مادة الاجتهاد القضائي في المادة العقارية
الاجتهاد القضائي
المتعلق بنظرية مضار الجوار ونظرية التعسف في استعمال حق الملكية
الاجتهاد
القضائي المتعلق بمبدأ الحيطة
الاجتهاد القضائي في المنازعات العقارية
الاجتهاد
القضائي المتعلق باستغلال الملك العام المائي
الأسدس
الثالث
الأستاذة اسماء علمي
المطلب الأول: الاجتهاد القضائي المتعلق بنظرية مضار الجوار ونظرية التعسف في استعمال حق الملكية
الفقرة الأولى: نظرية مضار الجوار
الفقرة الثانية: نظرية التعسف في استعمال الحق.
الفقرة الثالثة: قرارات قضائية متعلقة بنظرية مضار الجوار ونظرية التعسف في استعمال حق الملكية
المطلب الثاني: الاجتهاد القضائي المتعلق بمبدأ الحيطة
الفقرة الأولى: تعريف مبدأ الحيطة.
الفقرة الثانية: شروط مبدأ الحيطة.
الفقرة الثالثة: أمر استعجالي متعلق بمبدأ الحيطة.
المطلب الثالث: الاجتهاد القضائي المتعلق باستغلال الملك العام المائي.
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للملك العام المائي و مكوناته.
الققرة الثانية: الحقوق الواردة على الملك المائي العمومي.
الفقرة الثالثة: قرارات قضائية متعلقة باستغلال الملك العمومي المائي
اطلع ايضا على : الترجيح بين الحجج في المنزاعات العقارية PDF
: تنفيذ الأحكام القضائية في المادة العقارية PDF
المطلب الأول: الاجتهاد القضائي المتعلق بنظرية مضار الجوار ونظرية التعسف في استعمال حق الملكية
يعتبر حق الملكية من أشهر الحقوق العينية وأوسعها
نطاقا، فهي تعطي لصاحبها دون سواه الحق في استعمال الشيء و استغلاله و التصرف فيه
بدون تعسف وضمن الحدود التي رسمها له القانون.
نظم المشرع المغربي حق الملكية في قوانين متفرقة ،حيث جاء بقواعد عامة
في إطار قانون الالتزامات و العقود كما نظمها بقواعد خاصة وذلك في مدونة الحقوق العينية و قانون
الملكية المشتركة.
يترتب عن حق الملكية ضوابط يتعين على المالك احترامها. فاستعمال
حق الملكية يجب أن يكون صادرا عن باعث جدي ومشروع. فالمالك له استعمال حقه
فيما يتملك على ما يريد، كما أن له إقامة الأبنية والأغراس على النحو الذي يشاء،
ولكن شريطة أن
لا يضر بجيرانه أو أن يكون استعماله لملكه بنية الإضرار بالغير أو أن يخلو ذلك الاستعمال من منفعة
حقيقية.
فحق الملكية و إن كان يعتبر حقا
ذاتيا فإنه حق اجتماعي كذلك، بحيث يجب على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حد
يضر بملك الجار. هكذا فالجار لا يجبر على أن يتحمل في ملكه الغازات والأبخرة
والروائح والدخان والحرارة والضوضاء والاهتزاز ونحوها، إلا إذا كان الضرر الناشئ
عنها تافها أو إذا كانت ناتجة عن استعمال العقار استعمالا عاديا حسب عرف المكان.
تبعا
لما سبق ذكره نلمس أن مضار الجوار تعتبر أهم مظهر قانوني للتعسف في استعمال الحق والأكثر
شيوعا وارتباطا بحق الملكية،
وهذا راجع إلى الزيادة في الأبنية على شكل طبقات والتي قربت المسافات بين الجيران.
الفقرة الأولى: نظرية مضار الجوار
تطرق
المشرع المغربي لمضار الجوار من خلال الفصلين 91 و92 ق.ل.ع واللذين جاء فيهما:
الفصل
91 : "للجيران الحق في إقامة دعوى
على أصحاب المحلات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة بطلب إما إزالة هذه المحلات
وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع الأضرار التي يتظلمون
منها، ولا يحول الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى".
وجاء
في الفصل 92 : "ومع ذلك لا يحق للجيران أن يطلبوا إزالة الأضرار الناشئة عن
الالتزامات العادية للجوار كالدخان الذي يتسرب من المداخن وغيره من المضار التي لا
يمكن تجنبها والتي لا تتجاوز الحد المألوف".
وعلى
أساس ما سبق ذكره، يعد من مضار الجوار الأصوات المقلقة للراحـة، تسرب الدخان المكثف
لمساكن الجيران ...غير أن هذه المضار تتكيف حسب الزمان والمكان، فما يمكن اعتباره
ضررا للجوار في وقت أو مكان معين، قد لا يعتبر كذلك في وقت أو مكان آخر.
يلاحظ
أن المشرع المغربي اكتفى بسرد المضايقات الناتجة عن الجوار في الفصل 91 ق.ل.ع،
واشترط في الفصل 92 من نفس القانون أن يكون الضرر على قدر من الجسامة، أما إذا كان
من قبيل الضرر المألوف كأن يكون ناتجا عن الالتزامات العادية للجوار كالدخان
المنبعث عن إعداد واجبات الطعام اليومية أو الضجيج المألوف داخل العمارات، فإن
الأمر لا يستوجب المسؤولية.
تطرق
المشرع المغربي لمضار الجوار في مدونة الحقوق العينية من خلال المادة 74 و التي جاء فيها: " اذا
امتدت أغصان الأشجار فوق أرض الجار فله أن يطالب بقطعها الى الحد الذي تستوي فيه مع
حدود أرضه وتكون له الثمار التي تسقط منها طبيعيا".
كما
أنه يجوز للمالك أن يقوم بتسوير ملكه، شريطة مراعاة عدم الإضرار بجاره ضررا بينا،
كما أنه لا يسوغ له هدم الحائط المقام مختارا دون عذر قوي خاصة إذا كان ملك الجار
يستتر بهذا الحائط . ونمثل هنا للحالة التي نكون فيها بصدد أرضين متجاورتين يفصل
بينهما سور، بحيث تكون إحداهما مخصصة للزراعة بينما تكون الثانية مخصصة فقط للرعي
وتربية الماشية، ففي الحالة التي يرغب فيها صاحب الأرض الثانية إزالة السور الفاصل
بينه وبين جاره، يحق للأول منعه لأن من شأن ذلك السماح للماشية المرور إلى أرضه وإتلاف مزروعاتها.
تنص المادة 76 من القانون
رقم 08.39 على
أنه:
"يحق للمالك أن يسور ملكه على أن لا يحول ذلك دون استعمال مالك عقار مجاور
لحقوقه، ولا يجوز له أن يهدم الحائط المقام مختارا دون عذر قوي إن كان هذا يضر
بالجار الذي يستتر بهذا الحائط، ليس للجار أن يجب جاره على تسوير أرضه إلا إذا
تضرر من ذلك".
الفقرة الثانية: نظرية التعسف في استعمال الحق
لم
يعالج المشرع المغربي نظرية التعسف في استعمال الحق باستقلال عن الخطأ، وهذا راجع للارتباط
الموجود بين كل من الخطأ والتعسف في استعمال الحق والذي لا يعتبر إلا مظهرا من
مظاهر الخطأ.
إن
المصلحة في إطار التعسف تتحقق، لكن إما بشكل تافه أو أنها فقدت ضابط المشروعية. فالحق إذا كان استعماله
من أجل جلب منفعة شخصية لصاحبه أمر لا جدال فيه ولو أدى إلى المساس بالغير، فإن
هذا الحق رهين بأن لا يكون القصد منه سوى الاضرار بذاته، لأن ذلك من شأنه أن يجرده
من المشروعية وهذا أمر مخالف للهدف من وراء استعمال الحق.
تنطلق
نظرية التعسف في استعمال الحق من الفصل 94 ق.ل.ع والذي جاء فيه : (لا محل
للمسؤولية المدنية إذا فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله، غير أنه
إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير وكان من الممكن
تجنب هذا الضرر أو إزالته، من غير أذى
جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه
أو لإيقافه).
لقد
كانت محكمة كولمار الاستئنافية بتاريخ 2 ماي 1855 أول من قال في القضاء الفرنسي
بوجوب المساءلة عند توفر نية الاضرار، حيث قضت تلك المحكمة بهدم مدخنة كان قد
أقامها صاحبها بسطح منزله، ولكن في مواجهة نافذة جاره قصد إيذائه، فقررت ما يلي:
«ومن
حيث إن المبادئ العامة تقضي بأن حق الملكية هو على وجه ما حق مطلق، يبيح للمالك أن
ينتفع بالشئ، وأن يستعمله وفقا لهواه، ولكن استعمال هذا الحق، كاستعمال أي حق آخر
يجب أن يكون حده هو استيفاء مصلحة جدية مشروعة، وأن مبادئ الأخلاق والعدالة
لتتعارض مع تأييد القضاء لدعوى يكون الباعث عليها رغبة شريرة، وقد رفعت تحت سلطان
شهوة خبيثة دعوى لا يبررها أية منفعة شخصية وهي تلحق بالغير أذى جسيما».
بعد
هذا الحكم، توالت الأحكام بصدد نية الإضرار من ذلك الحكم بالتعويض على أمين النقل
الذي يترك عربات القمامة قبالة عقار جاره طويلا وفي فترات كثيرة بغير ضرورة ، والحكم بالتعويض على
المالك الذي بنى موقدا بجوار الجدار الذي يفصل بينه وبين جاره، فتسبب عن ذلك
انتشار الدخان من مدخنة الموقد على عقار الجار لما تبين أنه كان من الممكن لهذا
المالك أن يبني موقده في موضع آخر، ولكنه اختار هذا المكان عمدا لإيذاء الجار(2) ، والحكم بالتعويض على
مالك العقار المجاور لإحدى الفنادق المهمة للحمامات والذي أراد إجراء بعض
الإصلاحات والترميمات بعقاره، وبدلا من إجرائها قبل موسم الحمامات أو بعده، فإنه
اختار بدء الموسم عند افتتاح الفندق، فضايق الغبار والضجة المصيفين، وكان أساس
مسؤوليته أنه أساء اختيار الوقت الذي يستعمل فيه حقه غير المتنازع فيه(3).
مما
سبق يتضح أن الحقوق يجب أن لا تستعمل إلا لجلب النفع أو دفع الضرر. فمن يمارس حقا ويتعمد
الإضرار من خلاله بالغير يكون مسؤولا عن هذا الضرر، وهو ما أكده المشرع المغربي في
الفصل 94 من ق.ل.ع بحيث إذا كان قد نص على أنه : (لا محل للمسؤولية المدنية إذا
فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله)، يكون عن طريق الاستنتاج
بالمفهوم المخالف قد أقر بصورة واضحة المسؤولية على من يستعمل حقه بقصد الإضرار.
هكذا
يثبت التعسف في مجال الملكية
إذا كان صاحب الحق قد تجاوز في ممارسة حقه الحدود المألوفة. فإذا
كان المشرع المغربي قد منع الجيران من أن يطلبوا إزالة الأضرار الناشئة عن
الإلتزامات العادية للجوار كالدخان الذي يتسرب من المداخن وغيره من المضار التي لا
يمكن تجنبها والتي لا تتجاوز الحد المألوف، فهو قد سمح لهم بأن يطلبوا إزالة
الأضرار إذا تجاوزت الحدود المألوفة وذلك تطبيقا لنص المادة 91 من ق.ل.ع، حيث
للجيران في مواجهة أصحاب المحلات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة، الحق في أن
يطلبوا إما إزالة هذه المحلات، وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير للقضاء على
الأضرار التي يتظلمون منها، ونص كذلك على أن الترخيص الصادر من السلطات المختصة لا
يحول دون مباشرة هذا الحق.
الفقرة الثالثة: قرارات قضائية متعلقة بنظرية مضار الجوار ونظرية التعسف في استعمال حق الملكية
أولا: القرار رقم 133
المؤرخ
في 6 فبراير2008
819/3/1/2004
رقم تجاري ملف
قياسات
ضجيج مرتفعة – مخالفة معايير دولية - نشاط
صنع آالت ضخمة وصباغتها - إيقاف النشاط.
المحكمة
لما ثبت لها من المعاينة المنجزة ابتدائيا أن قياسات الضجيج داخل الورشة المنبعث
من بعض الآلات يفوق ما هو مسموح به في المعايير الدولية، وأن الضرب بالمطرقة
الحديدية على الصفائح الحديدية أثناء التركيب أو الإصالح أو تصادم الصفائح يصدر
ضجيجا نقريا يفوق المستويات المسموح بها ومن تقرير الخبير أن الأصوات المنبعثة من
الآلات يمكنها أن تقلق راحة السكان وقضت بتأييد الحكم الأبتدائي بعلة أن الغاية هي
إيقاف النشاط لما يحدثه من ضرر للجيران تكون قد عللت قرارها تعليال كافيا ومرتكزا
على أساس قانوني.
رفض
الطلب
ثانيا:
القــرار رقم 206/5
المؤرخ
في 08 أبريل 2014
3964/1/5/2013
رقم مدني ملف
ضرر
الجوار غير المألوف - تواجد محل للنجارة وسط مساكن – معاينة – حجة
إثبات الضرر- ترخيص السلطات الإدارية – إزالة الضرر.
المحكمة
لما أيدت الحكم االبتدائي القاضي برفع الضرر اعتمدت المعاينة المنجزة ابتدائيا
واعتبرتها حجة على ثبوت ضرر الجوار ولم تكن ملزمة باتخاذ أي إجراء من إجراءات
التحقيق الأخرى طالما أنها وجدت فيما ذكر ما يكون قناعتها ويثبت لها وجود ضرر غير
مألوف من جراء تواجد محل النجارة وسط المساكن لما تثيره اآلالت
من
ضجيج حاد ومن انتشار للغبار وهو من الأضرار المتقلبة التي لا تستقر على حالة واحدة
ولا تواجه بالقدم، وأنه عملا بمقتضيات الفصل 91 من ق .ل .ع، فإن ضرر الجوار غير
المألوف يزال ولا يحول الترخيص المسلم من السلطات الإدارية دون رفعه، و يكون بذلك
قرارها مرتكزا على أساس.
رفض
الطلب
ثالثا: القرار رقم 633
المؤرخ في 09 يوليوز 2008
ملف إداري رقم 2007 / 2/ 4/
460
)المكتب الشريف للفوسفاط ضد السيد الطاهر الفيلالي(
نظرية مضار الجوار– نظرية تحمل التبعية - الضرر غير المألوف – نشاط
صناعي- مسؤولية بيئية.
إن مسؤولية المكتب الشريف للفوسفاط إنما تقوم على نظرية مضار الجوار أو ما يعرف بالضرر غير المألوف والذي يتجلى حسب وقائع القضية في انبعاث الدخان والغازات من معامله وقد تسببت في الإضرار بمزروعات المطلوب، وهي مسؤولية لا تقوم على الخطأ أو على التعسف في استعمال الحق وإنما تقوم على نظرية تحمل التبعية، بمعنى أن المكتب يتحمل نتيجة نشاط استعمال معامله التي يستفيد منها فيبقى عليه مقابل ذلك تعويض أصحاب الأراضي المجاورة والمتضررة.
رفض الطلب
رابعا: القرار رقم 2146
المؤرخ في 11 مايو 2010
ملف مدني رقم 2009 / 7/ 1/
874
مضار الجوار - التعسف في استعمال الحق – استغلال محل لتربية الدجاج
– مضار تفوق الحد المألوف- التعويض.
إن الدعوى أقيمت في إطار مضار الجوار المستمدة من التعسف في استعمال الحق، الذي يلزم المطلوب ضدهم على أساسه كأصحاب محل لتربية الدجاج بالتعويض عما أحدثوه باستغلالهم للمحل المذكور من مضار تفوق الحد المألوف الذي يمكن للطاعن احتماله حسبما جاء بتقرير الخبرة، وأن لمحكمة الموضوع، بعد أن ثبت لديها حصول الضرر، كامل الصلاحية في اختيار الطريقة التي ترى فيها أنها الأنسب في إصلاح الضرر، وأنها لما قضت بما رأته كفيلا بإزالته أو إرجاعه إلى الحد المألوف وفق ما رآه الخبير دون حرمان الطاعنين من حقهم في استغلال محلهم دون تعسف، تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في ذلك ولا معقب عليها، ويكون ما أثير بالوسيلتين بدون أساس.
رفض الطلب
المطلب الثاني: الاجتهاد القضائي المتعلق بمبدأ الحيطة
رغم أن التطور الصناعي و التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم له الكثير من الايجابيات في تحسين الحياة و تجويدها ، الا انه خلف مجموعة من الاضرار على الانسان و البيئة .
الامر الذي جعل من قواعد المسؤولية المدنية بمفهومها التقليدي عاجزة عن تحقيق الحماية
للأطراف المتضررة . وهذا ما دفع العديد من الدول خاصة الاوروبية الى تبني قواعد و مبادئ جديدة يمكن من خلالها حماية البيئة و الصحة العامة للافراد ، و يبقى أهمها مبدأ الحيطة ، الذي تم اقراره في العديد من المواثيق و الاعلانات الدولية المرتبطة بحماية البيئة .
هذا ما أدى إلى ظهور تصور جديد لنظرية مضار الجوار غير المألوفة التي أصبحت تقوم
على مبدأ الحيطة كأساس لتقرير
الفقرة الأولى: تعريف مبدأ الحيطة
عرف المشرع الفرنسي مبدأ الحيطة في قانون بارني الصادر في سنة 1995 بأنه:
" غياب اليقين العلمي على ضوء المعرفة الحالية و التكنولوجية ، لا يجب أن يؤجل تبني تدابير فعلية و متوازنة قصد الوقاية من الأضرار الجسيمة و الانعكاسية للبيئة و بتكلفة مقبولة اقتصاديا".
و من خلال هذا التعريف يمكن القول بأن مبدأ الحيطة يقوم على اتخاذ التدابير الاستباقية و
الاحترازية تجاه أي نشاط أو عمل من الممكن أن يسبب أضرار وخيمة على الأفراد و البيئة.
الفقرة الثانية: شروط مبدأ الحيطة
أولا: عدم اليقين العلمي
إن التطور العلمي و التكنولوجي جعل من النتائج المتوصل اليها تتسم بغياب اليقين العلمي
حولها ، مما جعل عامل الشك أو الر يب عنصرا ضروريا لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار في
غالبية الأنشطة ، مما جعل هذا الشرط يفرض نفسه و ينطبق عندما تكون هناك شكوك
كبيرة بمعنى عدم وجود يقين علمي ثابت حول العلاقة السببية العلمية لحجم و طبيعة حدوث
الخطر و حجم الأضرار الناجمة عنه.
ثانيا:أن يكون الخطر احتمالي
بمعنى أنه يمثل أضرارا يتوقع حصولها ، فهي تتضمن كل
المخاوف
و التهديدات التي من الممكن أن تكون حقيقية أو من الممكن افتراض حدوثها كالأخطار الايكولوجية التي تهدد البيئة البشرية ، أو المنتجات أو الخدمة لعدم سلامتهما
الاستهلاكية.
ثالثا: خطورة الضرر
أما الشرط الثالث لتطبيق مبدأ الحيطة فيتمثل في خطورة وجسامة الضرر لأن الخطورة هي
التي تبرر اتخاذ التدابير اللازمة دون انتظار الحصول على اليقين العلمي.
لقد
وجد مبدأ الحيطة تطبيقا له في القانون المغربي من خلال مجموعة من النصوص القانونية.
يعتبر
القانون الإطار بمثابة الميثاق الوطني لحماية البيئة من القوانين التي أرست مبدأ
الاحتراز أو الحيطة و جعله في المادة الثانية منه عنصرا من عناصر التأطير التي يجب
التقيد بها حين إعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات والبرامج ومخططات العمل من
قبل الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة ومن قبل باقي
الأطراف المتدخلة في مجالات البيئة والتنمية المستدامة.
عرف
القانون الإطار هذا المبدأ كالتالي:
مبدأ الاحتراز: يتمثل في اتخاذ تدابير
ملائمة و فعالة ومقبولة اقتصاديا واجتماعيا، لمواجهة الأضرار البيئية المفترضة
الخطرة أو التي لا رجعة فيها أو مخاطر ممكنة، ولوفي غياب اليقين العلمي المطلق حول
الآثار الحقيقية لهذه الأضرار والمخاطر.
كما نصت لمادة 55 منه على أنه:
دون الإخلال بأحكام الظهير الشريف
الصادر في 25 أغسطس 1914 المنظم للمؤسسات المضرة بالصحة أو المزعجة أو الخطرة
والنصوص المتخذة لتطبيقه كما وقع تغييرها وتتميمها، يتضمن طلب الترخيص المنصوص
عليه في الفقرة الثانية من المادة 52 أعلاه لزوما:
معلومات
حول الشخص أو الأشخاص طالبي الترخيص؛
معلومات
حول المطرح المراقب أو المنشأة المزمع إحداثها وموقع إقامتهما؛
طبيعة
الأنشطة المزمع مزاولتها وأنواع النفايات وكمياتها؛
المواصفات
التقنية وطرق معالجة النفايات وتثمينها والتخلص منها؛
الاحتياطات
الواجب اتخاذها لضمان شروط السلامة والمحافظة على البيئة؛
دراسة
التأثير على البيئة.
قرار
الموافقة البيئية المنصوص عليه في القانون رقم 12.03 المتعلق
بدراسات التأثير على البيئة.
الفقرة الثالثة: أمر استعجالي متعلق بمبدأ الحيطة
بتاريخ 2-6 2015، أصدر قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بمكناس أمراً استعجالياً 612 2015/ في الملف الاستعجالي عدد 2015 /1101
/ 209 ، يعد من بين الأوامر المبدئية التي أقرت مبدأ رفع الضرر
المرتبط بأجهزة تقوية إرسال الهواتف الخلوية التي يتم تنصيبها فوق سطوح المنازل.
وكان ساكنة العمارةتقدموا بدعوى استعجالية في
مواجهة مالك العمارة وشركة اتصالات. وقد عرضوا فيها أن مالك العمارة عمد إلى منح سطحها إلى شركة
اتصالات قصد تركيب الجهاز اللاقط الخاص بالهاتف الخلوي. والتمسوا توقيف أشغال بناء الجهاز اللاقط، وتفكيك الجزء الذي تم
تركيبه منه، لوجود ضرر وشيك الوقوع على صحة ساكنة العمارة بسبب الإشعاع المغناطيسي
المنبعث من الجهاز. وأجابت شركة الاتصالات المدعى عليها بأن المدعين لم يثبتوا وجود
الضرر. وأكدت أنها تشتغل وفق دفتر تحملات مضبوط
تحت مراقبة الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات التي تقوم بمراقبة وقياس شدة الحقل
الكهروميغناطيسي بالقرب من المحطات الأساسية، معتمدة على منشور وزير الصحة الذي
يؤكد أن المعلومات العلمية المتوفرة لدى الوزارة لا تقدم أي دليل قاطع على وجود
أضرار صحية أو تأثير على صحة الانسان داخل الحقل الكهروميغناطيسي.
حيثيات القضية
علل قاضي المستعجلات أمره بحيثيات غير مسبوقة
معتمدا على مبدأ الحيطة والحذر الذي يقتضي اتخاذ بعض التدابير الاحترازية كلما
توفر سبب كاف للاعتقاد بأن نشاطا ما قد يسبب أضرارا جسيمة بصحة الانسان، معتبرا أن
وجود مجرد شك في مدى سلامة أجهزة شبكة الارسال الخاصة بالهاتف الخلوي يبقى سببا
وجيها لإعمال مبدأ الحيطة والحذر في التعامل معها ومن ثم اعتبر طلب اصدار أمر بوقف
أشغال تنصيب برج تقوية شبكة الارسال الخاصة بالهاتف الخلوي فوق سطح العمارة طلبا
وجيها، يدخل ضمن اختصاص قاضي المستعجلات بالنظر إلى حالة الخوف التي تصيب ساكنة حي
من جراء تنصيب مثل هذه الأجهزة التي يخشى منها على سلامة صحتهم.
وهكذا جاء في حيثيات الأمر الاستعجالي:
“ولئن كانت الأبحاث العلمية المتوفرة حاليا لم تجزم بوجود أضرار
في الاشعاعات الكهروميغناطيسية غير المؤينة المنبعثة عن المنشآت الكهربائية
اللاسلكية، فإنها لم تحسم في مقابل ذلك في مدى سلامتها على صحة الانسان خاصة على
المدى البعيد مما يوجب اعتماد مبدأ الحيطة والحذر في التعامل معها.
وحيث إن مبدأ الحيطة والحذر يقتضي اتخاذ تدابير
احترازية عند الاقتضاء كلما كان هناك سبب كاف للاعتقاد بأن أي نشاط أو منتج قد
يسبب أضرارا جسيمة بشكل غير قابل للتدارك على صحة الانسان، دونما الحاجة إلى إقامة
الدليل القاطع والملموس على وجود علاقة سببية بين هذا النشاط أو المنتج والأضرار
الوخيمة التي قد تترتب عليه مستقبلا.
وحيث والحال كذلك فإن عدم ثبوت ضرر محدق وملموس
بالمدعين لا يحول دون البت في الطلب اعتبارا لضرورة اعمال مبدأ الحيطة والحذر
وأخذا بعين الاعتبار للآثار المباشرة المترتبة عن حالة الشك المرتبطة بسلامة أجهزة
الارسال المدعى فيها،
وحيث أن حالة الخوف التي تصيب ساكنة حي من جراء تنصيب برج لتقوية شبكة الارسال الخاصة بالهاتف الخلوي بالمحاذاة من سكناهم ومن منطق عدم اليقين العلمي الذي يحوم حول سلامتها على صحتهم، ولما لهذه الحالة من تأثير على راحتهم النفسية وسكنهم وحتى استقرارهم ليجعل حالة الاستعجال قائمة في الدعوى، وموجبا لتدخل قاضي المستعجلات لأمر شركة الاتصالات بإيقاف أشغال تنصيب برج تقوية شبكة الارسال الخاصة بالهاتف الخلوي فوق سطح العمارة المذكورة وإزالة الأجزاء المركبة، تحت طائلة غرامة تهديدية.
المطلب الثالث: الاجتهاد القضائي المتعلق باستغلال الملك العام المائي
تنقسم الملكية بصفة عامة إلى قسمين أساسيين : ملكية عامة و ملكية خاصة .و من هذا المنطلق فإن القاعدة العامة تقضي بأن ملكية الأرض تمتد إلى ما يعلوها و ما يوجد أسفلها تبعا لما ورد في مدونة الحقوق العينية ، إلا أنه و كاستثناء من
هذه القاعدة العامة، فإن جميع الموارد الطبيعية هي ملك من الأملاك
العمومية
للدولة و التي من بينها المياه
الملك العمومي المائي هو مجموع الأملاك المائية وتلك ذات الصلة بالماء. وتنقسم هذه الأملاك؛ حسب مقتضيات
المادة الثالثة من القانون 36.15 المتعلق بالماء إلى أملاك عمومية طبيعية تشمل المياه والأراضي المغمورة بهذه
المياه، وأملاك عمومية اصطناعية تشمل المنشآت المائية .
ويتكون الملك العام المائي الطبيعي، وفقا لمعطيات وكالات الأحواض المائية لسنة 2017 ، من حوالي 77.884 كلم من مجاري المياه، و 4.647 كلم مربع من المسطحات المائية، و 250.400 كلم مربع من فرشات المياه الجوفية، و 783 من المنابع المائية. فيما يتكون الملك العام الاصطناعي، أساسا، من 139 سد كبير بسعة تخزينية تزيد عن 17,6 مليار متر مكعب، و 157 سد صغير وبحيرات تلية بسعة تخزين أولية تبلغ حوالي 86 مليون متر مكعب. كما يتكون الملك العام الاصطناعي أيضا من عدة آلاف من الكيلومترات من القنوات وأنابيب المياه والسواقي.
ويتوفر المغرب على إمكانيات من الموارد المائية، يقدر متوسطها السنوي بحوالي 22 مليار متر مكعب، بما في ذلك 18 مليار متر مكعب من المياه السطحية، و 4,2 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، أي ما يعادل 700 متر مكعب للفرد في السنة . وتتميز موارد المياه السطحية بتقلبات كبيرة جدا، تتفاوت، حسب السنوات، من 5 إلى 50 مليار متر
مكعب
تتطلب المصلحة العامة الحفاظ على الموارد المائية كما و كيفا بغرض احترام التوازن الطبيعي للمحيط و ديمومتها، حيث أن الماء يعتبر موردا للتنمية
الاقتصادية و الاجتماعية من جهة و ثروة مشتركة للأمة من جهة ثانية .
لذلك، تعتبر البيئة المائية أحد أهم العناصر التي يجب حمايتها لما لها من أهمية خاصة في الحياة، و يتم ذلك عن طريق سن نصوص
قانونية فعالة قصد تنظيم توزيع الموارد المائية ومراقبة استغلالها وكذا ضمان
حمايتها و الحفاظ عليها.
يتجلى ذلك من خلال التشريع الحالي للمياه في المغرب و المتمثل في مجموعة من النصوص القانونية التي بادر
المشرع
إلى إصدارها و التي تم تحيينها في مراحل و تواريخ مختلفة و المتمثلة في:
الظهير الشريف لفاتح يوليوز 1914 حول الأملاك العامة كما وقع تتميمه .
الظهير الشريف بتاريخ 16 غشت 1995 بتنفيذ القانون 10.95 المتعلق بالماء .
الظهير الشريف بتاريخ 10 غشت 2016 بتنفيذ القانون 36.15 المتعلق بالماء .
قبل
التطرق للمشاكل التي يثيرها استغلال الماء و التي نمثل لها من خلال قرارات قضائية،
نتطرق أولا للإطار القانوني للملك العام المائي و لمكونات هذا الملك، ثم ثانيا
للحقوق الواردة على الملك العام المائي، كل ذلك وفق ثلاثة مطالب كاتالي:
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للملك العام المائي و مكوناته
يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا و مادة ضرورية يرتكز عليها استمرار الحياة. كما أنه يعتبر
مورد يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان و المكان، و شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.
و ينظم استعمال الماء في المغرب كما سبق الإشارة إليه مجموعة من النصوص القانونية لعل أبرزها القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، والذي يعرف الماء في المادة الثالثة
منه كالتالي :
"مادة حيوية مكونة من أوكسجين و هيدروجين في أشكالها الثلاث السائلة و الصلبة و الغازية
و هو ملك عمومي غير قابل للتملك الخاص و التصرف فيه بالبيع و الشراء باستثناء ما ورد
بالفرع الثاني من الباب الثاني من هذا القانون" .
ليأتي بعدها و يعرف الملك العمومي المائي بكونه :
"مجموع الأملاك المائية و تلك ذات الصلة بالماء، و التي تنقسم إلى صنفين :
أملاك عمومية طبيعية و أملاك عمومية اصطناعية ".
تبعا لما ورد في القانون 36.15 فان مكونات الملك العام المائي هي كالتالي :
أملاك عمومية طبيعية و التي تشمل المياه و الأراضي المغمورة بهذه المياه، و أملاك عمومية اصطناعية و التي تشمل المنشآت المائية ، و كذلك جميع المياه القارية سواء كانت سطحية أو جوفية أو عذبة أو أجاجة أو مالحة أو معدنية أو
مستعملة
و كذا مياه البحر المحلاة المسالة في الملك العمومي المائي و المنشآت المائية و ملحقاتها المخصصة لاستعمال
عمومي.
تعد جزءا من هذا الملك المسطحات المائية و المنشآت المائية.
الفقرة الثانية: الحقوق الواردة على الملك المائي العمومي
بالرجوع إلى القانون
39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية نجده ينص على ثلاث أنواع من
حقوق الارتفاق المتعلقة بالماء و هي:
حق الشرب و حق المجرى و حق المسيل أو الصرف.
أولا: حق الشرب
تناول المشرع حق الشرب في المواد من
50 إلى 55 من مدونة الحقوق العينية. و المقصود بحق الشرب حسب المادة
50 من م. ح .ع أنه
" نوبة من الماء ينتفع بها لسقي الأراضي و ما بها من غرس و شجر"، فكل شخص من حقه الانتفاع بالمياه العامة كسقي الأرض أو بعد أخذ إذن المالك في حالة الملك الخاص لمورد مائي. و قد نصت كل من المادة
51 و 52 على ضرورة مراعاة القوانين المتعقلة بالماء. و ينتقل حق الشرب لزوما بانتقال حق ملكية الأرض التي تنتفع به.
ثانيا: حق المجرى
عرفته المادة 56 من م .ح .ع على أنه: " الحق في تمرير ماء الري من مورده بأرض الغير للوصول به إلى الأرض المراد سقيها به و ذلك عبر مجرى أو مواسير". لثبوت حق المجرى لابد من تحقق البعد عن مورد المياه من ناحية أولى و أحقية المالك في التصرف في هذه المياه من ناحية ثانية، و أن يدفع تعويضا مقدما إلى مالك الأرض التي تمر بها
مياه المجرى من ناحية ثالثة
و يمنع على ملاك الأراضي منع من ثبت له هذا الحق من تمرير الماء بأراضيهم، و هذا ما
أكدته المادة 57 من م. ح. ع.
ثالثا: حق المسيل أو الصرف
نظم المشرع حق المسيل في المواد من
60 إلى 63 من م .ح. ع . و المقصود بحق المسيل أو
الصرف هو تلقي الأرض المنخفضة المياه السائلة من الأرض التي تعلوها مالم تسهم يد الإنسان
في إسالتها، و لا يسوغ لمالك الأرض المنخفضة منع هذا السيل مادام طبيعيا، و لا حق له في التعويض مادام صاحب الأرض العالية لم يزد في عبء الارتفاق
كما أن مياه الأمطار التي تنزل بأرض، فإن لمالكها الحق في التصرف فيها دون إضرار بالغير، و
إلا وجب عليه التعويض
و تصريف المياه الزائدة عن الحاجة أو غير الصالحة ، بحيث
يشترط لتمريرها، أن تمر في مواسير حتى لا تسبب للعقار
المرتفق به إلا أقل ضرر و ذلك مقابل تعويض مناسب و هذا ما نص عليه المشرع من خلال المادتين 62 و
63 من م .ح. ع.
بالنسبة للحقوق الواردة على الماء و المنصوص عليها في القانون
36-15 فهي الحق في ملكية الماء و حق الانتفاع به و حق استغلاله.
الفقرة الثالثة: قرارات قضائية متعلقة باستغلال الملك العمومي المائي
أولا: القرار 5/ 703
المؤرخ في
2014 / 11 / 25
ملف مدني عدد
2014 / 5/ 1/ 2304
تصريف المياه العادمة- رفع الضرر
إذا كان موضوع الدعوى هو رفع الضرر وليس الاستحقاق ، فإن المحكمة غير
ملزمة
بالبحث في الملكية.
المحكمة لما ثبت لها من خلال المعاينة المنجزة ابتدائيا وجود مصرف للمياه العادمة وبه مياه ملوثة تمر غرب منزل المطلوب في النقض وامتدادها من منزل طالب النقض الذي له إمكانية تصريفها من جهة أخرى نحو الطريق العمومية وقضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفع الضرر بإغلاق المصرف كان قرارها معللا
ومرتكزا على أساس من القانون، وعدم الالتفات إلى أن الضرر قديم غير مؤثر لأن الأمر يتعلق بمياه عادمة وهي من الأضرار المتغيرة التي لا تستقر على حالة واحدة حتى يتأتى التمسك بكون ضررها قديم ، أما كون الطاعن لا يتوفر على مصرف غيره
فهو من جهة مخالف لما ثبت لدى المحكمة من إمكانية تصريف المياه نحو جهة
الطريق العمومية، ومن جهة أخرى فإن الدفع يتعلق بطلب ارتفاق ليس موضوع الدعوى أما كون الضرر لا يزال بأكبر منه فقد أجاب عنه القرار بإمكانية فتح المجرى نحو الطريق العمومية.
ثانيا:
القرار عدد :
1827
المؤرخ في :
2010 / 12 / 9
ملف تجاري عدد :
2010 / 1/ 3/ 611
التدبير المفوض للنفايات السائلة -
تصريف مياه التطهير- تأثير
التسربات - مسؤولية شركة.
إن تقرير المختبر الرسمي اثبت أن التلوث اللاحق بالعقار وبالبئر الموجودة به كان نتيجة تسرب مياه ملوثة وغائطية من محطة الضخ التي تشرف شركة )ريضال( على تدبيرها إضافة إلى تقرير الخبير المتضمن وجود فوهة في الخزان كلما وصل مستوى مخزون المياه العادمة إلى هذه الفوهة يتدفق في القناة السطحية )مجرى مياه الأمطار( ويمر المجرى بمحاذاة العقار ونتيجة لقرب البئر المتواجد بالعقار من مجرى المياه فان ماءه عكر تفوح منه رائحة المياه العادمة والتلوث ظاهر لمجرد الرؤية بالعين المجردة. وهو ما ثبت منه للمحكمة حصول الضرر بسبب المياه العادمة التي تتدفق عبر مجرى مياه الأمطار بفعل الشركة دون غيرها وبذلك لم يكن هناك ما يدعوها لاستدعاء شركة « لاسامير » أو الأمر بإجراء خبرة مضادة طالما أغنتها الخبرة المعتمدة التي أحاطت بالجانب الفني للنزاع عن هذا الإجراء، وهو ما جعل القرار غير
خارق لأي حق من حقوق الدفاع ومعللا بما يكفي.رفض الطلب.
القــرار رقم: 463/2
الـمـؤرخ فـي: 15/05/2014
مـلـف إداري رقم : 2680/4/2/2012
الدولة المغربية ومن معها/ شركة أمبريماتيكس ومن معها
تصريف المياه الملوثة ومياه الأمطار- إنشاء قناة- وقوع
فيضانات
– أضرار – مسؤولية الدولة.
المحكمة لما ثبت لها من عناصر ومعطيات النزاع ومن
تقرير الخبير، تحقق قيام
مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي نتجت عن الفيضانات
من خلال عدم أخذها بعين
الاعتبار جميع العوامل عند إقامة الحاجز وانشاء القناة
لتصريف المياه، وتبعا لذلك
عدم اتخاذها قبل ذلك الاحتياطات اللازمة من أجل تفادي
وقوع مثل هذه الحوادث
بإعداد دراسات تقنية وهندسية معمقة ودقيقة تأخذ فيها
بعين الاعتبار الطبيعة
المرفولوجية للمنطقة وضعف تصريف المياه المتجمعة وعدم
قدرة القناة الملبسة بالخرسانة
على ذلك، وكذا قوة عامل المد البحري الذي قد يحد من سرعة التصريف ويقف حاجزا أمامه، وقضت
بالتعويض لفائدة الشركة المتضررة، فإنها تكون قد عللت
قرارها تعليلا سليما وسائغا ولم تتبن من خلاله تعليل
حكم المحكمة الإدارية بهذا
الخصوص وإنما أسست قضاءها على علة جديدة، فكان بذلك ما
تمسك به الطرف الطاعن
من فساد تعليل الحكم المستأنف وتحريف للوقائع من طرف المحكمة.