تعريف علم الاجرام-أهميته-خصائص الجريمة

تعريف علم الاجرام-أهميته-خصائص الجريمة

مفهوم علم الإجرام-خصائص الجريمة-الترتيب الزمني للظاهرة الإجرامية-أهمية دراسة علم الإجرام-علاقة علم الإجرام ببعض العلوم الأخرى

تعريف علم الإجرام

-علم الاجرام هو العلم الذي يعنى بالدراسة العلمية للظاهرة الاجرامية والبحث الذي يهدف الى تحديد أسباب الاجرام.
-عرف د رمسيس بهنام علم الاجرام بأنه العلم الذي يدرس الجريمة كحقيقة واقعية توصلا إلى أسبابها وبواعثها عضوية كانت أو بيئية بغية الوقوف على أنجع أسلوب للوقاية منها وفي علاج فاعلها كي لا يعود إليها من جديد.
-وعرفه د عبد المنعم العوضي بأنه العلم الذي يهدف إلى الوقوف على أسباب الظاهرة الإجرامية تمهيدا لعلاجها.




استنتاج

-تربط هذه التعاريف بين الجريمة واسبابها ودوافعها دون التطرق الى طبيعة الفعل (أي هل الفعل منظور إليه كحقيقة قانونية(التحديد القانوني للجريمة) أم كحقيقة واقعية(المفهوم الاجتماعي للجريمة)، ويعزى ذلك لأن الفقهاء اهتموا بتحديد العلم دون التساؤل عن طبيعة الأفعال التي تدخل في نطاقه.

-التحديد القانوني للأفعال المضرة يسهل عملية التفرقة بين الأفعال الإجرامية وغيرها بخلاف المفهوم الاجتماعي الذي يوسع من نطاقها فيشمل كل الأفعال التي تحدث اضطرابا اجتماعيا ويعتبرها أفعالا إجرامية.

-تعريف الجريمة تأرجح ما بين المفهوم القانوني والاجتماعي ولاعتبارات عملية يؤخذ بالمفهوم القانوني الذي يساعد على تحديد الجريمة لذلك فعلم الإجرام يعتمد لدراسة الجريمة على التحديد الذي يعطيه القانوني لأنه لا يهتم بكل الانحرافات الاجتماعية بل فقط تلك التي ينص عليها القانون الجنائي ويعاقب عليها.

الجريمة ظاهرة اجتماعية وكونية ملازمة للمجتمع ومستقرة فيه
التحديد القانوني للجريمة لا يزيل عنها صفتها الاجتماعية التي تلازمها وتجعل منها أمرا طبيعيا في كل المجتمعات الإنسانية فالجريمة تلازم المجتمع البشري وهي ظاهرة اجتماعية وكونية تستقر في المجتمع.

ملازمة الجريمة للمجتمع

-توصل علماء الإجرام إلى أن الجريمة لازمت الإنسان منذ القدم ،ويذهب إميل دوركايم(فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي وأحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث) إلى أن الجريمة ظاهرة طبيعية سوية تسود في كل المجتمعات ويعلل ذلك بأن التنظيم الاجتماعي وتفاعل العوامل الحية فيه يحتم وجودها.

-ذهب العالم الإيطالي فيري الى أن الجريمة ملازمة للمجتمع واعتبرها ظاهرة الاجرام وليدة العوامل والعناصر الطبيعية التي تقوم عليها الحياة الاجتماعية.

استقرار الجريمة في المجتمع
-استقرار الجريمة في المجتمع دفع المهتمين الى الجزم بأن الجريمة ليست ظاهرة اجتماعية فقط بل هي ظاهرة كونية تلازم المجتمع البشري بصفة دائمة وبغض النظر عن درجة تطور المجتمع والزمان والمكان.
-إثبات كونية الجريمة يقتضي التعرف على الأوقات الثلاثة للجريمة ثم رصد تداخل هذه الأوقات.
الترتيب الزمني للظاهرة الإجرامية

المرحلة الأولى: وضع القواعد الجنائية

-يتجلى ذلك في صياغة نمط اجتماعي من طرف الجماعة تفرضه على أفرادها حيث تضع قواعد زجرية لمواجهة كل من يخالف هذا النمط الاجتماعي.

-وضع القواعد القانونية يتبعه خرق وخروج على ما يتضمنه من أوامر ونواهي فالمنع أو التحريم يدفع الى الاصطدام بمضمون القواعد الجنائية وبالتالي الى مخالفتها وعدم احترامها.

المرحلة الثانية: خرق القواعد القانونية

-قد يؤثر عنصر الزجر الذي ينبني عليه القانون الجنائي على إرادة الإنسان ويقضي على حرية اختياره ويولد لديه إحساس بعدم التضامن الاجتماعي فيستخف بالقواعد الزجرية ويرتكب الجريمة دون الاكتراث للعقوبة المقررة كرد فعل اجتماعي.


رد الفعل الاجتماعي


-يترتب على خرق القواعد الاجتماعية حدوث اضطراب اجتماعي فيتدخل المجتمع للدفاع عن نفسه وذلك بفرض السلوك الاجتماعي الذي ارتضاه ويوقع عقوبات زجرية على كل من يخالف السلوك الاجتماعي ولا يحترمه.

-تخصيص عقوبة لكل مخالف يعبر عنه برد الفعل الاجتماعي الزجري مقابل السلوك الإجرامي.

-تبرر رد الفعل الاجتماعي ضرورة الحفاظ على التضامن الاجتماعي وتماسكه حول قواعد سلوك تضمن الحد الأدنى للحفاظ على هذا السلوك وبالتالي الحفاظ على الطمأنينة والاستقرار في المجتمع.

ترابط وتداخل الأوقات

-لا يمكن استيعاب هذه الأوقات الثلاثة للجريمة منفردة بل تكون كل واحدة حلقة تعمل كل واحدة على خلق الأخرى.

-لايمكن تصور جريمة في غياب فرض قاعدة سلوكية قابلة للانتهاك ومعاقب عليها،ولا يكون لرد الفعل الاجتماعي وجود في غياب الجريمة والمجرم.

-ترابط هذه المراحل أمر ضروري في كل مجتمع لذلك أصبحت الجريمة ظاهرة كونية متداخلة ومرتبطة بمرحلة وضع القواعد القانونية وناتجة عن رد الفعل الاجتماعي لأنها انتهاك لهذه القواعد.

أهمية دراسة علم الإجرام

أهمية دراسة علم الإجرام من الناحية التشريعية

تفيد أبحاث علم الإجرام المشرع في المساهمة في مكافحة الظاهرة الإجرامية، من خلال ما تقدمه أبحاثه من دراسات حول تصنيف المجرمين إلى طوائف مختلفة من خلال دراسة متكاملة لشخصية المجرم وتحديد العقوبة المناسبة له والأسلوب الملائم له من ناحية المعاملة العقابية.

أهمية علم الإجرام من الناحية القضائية


-تمكن الدراسات التي تتم في نطاق علم الإجرام القاضي الجنائي من اختيار العقوبة أو التدبير الملائم لكل متهم وذلك في ضوء استعماله لسلطته التقديرية.

-يفيد ذلك القاضي من التعرف على شخصية المتهم الإجرامية والوقوف على مدى خطورته الإجرامية على المجتمع.

-يساعد ذلك في مكافحة الإجرام في المجتمع من خلال تطبيق الحد الأدنى أو الأقصى للعقوبة، أو توقيع تدبير احترازي بدلا من العقوبة الجنائية أو اللجوء لنظام وقف التنفيذ إذا كانت ظروف المتهم تستوجب ذلك.

أهمية علم الإجرام من ناحية التنفيذ العقابي



-تمكن الدراسات الحديثة في علم الإجرام السلطات القائمة على تنفيذ العقوبة من اختيار أنسب وسائل المعاملة العقابية للمحكوم عليه، ويتم ذلك من خلال تصنيف المجرمين من حيث السن والجنس والخطورة الإجرامية ومن حيث اختيار نوع العمل داخل المؤسسة العقابية بالكيفية التي تساعد على تأهيل المحكوم وإعادة إدماجه داخل المجتمع.

-يتم اختيار أسلوب المعاملة العقابية كذلك من خلال الفحص البدني والنفسي والعقلي والاجتماعي للمحكوم عليه، فهذا الفحص يساعد على معرفة العوامل التي أدت إلى ارتكاب الجريمة و يفيد ذلك في معالجتها والقضاء عليها.

علاقة علم الإجرام ببعض العلوم الأخرى

تطرح صعوبات أمام وضع حدود لعلم الإجرام نظرا لوجود ارتباط واضح وعلاقة وثيقة بين فروع العلوم الجنائية المختلفة، فهي جميعاً تدور حول فكرة الجريمة وتهتم بدراستها.

علاقة علم الإجرام بالقانون الجنائي


-شكلت مسألة التمييز ما بين علم الإجرام والقانون الجنائي الجدل التقليدي الذي طفى على السطح منذ ظهور علم الإجرام ومازال الجدل قائما وإن خفت حدته.

أوجه الشبه

-الجرائم التي ينص ويعاقب عليها القانون الجنائي هي نفسها التي يعتبرها علم الاجرام أفعال شاذة.

-يهدف كل من القانون الجنائي وعلم الاجرام الى حماية الفرد والمجتمع ومكافحة الجريمة عن طريق العقاب(القانون الجنائي)،او الوقاية والعلاج وفقا لفلسفة علم الاجرام.

علاقة القانون الجنائي بعلم الاجرام

-يضع القانون الجنائي قواعد لحماية أفراد المجتمع ويساعده علم الاجرام بواسطة الدراسات والمعلومات التي ينجزها علماء الاجرام حول أسباب الاجرام وشخصية المجرم.

أوجه الاختلاف

يختلف علم الاجرام عن القانون الجنائي من حيث الموضوع فموضوع علم الاجرام هو البحث عن أسباب الجريمة ودراسة السلوك الاجرامي من خلال دراسة المجرم دراسة بيولوجية وعقلية ونفسية واجتماعية بهدف الوصول إلى قوانين علمية تفسر الجريمة وتساعد على ضبط الظاهرة الإجرامية والتحكم فيها ، أما موضوع القانون الجنائي فهو تحديد الأفعال التي تعتبر جريمة وتحديد العقوبات المخصصة لها بمعنى التجريم والعقاب.

الصلة بين القانون الجنائي وعلم الاجرام

--رغم استقلال علم الإجرام عن القانون الجنائي من حيث الموضوع وأسلوب دراسة الظاهرة الإجرامية فإن الصلة بينهما وثيقة ويؤثر كل فرع في الآخر، فالقانون الجنائي هو المصدر الأساسي لعلم الإجرام من خلال تحديده للمفهوم القانوني للجريمة.

-في المقابل فانه وإبان سن التشريع الجنائي أو تعديله أو إلغائه يتم الرجوع إلى دراسات علم الإجرام ونظرياته للتعرف إلى الحقيقة الواقعية للسلوك الجرمي إلى جانب الحقيقة القانونية، وذلك تمهيداً لإيجاد علاج جذري للسلوك الجرمي من خلال التعرف على أسبابه وأنجع الطرق لعلاجه.

-يجد القاضي الزجري صعوبة في الحكم على الجاني دون معرفة حالته العضوية والنفسية والعقلية وظروفه الاجتماعية والاقتصادية ودوافعه التي أدت إلى الانحراف وهو يستعين في ذلك بقوانين علم الإجرام ونظرياته.

-تبنى المشرع مبدأ تفريد العقاب بمناسبة اهتمامه بشخصية المجرم الذي يعد أهم نتائج دراسات علماء الاجرام، حيث إن العقوبة يجب أن تناسب في حجمها وطبيعتها ومقدارها شخصية الجاني.







علم الإجرام والسياسة الجنائية







-يقصد بالسياسة الجنائية مجموع الوسائل التي يستخدمها المشرع أو التي يجب عليه أن يستخدمها والتي من شأنها أن تؤدي إلي مكافحة الظاهرة الإجرامية في المجتمع.

-موضوع السياسة الجنائية هو الكشف عن صور السلوك المناهضة للمجتمع في بلد معين وفي مرحلة تاريخية معينة، وتنظيم رد الفعل الاجتماعي تجاه الجريمة، والبحث في العقوبات والتدابير وإجراءات الخصومة الجنائية الكفيلة بمواجهتها.

-رغم اختلاف علم السياسة الجنائية عن علم الإجرام من حيث الموضوع الذي تهتم دراسات كل منهما بمعالجته، إلا أن أبحاث علم الإجرام تعين السياسة الجنائية على رسم وضبط الإطار العام لسياسة التجريم والعقاب.




تتمة علاقة علم الاجرام بالسياسة الجنائية

تلتقي السياسة الجنائية مع علم الإجرام في أن كلا منهما يهتم بمعرفة أسباب الجريمة، ولكن علم الإجرام هو علم وصفي تفسيري يدرس ظاهرة الجريمة لبيان صورها وخصائصها والبحث عن أسبابها، أما السياسة الجنائية فهي علم معياري يدرس الظاهرة الجرمية لوضع تنظيم قانوني لها.

رغم استقلال السياسة الجنائية عن علم الإجرام فإن النتائج التي يتوصل إليها علماء الإجرام تلعب دوراً أساسياً في رسم سياسة التجريم والعقاب والوقاية من الجريمة.

علم الإجرام وعلم الضحية

-يعد علم الضحية من العلوم الجزائية الحديثة، ويهتم هذا العلم بدراسة المجني عليه دراسة علمية، وبيان دوره في الظاهرة الإجرامية، ففهم سلوك الجاني ودوافعه إلى الجريمة وتحديد مدى خطورته الإجرامية لن يتأتى إلا بمعرفة مدى علاقته بالمجني عليه، وبيان دور هذا الأخير في خلق فكرة الجريمة أو تسهيلها أو التشجيع عليها.

-تكمن أهمية علم الضحية في كونه وبدراسته المتكاملة للمجني عليه تكتمل الدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية، باعتبار أن الضحية هو أحد أطرافها، وهذا يؤدي إلى فهم أعمق وأشمل لظروف نشأة الجريمة وأسباب وقوعها وخاصة ما يتعلق منها بالضحية ، مما يساعد على تحديد مدى مسؤولية الجاني عن الجريمة واختيار نوع المعاملة العقابية المناسبة لحالته، ووضع سياسة جنائية خاصة بالضحايا بهدف وقايتهم من الجريمة.

- يعد علم الضحية أحد فروع علم الإجرام عند غالبية الفقهاء، وبدراسة دورها في الظاهرة الإجرامية تصبح دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة فردية واجتماعية مكتملة.







دور الضحية في الجريمة

حاول الباحثون في علم الضحية إبراز الدور الذي تلعبه الضحية في مرحلة ما قبل الجريمة من خلال:

-خلق فكرة الجريمة لدى الجاني.

-تسهيل ارتكاب الجاني للجريمة.

-قبوله مقدما بوقوعها.

-موافقة الضحية قبل أو أثناء وقوع الجريمة.

دور الضحية قبل أو أثناء ارتكاب الجريمة حالتي الدفاع الشرعي والاستفزاز

-يرى علماء الإجرام أن الضحية تبدأ بالعدوان ويصدر عنها فعل غير مشروع يجعلها مذنبة ومسؤولة عن الجريمة.

-يعتبر الدفاع الشرعي سببا من أسباب تبرير الجريمة وينبغي توفر الشروط التي يتطلبها القانون وهي :

-أن يكون الخطر حقيقيا.

-أن يكون الخطر حالا.

-أن يستحيل اللجوء الى حماية السلطات لدفع الخطر.

-أن يتناسب الدفاع مع الخطر.

متلازمة الجاني المجني عليه

-في حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي يصبح المدافع عن نفسه جانيا والجاني البادئ بالعدوان ضحية.

-اهتم الباحثون بالحالة التي يتحول فيها الضحية الى جاني مثل الطفل الصغير الذي يتلقى معاملة قاسية من أسرته فيتحول الى شخص عدواني وعنيف.

-تحول الشخص من جاني الى ضحية مثل تحول السجين المفرج عنه من جاني الى ضحية نتيجة سوء استغلاله من طرف رب العمل.

عذر الاستفزاز في القانون المغربي

-عرف بعض الفقهاء الاستفزاز بأنه حالة من الهيجان النفسي الجسيم الذي يعتري الشخص إثر تعرضه لباعث تلقائي غير مشروع فتضعف قدرته على ضبط نفسه ويزيد اندفاعه الى الرد على المعتدي.

-يعتبر بعض الفقهاء الاستفزاز دفاع شرعي غير تام.

شروط الاستفزاز:

-صدور فعل غير مشروع من الضحية.

-التعاصر بين الاستفزاز والجريمة المرتكبة لرد الاعتداء.

أمثلة على الحالات التي يعتد فيها بالاستفزاز في القانون المغربي الفصول: 416 ق ج –418 ق ج.

أثر رضا الضحية على قيام الجريمة

-القاعدة العامة ان رضا الضحية لا يؤثر على قيام الجريمة ولا ينقص العقوبة.

-وضع القانون الإنجليزي قاعدة مستخلصة من السوابق القضائية وسار عليها التشريع بحيث لا يعتبر رضا الضحية مبررا للجريمة إلا في الجرائم ذات الطبيعة الخاصة والتي لا تؤذي الشعور العام ولا تمس بالأخلاق والأمن العام والمصلحة العامة ولا السياسة العقابية بمعنى انتفاء الضرر الاجتماعي من الجريمة.

إذا انصب الرضا على مصلحة خاصة للشخص الذي صدر عنه فإن ذلك يعتبر استعمالا للحق أو ممارسة لحرية شخصية غير أنه ينبغي ألا يخالف ذلك القانون.



الشروط القانونية لرضا الضحية

لكي يرتب الرضا آثاره القانونية ينبغي توفر الشروط التالية وذلك في الحالات التي يعتد فيها القانون بشرعية الآثار المترتبة على صدور الرضا من الضحية:

1)أن يكون الرضا صادرا من صاحب الحق ولا يعتد به إذا صدر من غيره(كرضا المتهم بشهادة الزور ورضا الموظف بتزوير توقيعه).

2)أن يكون الرضا صادرا من شخص يتوفر على الأهلية الجنائية.

3أن تكون الإرادة غير معيبة.

4)ان يصدر الرضا في الوقت الذي يعتد به القانون ويعد رضا نموذجيا ذلك السابق أو المعاصر لارتكاب الجريمة والذي يستمر حتى إتمام الفعل وتحقق النتيجة الإجرامية.

5)عدم مخالفة الرضا للنظام العام والآداب العامة.




الحالات التي يعتد فيها القانون برضا الضحية وآثاره القانونية

الحالات التي يعتد فيها القانون برضا الضحية

رضا الضحية كسبب للإباحة: اختلف الفقه في اعتبار رضا الضحية سببا عاما للإباحة من عدمه.

اعتبر البعض رضا الضحية سببا عاما للإباحة مبررين ذلك بأن الجريمة اعتداء على حرية الفرد وبالتالي فرضاه يزيل عن الفعل صفة غير المشروعية واعتبروا الرضا سببا من أسباب الإباحة في جميع الحالات إذ يترتب على ذلك أن رضا الضحية يمنع العقاب على فعل الاعتداء.

-بعض التشريعات اعتبرت رضا الضحية سببا عاما للإباحة وإن قيدت ذلك بشروط(المادة 91 من قانون العقوبات الهندي-المادة 51 من قانون العقوبات السوداني-التشريع الإيطالي).

-اعتد الفقهاء بالرضا في حالات معينة فرضا المجني عليه ليس سببا للإباحة إلا استثناء حيث يقتصر أثره كسبب للإباحة على الحقوق القابلة للتصرف فيها كالحقوق المالية الخاصة بالمجني عليه فهي حقوق خالصة للفرد ولا يوجد ضرر للمجتمع .




رضا الضحية كشرط للإباحة

يعتد برضا الضحية في مجال الحقوق التي يجوز للشخص التصرف فيها كالحقوق المالية لأنها حقوق خالصة للفرد ولا يوجد فيها ضرر للمجتمع غير أن بعض الحقوق لا يجوز للشخص التصرف فيها كالحقوق التي تمس مصلحة مشتركة بين الضحية والمجتمع.

يكون الرضا شرطا للإباحة شريطة توفر الشروط اللازمة له وهي: عدم تعلقه بمصلحة لا يجوز التصرف فيها بالنظر إلى طبيعتها-أن يجيز القانون المساس بهذه المصلحة ويحدد لذلك شروطا معينة-أن يكون الباعث هو حماية تلك المصلحة.

من بين الأمثلة التي يمكن أن نستدل بها على أثر رضا الضحية وكونه شرطا يبيح الفعل الواقع ضده :

-الأعمال الطبية ومزاولة الرياضة غير أنه ينبغي أن يكون التصريح بالرضا صريحا.







الأعمال الطبية

-لا تخلو الأعمال الطبية من خطورة لكونها تعرض جسم المريض للجراحة والإصابة عند إجراء العمليات الجراحية، ناهيك عن حقن المرضى بمواد مخدرة أو بأمصال من ميكروبات مختلفة للوقاية من الأمراض الخطيرة أو المعدية.

يكون رضا المريض شرطا لازما لإباحة عمل الطبيب شريطة توفر الشروط التالية:

1)إذن القانون (حصول الطبيب المعالج على الدرجة العلمية فضلا عن الترخيص القانوني2)رضا المريض-3)قصد العلاج.

الألعاب الرياضية

للاستفادة من إباحة ممارسة الألعاب الرياضية ينبغي توفر الشروط التالية:

-رضا اللاعب وموافقته صراحة أو ضمنا على ممارسة الرياضة وأن تصدر الموافقة عن بينة وذلك من خلال علمه بالنتائج المباشرة وغير المباشرة المترتبة على ممارسة هذه اللعبة عن إدراك وتمييز.

-ترخيص القانون:مراعاة القواعد المنظمة لممارسة الألعاب الرياضية وعدم مخالفتها وأن تتم ممارسة الألعاب وفقا للنظم واللوائح والمواعيد والأماكن التي حددها ونظمها القانون دون تجاوز في ذلك أو خروج عن الإطار المنظم لها.







الآثار القانونية للرضا




أثر رضا المجني عليه في تخفيف عقوبة الجاني:لايؤثر رضا الضحية على قيام الجريمة وذلك إذا طال الاعتداء حق من الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها.

يعطي قانون العقوبات الدنماركي للقاضي سلطة تقديرية لتخفيف العقوبة عن جريمة الاغتصاب والوصول بها إلى الحد الأدنى وهو الحبس إذا تبين للقاضي من وقائع القضية أن للضحية علاقة جنسية سابقة مع الجاني.

أثر طلب الضحية في تخفيف العقوبة: تتم الجريمة في هذه الحالة برضا الضحية وبطلب منه مثل القتل بدافع الشفقة والإجهاض.

جريمة القتل بدافع الشفقة/القتل الرحيم

يتعلق الامر بالحالة التي يعاني فيها المجني عليه من آلام شديدة فيطلب من الطبيب أو ممرضة قتله لتخليصه من الألم.

موقف التشريعات من القتل بدافع الشفقة أو القتل الرحيم

-أجمعت التشريعات الوضعية على أن الرضا بالقتل لا يعد سببا لإباحته ولا أثر له على أركان الجريمة، غير أنها(أي التشريعات) انقسمت بشأن دور رضا الضحية في تخفيف العقوبة في هذا النوع من الجرائم، فمنها من وضعت قواعد خاصة لجريمة القتل بناء على طلب المجني عليه تخفف العقوبة على الجاني ومنها من اكتفت بإقرار نص عام وأخضعت الجريمة للقواعد العامة لجريمة القتل العمد وتركت للقاضي السلطة التقديرية لتمتيع الجاني بظروف التخفيف .

-من التشريعات التي قررت تخفيف العقوبة إذا تم القتل برضا المجني عليه نذكر التشريع الإيطالي والألماني والسويسري واللبناني.

-من بين التشريعات التي لم تعتبر هذا القتل عذر قانوني مخفض نذكر (مصر –المغرب-فرنسا-الكويت)،غير أنه يمكن للقاضي تمتيع الجاني بظروف التخفيف القضائية حسب ظروف وملابسات النازلة وظروف المجرم.

جريمة الإجهاض بناء على طلب المرأة الحامل

يجرم المشرع المغربي الإجهاض في الفصل 449 من ق ج الذي جاء فيه:

"من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخري، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائة و عشرين إلى خمسمائة درهم.

وإذا نتج عن ذلك موتها، فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة".

-يلاحظ أن المشرع المغربي لم يعتد برضا المرأة في جريمة الإجهاض.

بخلاف ذلك اعتدت بعض التشريعات برضا الضحية في جريمة الإجهاض كالمشرع الأردني الذي خفض العقوبة إذا تم الإجهاض بناء على طلب المرأة الحامل وذلك إذا نجم الحمل بطريقة غير شرعية نتيجة علاقة محرمة.

دور رضا الضحية في تغيير وصف القانوني للجريمة

-يعرف الفصل 486 من ق ج الاغتصاب بأنه مواقعة رجل لامرأة دون رضاها.

-إذا وجد الرضا ينهار الركن المادي لجريمة الاغتصاب ويمكن أن يتابع الجاني من أجل جريمة أخرى كالخيانة الزوجية إذا كانت الضحية متزوجة (غير أنه لا مناص من تقديم شكاية) أو الفساد.




ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات