الحكامة الجيدة في النظام الدستوري المغربي pdf

الحكامة الجيدة في النظام الدستوري المغربي pdf

المؤسسات التقليدية المتدخلة في ارساء الحكامة الجيدة

تقوم حكامة التنمية على نهج مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة والديمقراطية، والتشاركية من خلال توفير مجموعة من الأجهزة والآليات المؤسساتية التي تتوزع بين ما هو رسمي، وبين ما هو غير رسمي.


أولا : المؤسسة الملكية

شكل الفصل 19 من الدستور المغربي ،دعامة أساسية للتبوء المؤسسة الملكية مركز الصدارة على باقي المؤسسات الأخرى ، فهذا الفصل يحيل على تعدد أنماط مشروعية المؤسسة الملكية من مشروعية دينية نابعة من لقب إمارة المؤمنين ، إلى مشروعية تاريخية تتجلى في كون الملكية رمز الوحدة واستمرارية الدولة، ثم مشروعية تعاقدية تجسدها البيعة التي تعتبر في نظر الفقهاء ميثاقا تعاقديا ، تتحدد بموجبه حقوق وواجبات كل من الراعي والرعية .
وقد جاءت الملكية مرتبة في الباب الثالث من دستور 2011 بعد الباب الأول الخاص بأحكام عامة والباب الثاني الخاص بالحقوق والحريات الأساسية، مما يدل على أن المؤسسة الملكية في دستور 2011 لا زالت تحتل مكانة الصدارة في البناء الدستوري للنظام السياسي المغربي. وقد تم بموجب المراجعة الدستورية الجديدة تقسيم الفصل 19 إلى فصلين ، فصل يتضمن الصلاحيات الدينية للملك باعتباره أميرا للمؤمنين وهو الفصل 41،وفصل خاص بالصلاحيات المدنية للملك باعتباره رئيسا للدولة وممثلها الأسمى وهو الفصل 42، وهذا الفصل من شأنه أن يحد من تداخل الاختصاصات بين الشأن الديني والدنيوي التي كان يكرسها الفصل 19 في الدستور القديم ، بالإضافة إلى حذف عبارة "الممثل الأسمى للأمة" التي كانت تجعل من الملك فوق المؤسسات التمثيلية الأخرى كالحكومة والبرلمان، كما أصبحت ممارسة هذه الصلاحيات المنصوص عليها في الفصول 41 و42 مقرونة بما هو متضمن في الدستور .
فدستور فاتح يوليوز 2011 يقطع مع العديد من المفاهيم التي كانت سائدة في الدساتير السابقة، وفي مقدمتها الانتقال من مبدأ سمو المؤسسة الملكية إلى مبدأ سمو الدستور،
فهذا المبدأ تمت الإشارة إليه في الخطاب التاريخي لتاسع مارس، ضمن المرتكزات السبعة التي اعتمدت في صياغة الدستور، وتجسد بشكل قوي من خلال تشديد الدستور المغربي الجديد على كون صلاحيات الملك كأمير للمؤمنين مقيدة بما هو منصوص عليه في الدستور، كما وقع التأكيد على هذا المبدأ في خطاب العرش (30 يوليوز 2011) عندما تم الحديث عن المرتكزات الثلاثة لتفعيل مقتضيات الدستور الجديد، ومن بينها تكريس مبدأ سمو الدستور من خلال اعتبار أية ممارسة تهدف إلى إفراغ الدستور الجديد من دلالته الديمقراطية بمثابة خرق المنطوق الدستور الجديد وروحه .إضافة إلى هذه الاختصاصات التي يمارسها الملك في إطار الفصل 41 و42، تضمن الدستور الجديد مجموعة من الصلاحيات التي يمارسها الملك سواء في الحالات الاعتيادية أو الاستثنائية.

ثانيا : السلطة التشريعية

يختص البرلمان شأنه شان باقي البرلمانات في النظم السياسية المعاصرة، بصلاحيات تهم مجال التشريع والمالية، والدبلوماسية، ومراقبة الحكومة، فما هي إذن المستجدات التي جاء بها دستور 2011 فيما يخص هذه الصلاحيات ؟
عمل المغرب منذ دستور 1962، بقاعدة العقلية البرلمانية ، مستوحيا تجربة العديد من الدساتير المعاصرة ، كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا في دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958. وتعني العقلنة البرلمانية حصر اختصاصات البرلمان ، والسماح للحكومة بتولي المهام الأخرى الخارجة عن البرلمان .وقد أخذت فرنسا بهذه القاعدة بناءا على تراكمات ، في حين نجد أن هذه التجربة في المغرب لم تكن ناتجة عن تراكمات.
وقد حدد الفصل 71 من دستور 2011 ، المجالات التي يختص البرلمان بالتشريع فيها بقوله :
"يختص القانون بالاضافة إلى المواد المسندة إليه ، بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين التالية :
. الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور
. نظام الأسرة والحالة المدنية
. مبادئ وقواعد المنظومة الصحية ...".
وتبعا للمقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد، فيما يخص صلاحيات البرلمان في مجال التشريع ، فإنه تم توسيع مجال القانون لينتقل من 30 اختصاص في دستور 1996 ، إلى أكثر من 60 في الدستور الحالي ، ورغم هذا التوسيع فإن أهم الصلاحيات المهمة التي أضيفت للسلطة التشريعية ، تتمثل في التقطيع الانتخابي والعفو العام والاتفاقيات الدولية .
وكرس الدستور الجديد شأنه شان باقي الدساتير المغربية ، العديد من الإجراءات التي تحد من سلطة البرلمان في مجال التشريع، حينما خول الفصل 71 للحكومة التشريع في المواد التي لا يشملها مجال القانون صراحة .
إضافة إلى هذه المقتضيات التي جاء بها الفصل 71 ، هناك تقنيتين تستطيع الحكومة عبرهما ممارسة نفس الاختصاصات التي يمارسها البرلمان ، الأولى تتجسد في قانون الإذن المنصوص عليه في الفصل 70 من الدستور ، وهو أن تقوم الحكومة بطلب الإذن من البرلمان من أجل إن يسمح لها ، لمدة محدودة وللغاية معينة بإصدار مراسيم يجري العمل بها بمجرد نشرها ، على أن تعرض على البرلمان عندما ينتهي الأجل الذي حدده قانون الإذن الإصدارها . أما التقنية الثانية فينص عليها الفصل 81 الذي يعطي للحكومة حق التشريع في الفترات الفاصلة بين دورات البرلمان ، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر بواسطة مراسيم
قانونية شريطة أن تحال على بعد ذلك على البرلمان بقصد المصادقة عليها في دورته العادية الموالية .
ب- الاختصاص المالي .
تعد السلطة المالية من الاختصاصات التقليدية للبرلمان في النظم السياسية المعاصرة وقد ذهب النظام السياسي المغربي في نفس الاتجاه، حيث جعلت جل الدساتير المغربية، السلطة المالية مجال خاص بالبرلمان ومنها دستور 13 شتنبر 1996 الذي ينص على الاختصاص المالي للبرلمان في الفصل الخمسون.
وقد تطرق الفصل 75 من الدستور الجديد إلى صلاحيات البرلمان في مجال المناقشة والتصويت على قانون المالية ، لكن نفس الفصل أورد العديد من القيود ، التي تجعل سلطة البرلمان محدودة في هذا المجال ، حيث لم يسمح للبرلمان بالتصويت على قانون المالية أكثر من مرة واحدة فيما يخص المخططات الإستراتيجية الطويلة الأمد ، وخص الحكومة وحدها بأحقية تعديل مشاريع القوانين الخاصة بهذه المخططات ، بالإضافة إلى إعطاء الضوء الأخضر للحكومة للفتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية ، في حالة تعذر مناقشة والتصويت على قانون المالية بسبب إحالته على المحكمة الدستورية . 

ثالثا : السلطة التنفيذية

جاءت التعديلات الدستورية ، الجديدة بمستجدات همت على الخصوص ،تقوية موقع الحكومة ورئيسها، داخل البناء المؤسساتي المغربي ، حيث تمت إعادة النظر في طريقة تعيين الحكومة ورئيسها ، وتوسيع مجال عملها ليشمل اختصاصات مهمة في مجال الحكامة والسياسات العمومية
أ- الحكومة كصانع سياسات عامة :
توفير سياسات منسجمة وفعالة ، لتحسين عملية اتخاذ القرارات و عملیات وضع القواعد والإجراءات الحكومية ، خاصة فيما يتعلق بانسياب المعلومات ذات العلاقة بالسياسات وتقييمها .
ب. الحكومة كمحفز للقطاع الخاص :
استمرار تطوير الإستراتيجيات ، الهياكل والأنظمة ، لتدع المدراء يديرون شؤون العاملين ، وإزالة المعيقات غير الضرورية وتقديم الحوافز المالية .

ملتقيات طلابية لجميع المستويات : قانون و إقتصـاد

شارك هدا

Related Posts

التعليقات
0 التعليقات