اللامركزية الإدارية في افق الجهوية المتقدمة

اللامركزية الإدارية في افق الجهوية المتقدمة

اللامركزية الإدارية تعني تفويض كل أو بعض سلطات المركز إلى الوحدات و الوظائف الأدني في الجهاز الإداري ، وهذا يعني تمتع هذه الوحدات الإدارية والوظائف بصلاحية و سلطة صنع القرار ، والتصرف المستقبل ، وفق ما يمليه عليها تقديرها للحالات والمشاكل التي تواجهها ، فعندما تصنع القرارات على مستوى الوحدة ، أو الوظيفية القائمة بالتنفيذ، دون أن تصعد هذه القرارات إلى مستويات أعلى ، و عندما لا تفيد تصرفات الوحدات و الوظائف بلوائح مقيدة لسلطتها و صلاحيتها التقديرية ، فإن اللامركزية تكون هي الصفة الغالبة .
وكذلك فإن اللامركزية تعني المرونة في التبعية الإدارية ، بحيث لا ترتبط الأجهزة الإدارية في الدولة ارتباطا رأسيا ، إذ تندرج هرميا في الجهاز الإداري الرئيسي في مركز الدولة ، وفق القرارات التي تحكمها ، وتحدد علاقتها ببعضها ، بحيث تكفل تأدية الوظيفة الإدارية للدولة على وجه لا يتعارض مع بعضه ، وعلى وجه لا يحدث تباينا و تعارضا في أهداف الدولة ، ولا يتعارض كل ذلك مع القرارات الدستورية و التشريعية أو القضائية للدولة .

و بطبيعة الحال ، فإن هذه الأجهزة أو المجالس التي يضمنها النظام الإداري اللامركزي، نخضع تماما لإشراف الدولة، ولجميع مؤسساتها السياسية ، ولما يصدر عنها من القرارات ، حيث أن مؤسسة الجهة في هذا الإطار تتمتع باستقلال ذاتي يتمثل في وجود إدارة منتخبة و موارد مالية وبشرية ، و اختصاصات محددة بواسطة القوانين العادية.
و اللامركزية الادارية لها مميزات عديدة منها ما يلي :
- تفرغ الوزراء للقرارات الهامة ، و عدم انشغالهم بالمشكلات الفرعية .
 - سرعة اتخاذ القرارات وحل المشكلات .
 - اتخاذ قرارات " أفضل "، لأن متخذ القرار إذ كان يعايش المشكلة فهو أقدر من الوزير الذي لا يعرف تفاصيلها .
- تحقق اللامركزية مبدأ هاما من مبادئ التنظيم و هو توازن السلطات و المستويات . وأما العيوب التي تحملها اللامركزية فهي :
- تناقض أو عدم اتساق القرارات المتخذة .
 - إزدواج الخدمات التي تستلزمها الإدارات المختلفة و زيادة التكاليف .
 - صعوبة وضعف الروابط مع مركز ، و خاصة في فروع و مناطق الأخرى .

اللامركزية في التنظيم الاداري المغربي

لقد عرف المغرب أشكالا متعددة من الهياكل الإدارية الترابية ذات الطبيعة المحلية. غير أنه بالحصول على الاستقلال سيعرف التنظيم الإداري اللامركزي تطورا مهما.  
نشأة وتطور نظام اللامركزية 
 ارتبط ظهور وتطور نظام اللامركزية في المغرب بتوسع وتنوع المهام التي تقوم بها الدولة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية .   
- لقد جسد السلطان في النظام المخزني التمثيل المركزي للسلطة وسمح لبعض
مساعديه بممارسة السلطة المحلية في القبائل الموالية للمخزن، مجسدة في الباشا والقائد.   
- في المقابل ساد نظام آخر مختلف عن هذا النظام، تمثل في ما كان سائدا
في القبائل الخارجة عن سلطة السلطان أو ما كان يعرف ب"قبائل السيبة”.   
- هذه القبائل كانت تتبنى نظاما إداريا فريدا من نوعه، يقوم على تدبير شؤونها بنفسها عن طريق مؤسسة "اجماعة" في استقلال عن المخزن.  
-  بعد تطبيق نظام الحماية على المغرب، حاول المستعمر وضع نظام إداري حديث يخدم أطماعه الاستعمارية ويسهل ممارسة الضبط والتحكم على كل مناطق المغرب، لذا قامت سلطات الاحتلال بتقسيم البلاد إلى مناطق عسكرية وأخرى مدنية.  
- بعد الاستقلال، سيحرص المغرب على تبني نظام اللامركزية الإدارية ، كأسلوب جديد لإشراك المواطنين وتحقيق التنمية، حيث صدر أول تقسيم للمملكة إلى عمالات وأقاليم بمقتضى ظهير 23 مارس 1955 ، وظهير 16 دجنبر سنة 1956 ، ثم صدور الميثاق الجماعي سنة 1960 الذي عدل بميثاق جديد سنة 1976.   
-  سيتوالى بعد ذلك مسلسل تطوير النظام اللامركزي عبر الدساتير والنصوص التشريعية المتلاحقة، حيث حظي مسلسل تقوية الديمقراطية المحلية بمكانة متميزة في مسلسل الإصلاح.    
- ابتداء من دستور 1992 سيتم الاعتراف بالجهة كجماعة محلية، من خلال الفصل 94 .    
- نفس المقتضى سيتضمنه دستور 1996 من خلال الفصل 100.   
- خلال دستور 2011 سنكون على موعد مع مجموعة من المستجدات على مستوى الجماعات المحلية التي تغير اسمها إلى الجماعات الترابية، حيث نص الفصل 135 من الدستور أن "الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعاملات والأقاليم والجماعات. أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام،   تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية...”.   
- كما أحال الفصل 146 من دستور 2011 على صدور قانون تنظيمي يحدد شروط تدبير الجماعات الترابية لشؤونها.   
-  صدر القانون التنظيمي في شكل ثلاثة قوانين تنظيمية لكل المستويات الترابية في التنظيم اللامركزي .   

ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات