تلخيص القانون الاداري : التنظيم الاداري pdf

تلخيص القانون الاداري : التنظيم الاداري pdf

محاضرات السداسي التاني : شعبة القانون بالعربية 
ملخص القانون الإداري سنة أولى حقوق السداسي الثاني pdf
القانون الاداري المغربي السنة الثانية حقوق

مادة التنظيم الإداري القانون الإداري وخصائصه

إليكم إخواني طلبة كلية الحقوق والعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ملخص عام حول التنظيم الإداري ,, خصوصا طلبة الأستاذ الرعاو  لأنه ركز في محاضراته على ماجاء في هذا الموضوع. 
من إعداد الطالب : محمد
ملخص للتفوق في الامتحانات والمباريات بحث القانون الإداري.
- صور المركزية الإدارية : لا يقوم الوزير بتسيير المرفق العام التابع لوزارته بنفسه ، بل يستعين بعدد كبير من المستخدمين والفنيين ، ولا تتوقف قدرة الوزارة وكفاءتها على عدد موظفيها بقدر ما تتوقف على مستواهم الفني وحسن توزيعهم. وتتخذ الصلاحيات والاختصاصات التي يمارسها الوزير، أحد الشكلين: فقد يتولى ممارستها منفردا وهو ما يسمى بالمركزية مع التركيز الإداري وقد يعاونه في أدائها بعض موظفي وزارته، وهذه صورة يطلق عليها المركزية مع عدم التركيز الإداري .
- المركزية الإدارية : حصر مختلف مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة في أيدي أعضاء الحكومة وتابعيهم في العاصمة أو في الأقاليم مع خضوعهم جميعا للرقابة الرئاسية التي يمارسها عليهم الوزير التركيز الإداري يعد أسلوبا إداريا يتجلى في تركيز جميع السلطات الإدارية في أيدي الحكومة المركزية للعاصمة التي يعود إليها أمر البث في جميع الأمور الإدارية دون أن يتوفر على صعيد الوحدات الإقليمية سلطات الإنفراد بالقرار الإداري أو البث في بعض الأمور والقضايا بصورة مستقلة عنها.

لتحميل محاضرات مادة القانون الاداري السنة الثانية حقوق PDF : اضغط هنا


أولا: تعريف القانون الإداري

القانون الإداري هو مجموعة القواعد القانونية المتميزة عن قواعد القانون الخاص والتي تنظم نشاط الإدارة بصفة عامة.
من خلال هذا التعريف نستشف ثلاثة عناصر مهمة:
أ‌- مجموعة القواعد القانونية، وهنا يمكن التذكير بأن القاعدة القانونية تتميز بعدة خصائص، أنها اجتماعية و عامة ومجردة ومقترنة بعنصر الإلزام.
ب‌- قواعد القانون الإداري متميزة عن قواعد القانون الخاص، ذلك أن قواعد القانون الخاص قد وجدت بصفة أساسية لتنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم وجعلهم على قدم المساواة، بالإضافة إلى قيامها على مبدأ حرية الإدارة، والعقد شريعة المتعاقدين، أما قواعد القانون الإداري فهي تقوم على مبدأ أساسي هو تمييز الإدارة الساعية إلى تحقيق المصلحة العامة، ويتجلى هذا التمييز في بعض المزايا التي يمنحها القانون الإداري للإدارة وهي كالتالي:
1- تستطيع الإدارة أن تصدر أوامر ملزمة للأفراد بإرادتها المنفردة ( القرارات الإدارية) فتلزمهم بأداء معين أو تمنعهم من القيام بتصرفات معينة فتحد بها من حرياتهم حفاظا على النظام العام.
2- تستطيع الإدارة أن تنفذ قراراتها جبرا على الأفراد ولها أيضا أن تقضي ما تراه حقا لها دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء.
3- للإدارة أن تنزع الملكيات الخاصة من أجل القيام بمشروعات تدخل في إطار المصلحة العامة.
4- للإدارة أن تعدل عقودها بغير موافقة المتعاقدين معها إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك بشرط التعويض.
5- تتوفر أعمال الإدارة على قرينة السلامة، بمعنى أنه يفترض أن المقرر الصادر عن الإدارة صحيح وخال من العيوب وعلى الأفراد الخضوع له وعدم مقاومة الإدارة عندما تشرع في تنفيذه حتى ولو تشككوا في مشروعيتها وعليهم بعد ذلك اللجوء إلى القضاء الإداري بطلب إلغائها بدعوى  تجاوز استعمال السلطة. 
ج‌- العنصر الثالث وهو قواعد القانون الإداري تحكم نشاط الإدارة، وهنا يمكن تحديد مفهوم الإدارة من خلال مفهومين: المفهوم العضوي والمفهوم الوظيفي.
حسب المفهوم العضوي، فالإدارة هي مجموعة الهيئات التي تتكون منها، فتشمل على رئيس الحكومة – وزير الدولة- الوزراء- الكتاب العامون – المديرون- رؤساء المصالح إلى أن تنتهي إلى آخر مستخدم في الوزارة أي الأعوان. وتشمل كذلك ممثلو الوزراء في الجماعات الترابية، وتشمل بصفة عامة الإدارة اللامركزية والمؤسسات العمومية المختلفة أيا كانت طبيعتها.
أما حسب المفهوم الوظيفي فالإدارة هي النشاط الذي تقوم به مختلف الهيئات التي سبق ذكرها. وهذا النشاط هو الذي يؤدي إلى احتكاك الإدارة بالأفراد فتنتج عنه روابط وعلاقات شتى، فمن الأفراد من يتلقى هذا النشاط في صورة خدمات عامة ومنهم من يقوم بالتعاون على تحقيقه فيدخل في روابط تعاقدية مع الإدارة ومنهم من يقوم بتحقيقه كالموظفين والمستخدمين، ومنهم من يتسبب لهم في أضرار مادية أو معنوية الأمر الذي تثبت عنه مسؤولية الإدارة ومنهم من يمس بحقوقهم أو حرياتهم أو وضعياتهم القانونية، والقانون الإداري هو الذي يحكم مختلف هذه العلاقات كما ينظم الهيئات الإدارية التي تدخل كطرف في تلك العلاقات.
غير أن الإدارة في بعض الأحيان تلجأ مختارة إلى التعامل مع الأفراد بأسلوب القانون الخاص.

ثانيا: خصائص القانون الإداري

بالرغم من القانون الإداري ذا علاقة مباشرة مع القوانين الأخرى، فإنه بطبيعة استقلاله يملك خصائص تضفي عليه طابعا خاصا، فهو قانون حديث النشأة، قضائي، وغير مقنن.
1- حديث النشأة 
كان القانون الإداري عبارة عن مجموعة من القواعد تستلهم من القانون المدني، كما كانت بعض ملامحه في القانون الروماني، بل أن الشريعة الإسلامية تشتمل على قدر مهم من قواعد القانون الإداري مثل نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وجمع الخراج، والحصول على الأموال لغرض الدفاع عن دار الإسلام، وقضاء المظالم والحسبة والبريد.
ورغم كل ذلك، فإن القواعد والأفكار القانونية لم تكن تجسد القانون الإداري بمعناه الاصطلاحي، لذا فإن فرنسا تعتبر أم القانون الإداري، حيث تم اتخاذ عدة تدابير منها إبعاد السلطة القضائية عن الإدارة العامة وعن القضايا الإدارية، حيث إنه تم إبعاد القاضي العادي عن نظر أية دعوى يزمع ذوو الشأن إقامتها في مواجهة الإدارة واتجاههم إلى الإدارة نفسها يشكون إليها تصرفاتها، وأنشئت بجانب الإدارة في مختلف المحافظات مجالس استشارية إلى غاية سنة 1872 واعتبارا من هذا التاريخ، أصبحت جهة قضائية. وكان مجلس الدولة الذي أنشئ في العاصمة، يدرس الدعوى ويقدم عنها تقريرا إلى رئيس الإدارة المشتكى ضدها أي الوزير المختص، وكان لهذا الأخير الحق في الأخذ بالحل الذي يتضمنه التقرير أو رفضه.
لكن وبمقتضى مرسوم 30 سبتمبر 1953 تم إحداث المحاكم الإدارية إلى جانب مجلس الدولة فلم يبق هذا الأخير هو الوحيد المختص للنظر في دعاوى الإلغاء في تجاوز السلطة، بل أصبحت المحاكم الإدارية هي التي تنظر في جميع القضايا الإدارية بصفة ابتدائية  على أساس إمكانية استئنافها أمام مجلس الدولة.
أما فيما يرجع لنشوء القانون الإداري في المغرب، فيمكن القول: إن أول نواة لتكوينه بدأت بالفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 الذي كان يجعل المحاكم العصرية مختصة للنظر في المادة الإدارية في الدعاوى الرامية إلى مطالبة الإدارات العمومية بالتعويض عن الأضرار الناجمة:
- عن تنفيذ العقود المبرمة من طرف الإدارة
- الأشغال العمومية التي أمرت القيام بها
- جميع أعمالها التي تسببت ضررا للأفراد.
كما أن الفصلين 79- 80 من ظهير 12 غشت 1913  المعتبر كقانون الالتزامات والعقود المغربي يتعرضان لمسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها.
والملاحظ أن هذه النصوص لم تنظم جانبا مهما من القضاء الإداري الذي هو الطعن بإلغاء القرارات الإدارية الغير المشروعة، بل لقد سارع الفصل الثامن من ظهير التنظيم القضائي إلى منع المحاكم صراحة من النظر في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية أو طلب وقف تنفيذها. وأمام إلحاح موظفي إدارة الحماية الفرنسية ومعظمهم من الفرنسيين فقد فتح تغرة ظهير فاتح شتنبر 1928 لهم الطعن بالإلغاء في القرارات التي تمسهم كموظفين أمام مجلس الدولة الفرنسي. ولقد بقيت الوضعية على هذا الحال إلى أن أنشئ المجلس الأعلى في 27 شتنبر 1957 حيث كان من اختصاصه البت في دعاوى الإلغاء للشطط في استعمال السلطة ضد المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية، لكن هذه الوضعية ستتغير بعد ما تم إنشاء المحاكم الإدارية بموجب قانون 41.90 والتي بدأت تعمل منذ 3 مارس 1994 والتي وزعت على الجهات الاقتصادية السبع التي أنشئت سنة 1971، كما تم إحداث محاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006 ، كما أن المجلس الأعلى أصبح محكمة نقض بعد وضع دستور 2011.
2- قانون قضائي
رغم أن التشريع يلعب دورا أساسيا في خلق القواعد القانونية التي تضبط السلوك والعلاقات، فإن التشريع بمعنى التقنين في القانون الإداري لا زال محدود المجال، نظرا لتنوع أطراف العلاقة وتجدد نشاطات الإدارة وتنوعها واتساعها المطرد وامتداد مفهوم الصالح العام، هذه الأمور كلها تؤدي إلى نشوء علاقات ونزاعات مستجدة تتطلب الاجتهاد والحلول الآنية، وهنا يتجلى دور القاضي في المجال الإداري خاصة وأنه يحاول خلق نوع من التلازم أمام ما يبدو متناقضا: أسبقية الإدارة وسلطتها الشرعية وقرينة الصالح العام من جهة والحريات الفردية والمصالح الخاصة في ضوء أحكام الدستور والقوانين الأخرى من جهة أخرى. كل هذا يحدو بالقاضي إلى الاجتهاد وبالتالي إلى خلق قواعد جديدة، وهذا الدور يختلف من بلاد إلى آخر، ويعني ذلك أن للقاضي دورا مهما في تطوير القانون الإداري.
ونستشهد ببعض الأحكام القضائية، حيث لعب فيها القاضي دورا أساسيا لجعل حد للتعارض الذي ظل قائما بين قواعد المسؤولية المدنية والمسؤولية الإدارية إلى أن تدخلت محكمة التنازع لتجعل حدا لهذا التعارض بأن تبنت موقف مجلس الدولة وذلك في حكمها الشهير " بلانكو " بتاريخ  8 فبراير1873 وأكدت بصراحة ما يلي: إن مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب تصرفات الأشخاص التي تستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقرها القانون المدني للعلاقات فيما بين الأفراد، وهذه المسؤولية ليست بالعامة ولا بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتنوع وفقا لحاجات المرفق وضرورة التوفيق بين الحقوق العامة والحقوق الخاصة.
ويلاحظ كثيرا من الأحكام القضائية بالمغرب في عهد الحماية أنها تعمل على تمييز قواعد المسؤولية الإدارية بتبني الاتجاه العام الوارد في حكم " بلانكو " عن طريق اعتباره كمرجع بل أكثر من ذلك تردد نفس الألفاظ التي جاءت فيه. وهكذا جاء في حكم محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 19 ماي 1953 ( قضية بن حمو ) المقابل إن لم نقل المطابق لحكم بلانكو في موضوع إبراز القواعد المميزة لقواعد المسؤولية الإدارية من قبل القضاء بالمغرب إذ جاء فيه: حيث إن المشرع المغربي وضع نصوصا خاصة لتحكم مسؤولية الإدارات العمومية، فإنه ضمنيا بل حتميا توخى من ذلك استبعاد تطبيق القواعد العادية للمسؤولية المدنية على هذه الإدارات، وهكذا لا يمكن أن نطبق عليها نصوص القانون المدني الذي يحتوي عليها الفصل 88 المتعلق بالمسؤولية بفعل الأشياء، وذلك عندما يكون السبب هو سير مرفق عمومي أو خطأ الموظف.
- وحيث إن المحكمة تنظر في الدعوى في القضايا الإدارية، فإنها تعتمد على اجتهاد مجلس الدولة، وحسب هذا الاجتهاد فإن قواعد المسؤولية الإدارية تختلف حسب حاجيات المرفق المعني أو حسب ضرورة التوفيق بين مصالح السلطة العامة وحقوق الخواص، وتسمح للقاضي المعروض عليه النزاع الإداري أن يحدد وبكامل الحرية ظروف أساس المسؤولية.
3- قانون غير مقنن
باعتبار القانون الإداري قانونا مرنا يتطور مع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وباعتباره قانونا قضائيا يعتمد في كثير من الأحيان على اجتهاد القاضي وحنكته وإلمامه بالحياة الإدارية وما يكتنفها من ظروف اقتصادية واجتماعية، فإن القانون الإداري لا تجتمع نصوصه بين دفتي كتاب كما هو الشأن مثلا بالنسبة للقانون الجنائي وقانون الالتزامات والعقود.
وهذا لا يعني انعدام وجود قواعد ونصوص مكتوبة للقانون الإداري بل بالعكس توجد نصوص كثيرة ومتنوعة كالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية- وقانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة- قانون التعمير.... ولكن في ذات الوقت تعتمد الإدارة في أعمالها على العرف الإداري والملاءمة مع المستجدات الميدانية.      

 علاقة القانون الإداري بمختلف القوانين

جرى الفقهاء على تقسيم قواعد القانون إلى قسمين- القانون الخاص والقانون العام، ويقوم هذا التقسيم على فكرة وجود الدولة باعتبارها سلطة عليا طرفا في العلاقة القانونية. 
والقانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة السلطان. في حين أن القانون الخاص مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي لا تكون الدولة بصفتها صاحبة السلطة طرفا فيها.
والقانون الإداري بمعناه الذي ذكرناه، فرع من فروع القانون العام إذ هو ينظم هيئات السلطة التنفيذية بالدولة ونشاط هذه الهيئات وعلاقاتها بعضها مع بعض ومع الأفراد.
والقانون الإداري بهذا المفهوم سيكون له ارتباط بكل فروع القانون وإن بدرجات متفاوتة، وسنعمل على توضيح البعض منها:

الفرع الأول : علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون العام

     إن الاتصال بين القانون الإداري ومختلف فروع القانون العام، لا يمنع من اعتبارهما قانونين مختلفين. وهو ما يؤيده العميد فيدال VEDEL،  لكن تبقى العلاقة قائمة والبعض يكمل الآخر، وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا الفرع مركزين على علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري والقانون المالي وعلم الإدارة.
الفقرة الأولى :علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري
القانون الإداري والقانون الدستوري يعتبران من القانون العام الداخلي، كما أنهما يشتركان في تنظيم نشاط السلطة التنفيذية، وبهذا يمكن القول: إن هناك علاقة وطيدة بين القانونين لدرجة أن الكثيرين يعتبرونهما قانونا واحدا. القانون الدستوري يتعلق بالحكومة، والقانون الإداري يتعلق بالإدارة، الحكومة والإدارة وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن إقامة حدود تفصل بينهما.
وحتى إن أمكن القول بفصل القانون الإداري عن الدستوري، فإن هذا الأخير هو مقدمة لازمة للأول أو كما يقول الدكتور سليمان محمد الطماوي، إذ يعتبر أن القانون الدستوري هو المقدمة الحتمية للقانون الإداري، وكلاهما يكمل الآخر، كما يقول: إن القانون الإداري يبدأ حيث يتوقف القانون الدستوري.
وسار في هذا الاتجاه الأستاذان روسي وجارانيون Rousset et Garagnon إذ يؤكدان على أن القانون الإداري هو امتداد للقانون الدستوري. وبغض النظر عن كونهما قانونا واحدا أو قانونين منفصلين، فإن القانون الدستوري يتميز عن القانون الإداري، حيث أن الأول يضع القواعد المتعلقة بتنظيم أسس الحكم في الدولة، ويبين كيفية تكوين المؤسسات الدستورية بالدولة، ويوضح طريقة توزيع المهام بين هذه المؤسسات، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض وتوزيع المهام بين مختلف مؤسساتها الدستورية، الملك، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وأخيرا السلطة القضائية، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض، أما القانون الإداري فينظم عمل هذه المؤسسات كل واحدة على حدة، وكذا المرافق الحكومية، أي مختلف الوزارات المكونة للسلطة التنفيذية.
وهكذا فالوزير مثلا هو في نفس الوقت سلطة سياسية وسلطة إدارية، فعندما يتصرف كسلطة سياسية أي المشاركة في وضع السياسة العامة للحكومة فتصرفاته تندرج في إطار قواعد القانون الدستوري، وعندما يتحرك كسلطة إدارية أي: اتخاذ مختلف القرارات لتنظيم وزارته عندئذ تخضع كل نشاطاته لأحكام القانون الإداري ووفق ضوابطه.
واستنادا إلى ما سبق يتضح وجود تداخل بين القانونين وبالتالي يصعب التمييز بينهما. وهذا التداخل هو انعكاس للعلاقة بين الحكومة والإدارة داخل السلطة التنفيذية والمتمثلة في تبعية الإدارة والحكومة استنادا إلى الدستور الذي ينص فصله 89 على: "تمارس الحكومة السلطة التنفيذية.
  تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.
وإذا كان جل الفقهاء لا ينفون الارتباط والتكامل بين القانون الإداري والقانون الدستوري، فإن الواقع يفرض عدم دمجهما لأنهما يتمايزان عن بعضهما من حيث طبيعة الأعمال التي ينظمانها ومن حيث المصادر ومن حيث الأشخاص العمومية والسلطات التي تحتكم إلى كل منهما غير أنه لا ننسى أن الدستور هو مصدر أساسي لكل منهما.
الفقرة الثانية:علاقة القانون الإداري بالقانون المالي.
    هناك علاقة وثيقة بين القانون والمالية العامة وتتجلى مظاهرها فيما يلي: 
- فلا يمكن لأي إدارة أن توجد بدون توفرها على وسائل مالية تستطيع بواسطتها تلبية حاجيات المواطنين ومتطلبات التنمية المنشودة سواء كانت هذه الوسائل عقارات أو منقولات.
فالتشريع المالي والمالية العامة تشتركان مع القانون الإداري في تنظيم موضوعات أساسية من نشاط الإدارة، إذ أنه بالرجوع إلى صلاحيات واختصاصات الإدارة نجد أن السلطات الإدارية والسلطات المالية مرتبطة بنفس الإطار القانوني، فمثلا القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات أو بالعمالات والأقاليم والقانون أو بالجماعات تتضمن بنودا متعلقة بميزانية هذه الجماعات الترابية، فهذه القوانين التنظيمية رغم كونها تندرج ضمن القانون الإداري، فإنها تنظم النشاط المالي للهيئات المحلية، وبالتالي فرض مراقبة مالية صارمة على هذه الهيئات من طرف سلطات الوصاية ونفس الأمر ينطبق على الميزانية العامة للدولة. وبذلك فإن علم المالية العامة يشارك القانون الإداري في تنظيم جزء هام من نشاط الإدارة بل الدولة. لذا فإن فصلهما عن بعضهما يبدو أمرا صعبا خاصة وأن دراسة الموارد الطبيعية (أي أملاك الدولة العامة) تدخل في نطاق القانون، أما دراسة الموارد النقدية (كالضرائب والرسوم)، فتدخل في نطاق المالية العامة، كما أن الإدارة لا يمكنها أن تقوم بتلبية الحاجيات العامة دون إمكانية مالية.
و لقد أحسن الدكتور محمد مرغني حين وصف الارتباط بين القانون الإداري والمالية العامة بجناحين لطائر واحد هي الإدارة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تنطلق إلا بهما جميعا.
الفقرة الثالثة: علاقة القانون الإداري بعلم الإدارة
مما لا شك فيه أن القانون الإداري يركز في دراسته على القواعد القانونية التي تنظم الإدارة وتحكم سلوكها خاصة فيما يمس علاقتها مع الأفراد، أما علم الإدارة فهو يدرس الإدارة كما هي في الواقع من حيث تكوينها والطرق التي تتبعها في أداء وظيفتها والغرض من هذا كله، هو معرفة الطرق والوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى فعالية أكثر لعمل الإدارة والتقوية من إنتاجيتها ومردوديتها.  من هنا يتضح أن الإدارة العامة تمثل محور الدراسة لكل من علم الإدارة والقانون الإداري، إلا أنه كل منهما ينظر إلى هذا الجهاز من زاوية مختلفة، فعلم الإدارة ينظر للإدارة من الجانب التقني والعضوي، في حين ينظر القانون الإداري للإدارة من الجانب الوظيفي والمادي.

الفرع الثاني: علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون الخاص

لكل من القانون الإداري والقانون المدني خصائصه المستقلة والمتميزة في مواجهة الآخر. فالقانون الخاص يرتكز أساسا على مبدأ المساواة في التصرفات فلا فرق بين أطراف الدعوى. أما القانون الإداري فإنه يمنح للإدارة حق إصدار قرارات فردية ملزمة للأفراد قد تؤثر على حرياتهم أو وضعيتهم المادية، وأن تبرم العقود مع الخواص وتفرض شروطا غير مألوفة في العقود المتداولة بين الخواص، وتنفذ قراراتها دون اللجوء إلى القضاء كل هذا لأداء المهام المنوطة بها لضمان سير المرافق العامة بانتظام واضطراد تحقيقا وحماية للمصلحة العامة.
وإذا كانت امتيازات الإدارة تلزم فرض أحكام متميزة عن القانون الخاص بصفة عامة، فإن هذا يظهر أكثر عندما نستعرض علاقة القانون الإداري بفروع القانون الخاص كل على حدة.

الفقرة الأولى: القانون الإداري والقانون المدني

إذا كان القانون الإداري يهتم بالتنظيم والنشاط الإداري للأشخاص العامة، فإن القانون المدني يهتم بالعلاقات القانونية الخاصة التي تقوم بين الأفراد كأطراف متكافئة وهذا ما يختلف عن القانون الإداري.
وبإلقاء نظرة إلى العلاقة بين القانون الإداري والقانون المدني، نجد أن الأول كان يستمد أسسه وجذوره من القانون المدني. لكن لما تقررت مسؤولية الدولة عن جميع أعمالها الضارة، أصبحت مبادئ القانون المدني لا تتفق في كثير من الأحيان مع مقتضيات سير المرافق العامة وضرورة سيرها بانتظام واضطراد: إذ أن هذه القواعد قد وضعت لتنظيم العلاقات الخاصة الفردية، القائمة على المساواة بين أطراف العلاقة كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومن ثمة فقد باتت لا تصلح لتنظيم العلاقات التي تكون السلطة العامة طرفا فيها عندما تتصرف باعتبارها حامية للمصلحة العامة.
وتبعا لذلك أخذ القانون الإداري ينفصل تدريجيا عن قواعد القانون المدني ويستقل بنظرياته ومبادئه الخاصة، غير أن هذا لا يفيد الاستقلال التام لهذا القانون، ذلك أن العديد من مؤسسات القانون الإداري مستوحاة من القانون المدني، من ذلك نظرية العقد، الالتزام بإرادة منفردة- نظرية الظروف الطارئة- نظرية القوة القاهرة.
كما أن عددا غير قليل من قواعد القانون الإداري موجودة في القانون المدني من ذلك قواعد المسؤولية المنصوص عليها في الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود.
وإضافة لما سبق نجد الإدارة في أحيان كثيرة، تطبق قواعد القانون الخاص المدنية والتجارية والاجتماعية في تعاملاتها، كما هو الشأن في تسييرها للمرافق التجارية والصناعية، أو قيامها بالتزود من السوق دون اعتماد أساليب الصفقات العمومية، وحينئد تتعامل كما يتعامل الخواص.
والقضاء الإداري يطبق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية، وحتى عند وجود مسطرة إدارية خاصة، فإن مبادئها تكون مستوحاة من المسطرة المدنية.
وبالمقابل يلاحظ غزو القانون الإداري لبعض معاقل القانون الخاص، فبعض الجهات الخاصة (جمعيات، شركات، نقابات وأشخاص عاديين) تمارس نشاطا إداريا عندما تساهم في تسيير مرافق عمومية. ومن أمثلة ذلك ملتزمو المرافق العمومية والنقابات المهنية والجمعيات الرياضية. هذه الأشخاص الخاصة تخولها الدولة التصرف كسلطة عامة، وتطبق قواعد القانون الإداري على هذه التصرفات.

الفقرة الثانية: القانون الإداري والقانون الجنائي

يتفق القانون الجنائي والقانون الإداري في الغاية رغم اختلاف الوسائل. فالقانون الجنائي هو مجموعة قواعد قانونية تجبر السلوك الإنساني بسبب ما يحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية وهو بذلك يحدد أركان الجريمة والمبادئ العامة للتجريم والعقاب والجزاء المخصص لكل جريمة والإجراءات الواجب إتباعها في البحث والتحقيق ومسطرة محاكمة مقترف هذه الجريمة وكيفية تطبيق العقوبة التي حوكم بها عليه. أما القانون الإداري فهو يسعى إلى المحافظة على النظام العام، ومن ورائه النظام الاجتماعي، ووسيلته إلى ذلك هي عملية الضبط الاجتماعي بواسطة تدابير الضبط الإداري المتمثلة في الأمر والمنع.
ويلتقي القانون الإداري والقانون الجنائي في كون بعض الأفعال المحرمة إداريا هي ذاتها محرمة جنائيا، كقيام موظف بالاعتداء على أحد زملائه بمقر العمل، فهذا الفعل يستوجب العقابين الجنائي والإداري معا.
وقد يختلف القانونان في تعريفهما لقضايا معينة نظرا لطبيعة المبادئ والأسس التي يرتكز عليها كلا القانونين مثل تعريف الموظف العمومي، كما تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من بعض الزوايا، فهذه الاختلافات دليل على استقلال القانونين، لكن لا تحد من العلاقات الوثيقة بينهما.

الشخصية المعنوية كأساس للتنظيم الإداري

يتحكم في اختيار الدولة لأسلوب إداري معين عدة عوامل، منها نظامها الدستوري والقانوني، وحجمها ورقعتها الجغرافية ودرجة نموها وتطورها ومواكبتها للتطور الحضاري العالمي، وما أحرزته من تقدم في المجال العلمي والتكنولوجي.
والواقع أن اختيار التنظيم الإداري ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الغايات التي تستهدفها الدول على نحو أفضل. كما أنه أسلوب لتحديد نوعية الأعمال اللازمة لتنفيذ السياسة العامة للدولة، وتوزيع هذه الأعمال بين أقسام الإدارة والعاملين فيها وبيان كيفية إنجازها باستخدام الإمكانات المتاحة لتحقيق الأهداف المرجوة بأقل نفقة وأيسر جهد.
ويرتبط المفهوم النظري في تحديد معالم التنظيم الإداري بفكرة الشخصية المعنوية التي قامت بدور بارز في إصباغ الشكل القانوني على الهياكل الإدارية. 
وتجدر الإشارة إلى أن الشخصية المعنوية التي أضافها التطور القانوني إلى مجاله، ورتبت لها حقوق والتزامات شتى جعلتها تدخل مباشرة في مجال تطوير المعاملات القانونية والاجتماعية سواء في إطار علاقات الخواص فيما بينهم أو في إطار القانون العام.
والشخص المعنوي لا يقتصر فقط على مجموعة من الأشخاص الطبيعيين المجتمعين لتحقيق هدف معين، بل أن يكون أيضا مجموعة من الأموال رصدت لتحقيق غرض ما، المهم لابد من تجميع أشخاص طبيعيين أو أموال يضفي عليها القانون صفة الشخص المعنوي أو الاعتباري.
فالشخص المعنوي: هو مجموعة من الأشخاص أو من الأموال تتمتع بالشخصية القانونية أي بأهلية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وينظر إلى هذه المجموعة مجردة عن الأفراد (أي عن الأشخاص الطبيعيين) وعن العناصر المالية المكونة لها. فما هي إذن طبيعتها؟ وما هي أنواعها؟ وما هي النتائج المتربة عنها؟
المبحث الأول: طبيعة الشخصية المعنوية
يذهب الفقهاء، في تحليل طبيعة الشخص المعنوي مذاهب مختلفة، فيذهب البعض إلى أن الشخص المعنوي حقيقة واقعة، وهؤلاء هم أصحاب نظرية الحقيقة ويذهب رأي آخر إلى أن الشخص المعنوي مجرد افتراض ومجاز قانوني والثالث ينكر أنصاره وجود شخصية معنوية على الإطلاق.
المطلب الأول: نظرية الحقيقة
قوام هذه النظرية أن الشخص المعنوي ليس شخصا مجازيا أو افتراضيا من صنع القانون، وإنما هو حقيقة واقعة تفرض نفسها على المشرع، فالشخص المعنوي وإن لم يكن شخصا مجسما، فإنه في الحقائق المعنوية المجردة، فليس من الضروري أن تتجسم الحقائق القانونية في هياكل مادية، بل يكفي أن يحس بها .
فحين يجتمع عدد من الأفراد مستهدفين غرضا مشتركا، فإنه يتكون شعور ذاتي وإرادة جماعية مستقلة عن شعور وإرادة الأفراد المكونين لهذه الجماعة، هذه النظرية تترتب عليها مجموعة من النتائج:
- أن الشخص المعنوي ينشأ بمجرد توفر العناصر المكونة له ولو قبل تدخل الدولة واعترافها به.
- عند ما يتدخل المشرع يكون تدخله فقط لمراقبة نشاط الشخص المعنوي، وعندما تعترف الدولة يكون اعترافها مجرد تقرير لحقيقة واقعة لا إنشاء من العدم.
- أهلية الأشخاص المعنوية أمام القانون تساوي أهلية الأشخاص الآدمية أي تعتبر أصلا عاما مثلها وليست قياسا عليها أو تشبيها بها، وبذلك لا تنتقص هذه الأهلية أو تنتفي إلا إذا نص المشرع صراحة على ذلك، كما هو الحال بالنسبة لأهلية الشخص الآدمي.
ومقتضى هذه النظرية هو أنها تعتبر إرادة ممثل الشخص المعنوي هو إرادة الشخص نفسه، وتعتبر الأعمال التي يقوم بها هذا الممثل أثناء تأدية وظيفته هي نفسها أعمال الشخص المعنوي، ولذلك لا يحتاج الأمر إلى البحث عن تكييف أساس مسؤولية الشخص المعنوي عن أعمال ممثليه.
المطلب الثاني: نظرية المجاز
ترتكز هذه النظرية على المذهب الفردي الذي عرفه القرن التاسع عشر، والذي لا يعترف بالشخصية القانونية إلا للفرد الذي له إرادة واضحة، أما ما يسمى بالشخص الافتراضي فهو مجاز يلجأ إليه المشرع، أي أنه لا يقوم على وجود حقيقي ملموس، بل يقوم على وجود افتراضي أراده المشرع.
واستنادا إلى هذه النظرية أن الإنسان هو الشخص القانوني الوحيد، لأنه يتمتع بالقدرة والإدراك والإرادة، مما ينتج عن هذا الإسناد أن الشخصية المعنوية هي من صنع المشرع ومرهونة بمشيئته، ولا يكون للشخص المعنوي وجود قانوني إلا إذا اعترفت له الدولة بالشخصية المعنوية، ويستطيع المشرع إزاء الهيئة أن يعلق منحها الشخصية المعنوية على توافر شروط معينة يقرها المشرع بحرية تامة، ويستطيع في أي وقت أن يسحب هذه الشخصية،ومادامت هذه الشخصية المعنوية افتراضا يخالف الأصل فمن الواجب أن يكون تقريرها في الحدود الضرورية فقط.
وسار في هذا الاتجاه مجموعة من الفقهاء حيث يرون أن الشخصية المعنوية وإن كانت مجازا يخالف الحقيقة إلا أنها ضرورية ومفيدة ولهذا يؤكدون الإبقاء عليها، مع اعتبارها مجرد منحة من المشرع لا توجد إلا بالتصريح بوجودها ومن وقت وجود هذا التصريح.
المطلب الثالث: نظرية إنكار الشخصية المعنوية
 تقوم هذه النظرية على أساس الرفض المطلق لفكرة الشخصية المعنوية اعتبارا إلى أن قيامها لا ينسجم مع الواقع الملموس، وإن القانون في الوقت الحاضر تجاوز مرحلة الخيال والأوهام. وأصحاب هذه النظرية هم "ليون دوكي" والفقيه  "كاسطون جيز " الذين ينكران فكرة الشخصية المعنوية اعتبارا لكون الإنسان وحده قادرا على تحمل الواجبات والتمتع بالحقوق.
وتجدر الإشارة أن داخل التيار المنكر للشخصية المعنوية يجب التمييز بين من يأخذ بفكرة الذمة المالية والتيار الذي يأخذ بفكرة الملكية المشتركة. فالتيار الأول يرى أن الشخص المعنوي عبارة عن تجمع لأشخاص طبيعيين وهؤلاء هم أصحاب الحقوق وهم المتمتعون بالشخصية القانونية غير أنهم يجمعون مالا مشتركا أي ذمة مالية مشتركة تتميز عن مال كل واحد منهم، أي أن مجموع المال مخصص لتحقيق غرض معين. اما التيار الثاني فإنه يرى عدم وجود شخصية معنوية بقدر ما توجد فقط جماعة من الأفراد لهم ذمة مالية مشتركة، ولا يصح التصرف فيها انفرادا أو لأجل مصلحة عضو معين أي أن ملكية الأموال هي ملكية جماعية لا يظهر فيها نصيب مشترك على حدة.
وعلى العموم فهذه النظرية أصبحت في الوقت الحالي مهجورة لسبب عدم واقعيتها.
المبحث الثاني: أنواع الشخصية المعنوية
قبل أن نتطرق لتقسيمات الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة نرى من الضروري أن نوضح السمات التي تميز بين هذين النوعين من الأشخاص المعنوية.
المطلب الأول: التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة
لقد اختلف الفقهاء في تحديد معايير للتمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة الشيء الذي أفضى إلى وجود عدة معايير متباينة يمكن إجمالها في النقط التالية:
*الهدف: تهدف الأشخاص المعنوية العامة تحقيق المصلحة العامة، أما الأشخاص المعنوية الخاصة فهدفها الأساسي هو تحقيق مصالح خاصة للأشخاص المكونين لها. وإذا كان هذا المعيار صحيحا في مجمله، فإننا نلاحظ أنه لا يمكن تطبيقه كليا للتمييز بين النوعين من الأشخاص المعنوية، حيث أن كثيرا من الأشخاص المعنوية الخاصة ترمي أهدافها إلى الصالح العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الخاصة الاجتماعية والجمعيات الخيرية التي تساهم بالفعل في تسيير المرافق العامة.
*ممارسة السلطة العامة والتمتع بامتيازات المرفق العام: تتمتع الأشخاص المعنوية العامة بامتيازات السلطة العامة والمرفق العام، الشيء الذي يمنحها التمتع بالقواعد غير المألوفة في القانون الخاص (كإمكانية إبرام العقود الإدارية، أو الاحتلال المؤقت للملك العام، أو إقرار نزع الملكية لأجل المصلحة العامة) إلا أن هذا المعيار ليس مقنعا حيث أن هناك أشخاص معنوية خاصة مثل المشروعات الخاصة ذات النفع العام، أو الجمعيات المعترف لها بصفة النفع العام تستفيد من نفس الامتيازات. 
واستنادا إلى ما سبق يمكن القول: إن هناك صعوبة في تحديد معيار صحيح للتمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والأشخاص المعنوية الخاصة وهذا راجع بالأساس إلى مظاهر التداخل والصفات المشتركة بين هذين النوعين ويظهر ذلك على الخصوص فيما يلي:
- مبادرة الدولة إلى إنشاء بعض الأشخاص المعنوية الخاصة مثل المؤسسات الخاصة أو بعض الجمعيات التعاونية (مثل مؤسسة محمد الخامس للتضامن الموضوعة تحت رئاسة ملك البلاد).
- مشاركة الأشخاص المعنوية الخاصة في تسيير مرافق عمومية عن طريق تكوين أشخاص معنوية: مثل شركات الاقتصاد المختلط.
- التداخل والتشابه بين المهام التي تقوم بها بعض الأشخاص المعنوية العامة وبعض الأشخاص المعنوية الخاصة، كالمؤسسات العمومية الاقتصادية الصناعية أو التجارية والمؤسسات العمومية الاجتماعية وعادة ما تقوم بنفس المهام التي تقوم بها الشركات أو الجمعيات الخاصة.
لكن كيفما كان هذا التداخل بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة، لابد من التمييز بينهم ودراسة مختلف التصنيفات التي ينضوون تحتها، وذلك في النقطة الموالية
المطلب الثاني: أشكال الأشخاص المعنوية
الأشخاص المعنوية تتنوع حسب التقسيم الذي يعرفه القانون. ومن المعلوم أن هناك نوعين من القانون، القانون العام والقانون الخاص، وعليه فإن الأشخاص المعنوية يمكن تقسيمها حسب طبيعة القانون الذي تخضع له، ومن تم أمكن القول بأن الأشخاص المعنوية هي على نوعين: الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة.
الفرع الأول: الأشخاص المعنوية الخاصة
الأشخاص المعنوية الخاصة هي تلك التي تتبع القانون الخاص وتخضع لأحكامه ولاختصاص المحاكم العادية، وتعرف كمجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها المشرع الشخصية القانونية أي يؤهلها لاكتساب حقوق وتحمل التزامات. هذا النوع من الأشخاص نجد ضمنه جماعات الأشخاص وجماعات الأموال.
أ‌- جماعات الأشخاص:
هذه الجماعات متنوعة وتتميز من حيث الهدف: فمنها من تتوخى الربح المادي كالشركات، ومنها من لا تتوخى الربح كالجمعيات والنقابات والهيئات المهنية.
* الجمعيات: 
بالرجوع إلى الفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958، نجد تعريف الجمعيات هو: "اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص، لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم، وتجري عليها فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة المطبقة على العقود والالتزامات. ومن أمثلة الجمعيات يمكن الإشارة إلى تلك التي يتم خلقها بهدف الدفاع عن المستهلك، والتي هي حركات اجتماعية هدفها فتح حوار مع الجهات المعنية قصد حماية المستهلك من تجاوزات التجار سواء فيما يخص الجودة أو فيما يخص الأثمنة، إلى جانب هذا نجد أصناف أخرى من الجمعيات وهي:
*الجمعيات ذات المصلحة العامة- وهي تلك التي تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها الجمعيات العادية كالقيام ببعض الأعمال القانونية، وتملك أموال وتتلقى هبات وقد تساهم أحيانا في تسيير بعض المرافق العمومية خاصة الاجتماعية.
*الجمعيات الاتحادية- وتعرف بالاتحاديات أو الجامعات مثلا الإتحاد الوطني للمهندسين وهو اتحاد بين عدد كبير من جمعيات المهندسين بالمغرب.
*الجمعيات ذات الصبغة السياسية أو ما يعبر عنه بالأحزاب السياسية وهي التي تقوم بأعمال أو أنشطة سياسية.
*الجمعيات العادية: وهي الجمعيات الخاصة التي لا يعترف لها بالمنفعة العامة وتشمل جل الجمعيات الثقافية والرياضية والعلمية.
*الجمعيات الأجنبية: وهي التي تتوفر على إحدى الصفات الآتية: مقر بالخارج أو مقر بالمغرب ومديرين أجانب أو مسيرين أجانب أو نصف أعضائها أجانب.
*النقابات المهنية: وهي أشخاص معنوية، لا تهدف إلى تحقيق الربح مثل الشركات، بل إلى تحقيق غايات أخرى ذات طابع مهني، فالهدف الرئيسي من خلق هذا النوع من الأشخاص المعنوية يتلخص أساسا في الدفاع عن المصالح المهنية والمشتركة للأعضاء المنتمين إليها، ومن تم فإن المشرع يعترف لها بأهلية واسعة حتى تتمكن من الدفاع عن المصالح وحمايتها.
*الشركات: بالرجوع إلى الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود المغربي نجد أن الشركة هي: "عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي ينشأ عنها: "إذن فالغاية من الشركة هو تحقيق الأرباح أو توزيعها بين الأشخاص الذين يكونون الشركة.
           ب- جماعات الأموال:
 يتمثل هذا النوع من الجماعات في المؤسسات الخاصة، التي ترمي إلى تحقيق أغراض إنسانية ثقافية اجتماعية عن طريق رصد أموال دون تحقيق ربح مادي. إلى جانب هذه المؤسسات نجد ما يسمى بالوقف أو الحبس وهو مجموعة من الأموال توجه لغرض معين يستهدف أساسا "البر والإحسان" وهو نظام من تراثنا الإسلامي، إذ هو مستمد من الشريعة الإسلامية لغايات كريمة، إما للمساهمة في إيجاد حلول مادية للأهل والأقارب أو للعمل على المساهمة في الأعمال الإنسانية الصرفة أو الدينية قصد تعزيز المساهمة في إرساء القواعد وأصول الإسلام عن طريق الحفاظ وصيانة مقدساته وأماكن العبادة والمرافق المرتبطة بها واللازمة لحسن سيرها.
الفرع الثاني: الأشخاص المعنوية العامة
تشكل الأشخاص المعنوية العامة صنفا مهما من أشخاص القانون الإداري، وتتميز هذه الأشخاص المعنوية بكونها تتوفر على امتيازات السلطة العمومية وتخضع للالتزامات التي تخضع لها هذه الأخيرة، بمعنى أنها تتمتع بصلاحيات وتفرض عليها التزامات غير مألوفة في القانون العادي، وهي تنقسم إلى فئتين أساسيتين: الأشخاص الترابية أو الإقليمية والأشخاص العامة المرفقية أو المصلحية، وسنعمل على تحليل كل منهما في النقطتين التاليتين:
أ- الأشخاص المعنوية العامة الترابية أو الإقليمية:
هي التي يعترف لها المشرع بمجموعة من الحاجيات التي تؤكد وجودها وتبين النظام القانوني الذي تخضع له وكذا نوعية الاختصاصات التي تتمتع بها. وتنقسم الأشخاص المعنوية الإقليمية إلى نوعين:
*الدولة:
 تعتبر الدولة أهم الأشخاص المعنوية العامة، وشخصيتها ركن من أركان وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام، فلها سيادة تعكس الوجه القانوني للأمة وعناصرها هي: الإقليم والشعب والسلطة، ونشاطها يشمل مجموع التراب الوطني.
وإذا كان الدستور المغربي لا ينص صراحة على تمتع الدولة المغربية بالشخصية المعنوية المستقلة، إلا أنه يتضمن العديد من النصوص التي تعترف لها ضمنيا بالشخصية المعنوية.
*الجماعات الترابية:
 وهي كل الجماعات الترابية التي تمارس اختصاصات محددة تهم جزء معينا من التراب الوطني تحت رقابة الدولة ووصايتها، وقد نص الدستور المغربي في فصله 135 على، "الجماعات الترابية للمملكة هي: الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات. 
ب-الأشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية:
وهي التي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي وتدعى المؤسسات العمومية التي تمنحها الدولة أو الجماعات الترابية الشخصية المعنوية لإدارة مرفق عمومي على أساس التخصص، وتتمتع بامتيازات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. هذا النوع من الأشخاص المعنوية يتنوع ويتميز عن غيره بحسب طبيعة النشاط الذي يقوم به حيث نجد المؤسسات العمومية الإدارية والمؤسسات العمومية التي تقوم بأنشطة ذات طبيعة تجارية وصناعية.
فالمؤسسات العمومية الإدارية هي شخص من أشخاص القانون العام تمارس نشاطا إداريا محضا. وتخضع للقانون العام ولا يطبق عليها القانون الخاص إلا بصفة استثنائية وفي أحوال ضيقة ويعتبر مستخدميها موظفين عموميين.
أما المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي فهي تعتبر أشخاصا معنوية كذلك من القانون العام تسير مرفقا عموميا صناعيا أو تجاريا وفق شروط قريبة مما هو مطبق في المقاولات الخاصة، فهي في غالبها شبيهة بالبنية التنظيمية للمؤسسات العمومية الإدارية بحيث يوجد على رأسها مجلس للإدارة ومدير ولجنة تقنية غير أنها تختلف عن هذه الأخيرة في استعمالها لأساليب الإدارة الخاصة.
بالإضافة إلى هذا فالمؤسسات العمومية تتنوع كذلك بحسب نطاقها الترابي فنجد مؤسسات عمومية تمارس نشاطها إما بصفة شمولية على مجموع التراب الوطني، وقد أسند الفصل 71 من الدستور لسنة 2011 إلى السلطة التشريعية صلاحية إحداثها ومن أمثلتها، صندوق الإيداع والتدبير، وبريد المغرب، كما نجد مؤسسات عمومية تمارس نشاطها بصفة ضيقة في نطاق جغرافي يحدده المشرع قد يتعلق بجهة أو إقليم أو جماعة .
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان هناك تنوع وتمييز بين المؤسسات العمومية الإدارية والمؤسسات العمومية الصناعية والتجارية فهناك تمييز كذلك بين المؤسسات العمومية والمؤسسات ذات النفع العام مثل: الهلال الأحمر المغربي- اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير.
وللتمييز بين هاتين المؤسستين اعتمد الفقه على عدة معايير من بينها:
- المؤسسة العمومية يتم إحداثها من طرف سلطة عامة وقد سبقت الإشارة إلى هذا الإنشاء سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد المحلي.
أما إحداث المؤسسات ذات النفع العام يكون بمبادرة خاصة فردية أو جماعية.
- معرفة القانون المطبق: تستفيد المؤسسات العمومية من امتيازات السلطة العامة إلا أن هذه الاستفادة تكون نسبية للمؤسسات ذات النفع العام.
- الخضوع للوصاية: بما أن المؤسسات ذات النفع العام يتم إحداثها بمبادرة من الأفراد فإنها لا تخضع للوصاية في حين أن المؤسسة العمومية تخضع لوصاية الشخص العام التابعة له.
المبحث الثالث: النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية.
تترتب على الاعتراف بالشخصية المعنوية نتائج هامة يشترك فيها أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص، إلا أن القانون يعترف للأشخاص المعنوية العامة ببعض الخصائص غير المعترف بها للأشخاص المعنوية الخاصة بالإضافة إلى النتائج المشتركة.
وسنوضح النتائج المشتركة (المطلب الأول) ثم نتناول النتائج الخاصة بالشخصية المعنوية العامة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: النتائج المشتركة للاعتراف بالشخصية المعنوية
يعترف القانون للأشخاص المعنوية الخاصة والعامة بنفس الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي، ما عدا تلك المرتبطة بطبيعة الإنسان، وتتلخص أهم هذه الحقوق فيما يلي:
- الذمة المالية المستقلة: إن ضرورة الاعتراف بذمة مالية مستقلة كانت هي الدافع الأساسي لخلق وابتكار الشخصية المعنوية، وتعني الذمة المالية انفراد الشخص المعنوي بذمة مالية مستقلة عن الأشخاص الطبيعيين المكونين له. وهي مجموعة الحقوق المالية المختلفة ومجموعة الواجبات والالتزامات المفروضة على الشخص المعنوي.
- الأهلية القانونية: وهي إمكانية الشخص المعنوي التصرف في الحدود التي يعنيها سند إنشائه أو التي يقررها القانون.
- أهلية التقاضي، يجوز للشخص المعنوي رفع الدعاوى المختلفة للدفاع عن مصالحه وطلبا لحقوقه، كما أن للغير أن يقاضوه طلبا لحقوقهم عليه.
- موطن مستقل: لجميع الأشخاص المعنوية موطن مستقل عن موطن الأشخاص المكونين لها، ووجود هذا الموطن ضروري جدا في المعاملات القانونية، كما يسهل معرفة الجهة القضائية المختصة في الدعاوى المرفوعة ضده.
- نائب يعبر عن إرادته: لما كان الشخص المعنوي فكرة قانونية معنوية فلابد أن يكون له شخص طبيعي كي ينوب عنه في التعبير عن إرادته والتصرف باسمه وتمثيله أمام القضاء.
- مسؤولية الشخص المعنوي: يتحمل الشخص المعنوي مسؤولية جميع تصرفاته سواء أكان أساس المسؤولية العقد أو الفعل الضار أو الاتراء بلا سبب أو مجرد المخاطر، بمعنى أن المسؤولية قد تكون مسؤولية إدارية بالنسبة للأضرار الناتجة عن الأعمال التي يتخذها الشخص المعنوي العام.
وقد تكون مسؤولية مدنية بالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة، أو مسؤولية جنائية عن الأعمال المنسوبة إليها كما هو الأمر بالنسبة للجمعيات أو النقابات التي قد تواجه عقوبة حلها نتيجة قيامها بأعمال غير شرعية..
المطلب الثاني: النتائج الخاصة بالأشخاص المعنوية العامة
تتمثل هذه النتائج في كون الأشخاص المعنوية العامة تتمتع بنفس الامتيازات التي تتمتع بها السلطات العمومية، أي أنها تتوفر على الصلاحيات وتخضع للواجبات غير المألوفة في القانون العادي، وتبعا لذلك فإن قراراتها تعتبر قرارات إدارية تخضع لإحكام القانون العام، ويتم البت فيها من طرف القضاء الإداري سواء على مستوى تقييم المشروعية أو على مستوى المسؤولية. بالإضافة إلى ذلك فإن المبادئ التي تقوم عليها الأشخاص المعنوية للقانون العام هي المبادئ التي ترتكز أساسا على فكرة المصلحة العامة، بخلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة للأشخاص المعنوية للقانون الخاص، ومن بين هذه المبادئ يمكن الإشارة إلى تلك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم النظام العام، وذلك مثل الاستمرارية والمساواة والقابلية للتغيير




ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات