تفويت أو كراء الأراضي السلالية بالمغرب ( أراضي الجموع )

تفويت أو كراء الأراضي السلالية بالمغرب ( أراضي الجموع )

ان موضوع الأراضي السلالية من المواضيع المعقدة التي يصعب تسويتها وحلحلتها، حيث الغالبية العظمى من هذه الأراضي تم تفويتها وفق مقتضيات المادة 26 من مرسوم 02.19.973 الصادر في 13 جمادى الأولى 1441( 09 يناير2020) بتطبيق أحكام القانون رقم62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها بالتنازلات من طرف ذوي الحقوق للمستثمرين وذلك بمباركة ما يسمى بنواب الأراضي ،حيث الغالبية العظمى من هؤلاء لا يتمتعون بادنى شروط النيابة،ولعل أراضي التابعة للجماعة الترابية مصيسي من قبيلة ايت اسفول نموذجا تم تفويت ارض  بين تقات ن اوغري ووحلان لمستثمر بغية إنشاء مقلع (كاريان) علما ان هذه الأرض لذوي الحقوق.والخطير في الأمر أن هذا المشروع لا محالة سيشكل خطرا على الساكنة برمتها ؛ تدمير أشجار الطلح التي تعد ثروة غابوية في المنطقة.إن فتح المجال للمستثمرين يقلل مردودية انتفاع السلاليين من أراضي الجموع.



  • مسطرة تفويت الاراضي السلالية بالمغرب
  • هل يتم تفويت أراضي الجماعات السلالية ؟
  • كيف يتم تفويت الاراضي السلالية ؟
  • من له الحق في الاستفادة من الاراضي السلالية ؟
  • ما هو الفرق بين الاراضي السلالية واراضي الجموع ؟

الفقرة الأولى : التفويت أو الكراء في الأراضي السلالية

إن الظرفية الاقتصادية والاجتماعية حتمت على المغرب العمل على إيجاد طرق لإشراك الأراضي السلالية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فكان من ضمن هذه الوسائل التي توصل إليه المشرع المغربي هي إبرام عقود الكراء أو التفويت على هذه الأراضي لكن مع مراعاة خصوصيات الأراضي السلالية. فالكراء بالعودة للفصل 6 من ظهير 27 أبريل 1919 هو مخول للجماعة السلالية بعد موافقة السلطة الوصاية ولمدة لا يجب أن تتجاوز الثلاث سنوات هذا في ظل الظهير القديم الملغى، لكن من خلال تصفح مقتضيات القانون الجديد 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها تجد المادة التاسعة عشرة منه تنص على أنه "يتم كراء عقارات الجماعات السلالية عن طريق المنافسة وعند الاقتضاء بالمراضاة على أساس دفتر التحملات، ولمدة تتناسب مع طبيعة المشروع المراد إنجازه لا تسري أحكام القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي على عقود كراء عقارات الجماعات السلالية".
انطلاقا من نص المادة أعلاه يتضح أن رغبة المشرع من خلال القانون 62.17 كانت واضحة في جعل كراء الأراضي السلالية مختلفاً عما كان عليه في ظل ظهير 1919 وجعل هذه الأراضي تساهم في تشجيع الاستثمار من خلال خلق مشاريع غير رهينة بأجل الكراء الذي كان محدداً في ثلاث سنوات في ظل الظهير القديم وإنما خلق استثمارات يحترم لها القانون المدة الطبيعية والضرورية لإنجازها مع مراعاة خصوصيات كل مشروع على حدة، مما يلاحظ معه أن المشرع قد أقصى شرط المدة الذي كان يرهب المقاولين الذين كانوا يرغبون في إقامة مشاريعهم على الأراضي السلالية
كما أن المشرع وحماية منه لخصوصيات هذه الأراضي وإبعادها من الخضوع للامتيازات التي تولدها مقتضيات القانون 49.16 كالحق في الكراء التجاري... الذي يترتب عليه تفويتها على شكل أصول تجارية وتصبح بذلك فاقدة لخاصية التطويت المراقب، وإخراج المشرع لهذه الأراضي من نطاق تطبيق هذا القانون إنما كان بغرض الحفاظ لها على طبيعتها.
كما أن أهمية الكراء اليوم في غضون القانون الجديد رقم 62.17 أصبحت تبرز في كونه (القانون) أصبح يتحدث عن كيفية تدبير الموارد المتحصل عليها للجماعات السلالية والاستفادة منها دون تمييز بين أفراد الجماعة السلالية على أساس الجنس ما من شأنه القضاء على أشكال النزاع التي كانت تطبع الجماعات السلالية فيما بينها داخل الجماعة الواحدة والقضاء على هذه التعرضات على المشاريع المراد إقامتها يحسن سمعة هذه العينة من الأراضي بشكل يحفز المستثمرين على الاستثمار فيها بدون خوف من التعرضات.
إذا كان الكراء أصبحت له هذه المكانة فإن التقويت الذي كان في كنف الظهير القديم المؤرخ 27 أبريل 1919 ينص على عدم إمكانية تفويت الأراضي التابعة للجماعات السلالية، وذلك بموجب الفصل الرابع منه فقد تم تغييره بمقتضى الفصل 11 من ظهير 1963 نتيجة للضرورة الاقتصادية، هذا هو الوضع الذي كانت عليه عملية التفويت في السابق، فإن تصفح الفصل 20 من القانون 62.17 ا يتضح معه أن المشرع نحى نحوا جديدا في خصوص تفويت الأراضي السلالية
حيث أنه أضاف أشخاص آخرين إلى قائمة الأشخاص الذين كانوا متمثلين في الدولة والجماعات المحلية، أصبح لهم إمكانية المنافسة على عملية التفويت التي كانت حكرا على الدولة والجماعات المحلية الشيء الذي من شأنه الرفع من مساهمة هذه الأراضي في تشجيع الاستثمار، فقد جاء في هذا الفصل على أنه "يمكن إبرام عقود التفويت بالمراضاة واتفاقات الشراكة والمبادلة بشأن عقارات الجماعات السلالية لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والجماعات السلالية الأخرى.
كما يمكن إبرام العقود والاتفاقات المذكورة عن طريق المنافسة أو عند الاقتضاء بالمراضاة لفائدة الفاعلين العموميين والخواص.
تتم مباشرة إبرام العقود والاتفاقات السالفة بعد مصادقة مجلس الوصاية المركزي".
إن المشرع في ظل هذه الأحكام الجديدة للتقويت يكون قد جعل من الأراضي السلالية فاعلاً أساسياً للاستثمار من خلال السماح لتفويتها لفائدة فاعلين جدد الشيء الذي من شأنه خلق مشاريع على هذه الأراضي بعيدا عن الاحتكار الذي كانت تمارسه بعض المؤسسات مما كانت معه عملية الاستثمار في هذه الأراضي شبه معقدة وبالتالي فإن عملية التفويت في حلتها الجديدة يمكن القول على أنها إلى جانب الكراء آلية فعالة في الدفع بالعقارات السلالية للمساهمة في الاستثمارات الوطنية والتنمية المجالية بشكل أكثر نجاعة مما كانت عليه في غضون الظهير الملغى.
من خلال ما تقدم يمكن القول على أن عمليتي الكراء والتفويت المنصوص عليها في صلب القانون 62.17 بالضبط في المادتين 19 و 20 تشكلان الوسيلتين الأكثر فعالية ضمن آليات الاستثمار الممنوحة من لدن المشرع للاستثمار في العقارات السلالية، لكن هذا لا يعني على أنه ليس هناك آليات آخرى من شأنها التمكين من الاستثمار في العقارات السلالية مما يطرح معه السؤال التالي ما هي هذه الآليات الأخرى ؟


الفقرة الثانية : الشراكة والمبادلة العقارية كاليات للاستثمار في العقارات السلالية

إن رغبة المشرع المغربي في الدفع بالأراضي السلالية للمساهمة في الاستثمار والرفع من قيمتها الإسهامية فيه جعله يخلق لها مجموعة من الآليات إلى جانب الكراء والتفويت من ضمنها الشراكة والمبادلة العقارية.
نص المشرع المغربي على الشراكة والمبادلة العقارية كاليات للاستثمار في الأراضي السلالية ضمن المادة 20 من القانون 62.17 في فقرتها الأولى. فالشراكة يقصد بها المشرع أن تعمل الجماعات السلالية على خلق شراكات مع المؤسسات والأشخاص المسموح لها بالقيام بتفويت لها ضمن ذات الغرض الاستثماري في الأراضي عن طريق الشراكة، هذه الأخيرة التي سوف تمكن المستثمر من الحصول على الوعاء العقاري وتمكن ذوي الحقوق من الانتفاع وبالتالي تحقيق الغرض من الشراكة ألا وهو الدفع بالأراضي السلالية في خارطة الاستثمار وتفعيل الاحتياطي العقاري السلالي من خلال الشراكات الاستثمارية التي تعود بالنفع على السلاليين خاصة والاقتصاد الوطني عامة وتحقق للأشخاص الذين يريدون الاستثمار الوعاء العقاري فلا حديث عن استثمارات من دون وجود
الوعاء العقاري الذي يجب هذه الأخيرة، وعليه فإن الشراكة تعتبر من ضمن الآليات الاستثمارية الفعالة في العقارات السلالية التي تحتسب للقانون 62.17.

كما أن المبادلات العقارية هي الأخرى تعتبر من صميم آليات الاستثمار في العقارات السلالية، وقد جاء النص عليها كذلك في صلب المادة 20 من القانون ذاته (62.17) المتعلق بالوصاية الإدارية على الأراضي السلالية فمن ضمن حسناته النص على هذه الوسيلة التي تمكن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والفاعلين العموميين والخواص من إقامة تبادلات عقارية
مع  الجماعات السلالية بشكل يخدم صالح الطرفين معا ويحقق التفعيل الأمثل للأراضي السلالية في الاستثمار ، كما يمكن لهذه الجماعات السلالية أن تعمد إلى طلب إجراء مبادلة لها مع إدارة معينة من الإدارات المسموح لها اقتناء العقارات السلالية للحصول على عقار يتماشى مع احتياجات هذه الجماعة.
من خلال ما سبق يتضح على أن الشراكة والمبادلة العقارية هما معا يشكلان كذلك وسيلتين من الوسائل الاستثمارية إلى جانب كل من الكراء والتفويت ووسائل أخرى....
يتضح من كل ما سبق أن الرؤية التشريعية الجديدة تتجه صوب تفعيل وإشراك الأراضي السالية ضمن السياسة التنموية للمملكة من خلال إدخال الاحتياطي العقاري السلالي في مسلسل الاستثمارات من خلال خلق آليات لتمكين الأشخاص المنصوص عليهم ضمن هذا القانون من وضع مشاريعهم على أرض الواقع.

خاتمة الأراضي السلالية بالمغرب

إن المتمعن في المسار التاريخي و التشريعي للأراضي الجماعية سيظهر مدى التطور الكبير الذي عرفته هذه الجماعات على مستوى التسيير والاستثمار وكذا الحماية القانونية، فبعد ان كانت الظهائر القديمة متضمنة في طياتها قمعا صريحا للنساء و تجميدا لوضعية هذه الأراضي إذ أن التفويت لم يكن إلا على وجه الاستثناء، فإن القوانين الجديدة قد تضمنت مجموعة من المستجدات الجريئة و التي تعد من بين الحسنات المحسوبة للمشرع، نذكر من بينها تكريس العمل بمبدأ المساواة بين الجنسين وكذا منح إمكانية التقويت للخواص إلى غيرها من الأمور الإيجابية التي تخدم مصلحة ذوي الحقوق و الاقتصاد الوطني، و من يمكن قوله في ختام هذا الموضوع هو أن المشرع المغربي بالرغم من هذه القوانين الجديدة و بالرغم من هذا الاهتمام المتزايد لهذه الثروة العقارية إلا ان الأمر لم يخلو من النواقص و هذا ما يتسم به عمل البشرية إذ الكمال الله عز وجل. وارتباطا بهذا قررنا الوقوف على بعض النقاط في صيغة توصيات تنبيها للمشرع في هذا الإطار هي كما يلي :
 كان على المشرع المغربي في إطار القانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري أن يجعل سلوك التحفيظ العقاري كمسطرة خاصة بعد التحديد الإداري مسألة إجبارية لا أن يبقى على الإختيارية في هذا الإطار مما يترتب على ذلك من أثار سلبية نذكر منها أن إكتفاء الجهات الوصية على الجماعات السلالية بالتحديد الإداري فقط دون مسطرة التحفيظ وتفويت تلك القطعة الأرضية محل التحديد إلى الخواص يترتب عنه خروجها من نطاق تطبيق القانون 63.17 وبالتالي سيصبح التحديد الإداري المقام سابقا هو والعدم سواء حيث سيضطر المفوت إليه الى سلوك مسطرة التحفيظ العادية من جديد وهذا فيه من جمة تبذير الأموال الجماعات السلالية وضياع الجهد والوقت و ضياع حقوق المالك الجديد من جهة أخرى.






ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات