موضوع ربط المسؤولية بالمحاسبة pdf
بصدد دراستنا لهذا الموضوع سنعتمد في مقاربتنا له على المنهج الوظيفي والوصفي، و للإجابة عن كل هاته الأسئلة سنقسم هذا الموضوع إلى ما يلي :
المبحث الأول: مرجعيات تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة
المبحث الثاني: واقع تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة
المبحث الأول: مرجعيات تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة
المبحث الثاني: واقع تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة
لتحميل البحث pdf : اضغط هنا
ربط المسؤولية بالمحاسبة في الدستور المغربي 2011
إن تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يحيل لنا جليا إلى دولة الحق و القانون التي يسمو فيها القانون و تكون فيها السلطات مقيدة بالقانون في ممارسة سلطاتها، و تكون فيها المساواة أمام القانون، ويتم فيها الفصل بين السلطات و الاعتراف بالحقوق والحريات.إن تقدم المجتمعات وتطورها رهين بربط المسؤولية بالمحاسبة، يعني أن جميع الدول الديمقراطية التي راكمت تجربة في هذا المجال عرفت تقدما في شتى المجالات.
فقد جاء المبدأ قطيعة مع كل أشكال الرشوة، و الفساد الإداري و الواسطة، والمحسوبية، والسرقة، والاختلاس، واستغلال النفوذ، وخيانة الأمانة، والاستغلال اللامشروط للممتلكات العمومية، و الشطط في استعمال السلطة، و مع سلوك الريع السياسي والاقتصادي الذي كانت تعرفه البلاد قبل صدور دستور 2011.
كما جاء من أجل من أجل متابعة كل المفسدين وعدم إفلاتهم من المحاسبة والعقاب عند ثبوت تورطهم في تقصير أو إخلال في النهوض بمهامهم، فالمسؤولية دائما تقابلها المحاسبة و بمعنى كلمة كانت هناك مسؤولية كانت المحاسبة هذه المحاسبة يجب أن تطبق على جميع المغاربة، الكل متساوون أمام القانون.
وفي هذا خطاب الملك موجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتربع على العرش، "كما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، و بكافة مناطق المملكة
كما قال أيضا: "إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق و واجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب"
وعليه تتمحور اشكالية هذا الموضوع حول مدى تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
و تتفرع عن هذه الإشكالية إلى عدة أسئلة وهي كتالي :
- ما هو الإطار القانوني لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
- ماهي آليات مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
- إلى أي حد فعل المشرع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟
- ما هي الإكراهات التي تواجه مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟
- ماهي الافاق المتوخاة من هذا المبدأ الدستوري؟
آليات تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
1- دور المؤسسة الملكيةتضطلع المؤسسة الملكية بدور جوهري في إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة فبالرجوع لمقتضيات الدستور، نجد الفصل 47 منه ينص على أنه " للملك، بمبادرة منه بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا او اكتر من اعضاء الحكومة من مهامهم.
ولرئيس الحكومة ان يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة .
ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو او اكثر من اعضاء الحكومة و بناء على استقالتهم، الفردية أو " الجماعية.
انطلاقا من هذا الفصل نكتشف أن للملك صلاحية إعفاء عضر او اكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم في حالة إذا لم يقوموا بواجباتهم، أو إذا طلب ذلك رئيس الحكومة.
هذا ما رأيناه على أرض الواقع حين أصدر جلالة الملك قراراته الحكيمة بإقالة وإعفاء عدد كبير من المسؤولين بسبب تقصير في مهامهم، فضلا عن معاقبة آخرين بعدم شغل أية مناصب مستقبلا وبالتالي وبفضل القرارات الملكية أصبح المغرب يخطو بخطى ثابتة نحو مغرب ديمقراطي يسوده القانون.
2- المجلس الأعلى للحسابات
إن الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مرتبة دستورية مستقلة ينم عن الأهمية التي أولاها المشرع الدستوري لهذة المؤسسة باعتبارها تمركز في قمة الهرم لمراقبة المالية العامة للدولة و كما تم تدعيمها باختصاصات وصلاحيات جديدة و المنصوص عليها بالباب العاشر من دستور 2011 و التي لم كانت غائبة في ظل الدساتير السابقة.
هنا بطبيعة الحال لا مناص من الرجوع إلى مقتضيات الدستور، حيث ينص الفصل 147 على " يمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الرشيدة والشفافية والمساءلة، بالنسبة للدولة والمالية العمومية كما يتم لف الفصل على : "يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.
تناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص " النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية.
وينص الفصل 148 على ما يلي : "يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة او يجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته الهيئات القضائية.
يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون.
ينشر المجلس الأعلى للحسابات جميع أعماله، بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية.
يرفع المجلس الأعلى للحسابات الملك تقريرا سنويا، يتضمن بيانا عن جميع أعماله،ويوجهه أيضا إلى رئيس الحكومة، وإلى رئيسي مجلسي البرلمان، وينشر بالجريدة الرسمية للمملكة.
" يقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بمناقشة.
وفي هذا الصدد، تجد المجالس الجهوية للحسابات وطبقا لمقتضيات الفصل 149 من دستور 2011، تتولى مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها. ولا شك أن إحداث المجالس الجهوية يدخل ضمن إطار مسلسل تقوية سياسة اللامركزية واللاتركيز الإداري.
فالرقابة التي تمارسها المجالس الجهوية للحسابات تتجلى في الفحص والتحقق من العمليات المالية الجماعات الترابية، وبالتالي تعملها يقتصر على النطاق المحلي.
ومن خلال إستقراء هذه النصوص يتبين لنا أن المغرب دخل مرحلة تاريخية في إقرار الرقابة القضائية الحقيقية على التدبير المالي العمومي، من خلال ضمان استقلالية وفعالية وشفافية ومسؤولية المجلس الأعلى للحسابات، وتفعيل الوظيفة القضائية للمجلس الأعلى للحسابات الذي أصبح ملزما بنشر أحكام القضائية، بخاصة في ميدان التأديب المالي، واليت في الحسابات، ومن خلال تقديم عرض أمام البرلمان حول أنشطة المجلس الأعلى للحسابات تتلوه مناقشة عامة ناهيك عن تكريس الاختصاص العقابي للمجلس الأعلى للحسابات حيث أصبح بإمكانه أن يعاقب عند الاقتضاء عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون.
3- المفتشية العامة لوزارة المالية
تعتبر جهازا ساميا لأعمال الرقابة على المال العام و هي تابعة لوزارة الاقتصاد والمالية حيث تراقب مالية الدولة و الجماعات الترابية ، بمعلى أن مهام المفتشية العامة للمالية واسعة النطاق والاختصاص تشمل الإدارات العمومية والمرافق والمؤسسات والمنشآت العامة والجماعات الترابية.
وبالرغم من تمتعها بسلطات واسعة في مجال التفتيش على كل الإدارات والمصالح العمومية، إلا أن واقع الحال يؤكد على أدائها المتواضع وضعف مردوديتها، لكونها تعاني من خصاص في الموارد البشرية.
4- المفتشية العامة للإدارة الترابية
يوكل إليها مسؤولية فرض الرقابة و التحقق من السير الإداري و التقني والمحاسبي المصالح وزارة الداخلية و ذلك بعرض رفع مستوى الحكامة الجيدة.
5- الفرقة الوطنية للشرطة القضائية
وهي متفرعة عن المديرية العامة للأمن الوطني و التي يمتد نفوذها ليشمل كافة التراب الوطني تحت إشراف النيابة العامة و المختصة في هذا الإطار بالتصدي لمعضلة إهدار المال العام ، بحيث منعها القانون بصلاحيات واسعة لإعمال رقابتها و لطالما كان للفرقة الوطنية للشرطة القضائية دورا في فتح تحقيقات مع عدد من المسؤولين و السياسيين وكبار رجال الأمن و الإدارات العمومية و در ما كان له دور في تخليق الحياة العامة.