة بها لضمان سير المرافق العامة بانتظام واضطراد تحقيقا وحماية للمصلحة العامة.
وإذا كانت امتيازات الإدارة تلزم فرض أحكام متميزة عن القانون الخاص بصفة عامة، فإن هذا يظهر أكثر عندما نستعرض علاقة القانون الإداري بفروع القانون الخاص كل على حدة.

الفقرة الأولى: القانون الإداري والقانون المدني

إذا كان القانون الإداري يهتم بالتنظيم والنشاط الإداري للأشخاص العامة، فإن القانون المدني يهتم بالعلاقات القانونية الخاصة التي تقوم بين الأفراد كأطراف متكافئة وهذا ما يختلف عن القانون الإداري.
وبإلقاء نظرة إلى العلاقة بين القانون الإداري والقانون المدني، نجد أن الأول كان يستمد أسسه وجذوره من القانون المدني. لكن لما تقررت مسؤولية الدولة عن جميع أعمالها الضارة، أصبحت مبادئ القانون المدني لا تتفق في كثير من الأحيان مع مقتضيات سير المرافق العامة وضرورة سيرها بانتظام واضطراد: إذ أن هذه القواعد قد وضعت لتنظيم العلاقات الخاصة الفردية، القائمة على المساواة بين أطراف العلاقة كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومن ثمة فقد باتت لا تصلح لتنظيم العلاقات التي تكون السلطة العامة طرفا فيها عندما تتصرف باعتبارها حامية للمصلحة العامة.
وتبعا لذلك أخذ القانون الإداري ينفصل تدريجيا عن قواعد القانون المدني ويستقل بنظرياته ومبادئه الخاصة، غير أن هذا لا يفيد الاستقلال التام لهذا القانون، ذلك أن العديد من مؤسسات القانون الإداري مستوحاة من القانون المدني، من ذلك نظرية العقد، الالتزام بإرادة منفردة- نظرية الظروف الطارئة- نظرية القوة القاهرة.
كما أن عددا غير قليل من قواعد القانون الإداري موجودة في القانون المدني من ذلك قواعد المسؤولية المنصوص عليها في الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود.
وإضافة لما سبق نجد الإدارة في أحيان كثيرة، تطبق قواعد القانون الخاص المدنية والتجارية والاجتماعية في تعاملاتها، كما هو الشأن في تسييرها للمرافق التجارية والصناعية، أو قيامها بالتزود من السوق دون اعتماد أساليب الصفقات العمومية، وحينئد تتعامل كما يتعامل الخواص.
والقضاء الإداري يطبق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية، وحتى عند وجود مسطرة إدارية خاصة، فإن مبادئها تكون مستوحاة من المسطرة المدنية.
وبالمقابل يلاحظ غزو القانون الإداري لبعض معاقل القانون الخاص، فبعض الجهات الخاصة (جمعيات، شركات، نقابات وأشخاص عاديين) تمارس نشاطا إداريا عندما تساهم في تسيير مرافق عمومية. ومن أمثلة ذلك ملتزمو المرافق العمومية والنقابات المهنية والجمعيات الرياضية. هذه الأشخاص الخاصة تخولها الدولة التصرف كسلطة عامة، وتطبق قواعد القانون الإداري على هذه التصرفات.

الفقرة الثانية: القانون الإداري والقانون الجنائي

يتفق القانون الجنائي والقانون الإداري في الغاية رغم اختلاف الوسائل. فالقانون الجنائي هو مجموعة قواعد قانونية تجبر السلوك الإنساني بسبب ما يحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية وهو بذلك يحدد أركان الجريمة والمبادئ العامة للتجريم والعقاب والجزاء المخصص لكل جريمة والإجراءات الواجب إتباعها في البحث والتحقيق ومسطرة محاكمة مقترف هذه الجريمة وكيفية تطبيق العقوبة التي حوكم بها عليه. أما القانون الإداري فهو يسعى إلى المحافظة على النظام العام، ومن ورائه النظام الاجتماعي، ووسيلته إلى ذلك هي عملية الضبط الاجتماعي بواسطة تدابير الضبط الإداري المتمثلة في الأمر والمنع.
ويلتقي القانون الإداري والقانون الجنائي في كون بعض الأفعال المحرمة إداريا هي ذاتها محرمة جنائيا، كقيام موظف بالاعتداء على أحد زملائه بمقر العمل، فهذا الفعل يستوجب العقابين الجنائي والإداري معا.
وقد يختلف القانونان في تعريفهما لقضايا معينة نظرا لطبيعة المبادئ والأسس التي يرتكز عليها كلا القانونين مثل تعريف الموظف العمومي، كما تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من بعض الزوايا، فهذه الاختلافات دليل على استقلال القانونين، لكن لا تحد من العلاقات الوثيقة بينهما.



ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات